واقعنا الثقافى والديني بين القاعدة والاستثناء

تنمية بشرية
طبوغرافي

بقلم / حاتم مصيلحي
معلم لغة عربية وباحث

في الحضارة الإسلامية

 

الناظر لواقعنا الثقافي العام على اختلاف المشارب والمناهل يجد أن ثمة قاعدة ما أو مجموعة من القواعد التي أرساها أو أرستها الأعراف العلمية والنظريات الوضعية بعد طول بحث وتدقيق وتراكم الخبرات، ولكن مأمن قاعدة إلا ولها استثناء يخرجها عن حرفيتها ويسلمها إلى تصور أو تصورات قد تهوي بها إلى صفحات التاريخ ، وخوالف التجارب داخل المحتوى المعرفي هذا شأن القوانين والنظريات الوضعية.


فإذا ما انتقلنا إلى القوانين الإلهية، فبات الاستثناء فيها أدعى لترك القاعدة والنفور منها ، وتأويل الآيات القرآنية بغير مقصودها.. كأن يقال مثلا في الاستشهاد بقول الله تعالى (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) لكل من يتكاسل عن عبادة أو عمل بالترك.. ولكن إذا استطاعت النفس وكان في مقدورها القيام به وجب وإلا وقع المكلف في الإثم.


وفي قوله تعالى:( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) دلالة على التخفيف وعدم التشدد في أحكام الدين، جاهلا بحقيقة تفسير الآية ومرادها، وفيها نهي عن إكراه غير المسلم على الدخول في الدين عنوة ، أو بحد السيف كما زعم المفترون على الإسلام.


وفي قوله تعالى : ( ... فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه ) وقد وردت في معرض تحريم أكل الميتة...إلا من اضطر لذلك وخاف على نفسه الهلاك ..وسوغ ذلك كله مقولة الضرورات تبيح المحظورات) أو ( جلب المنفعة مقدم على درء المفسدة ).


فقد بات المحظور مباحا حلالا لوجود الضرورة من وجهة نظر الواقع في المحظور دون كراهة منه، والأخذ برخص التكاليف بغير وازع من دين أو ضمير بحجة ( إن الله يحب أن تؤتى رخصة كما تؤتى فرائضه ) يا سادة نحن في مهزلة حقيقية نجنيها اليوم في أبنائنا، ونعيب زمانهم والعيب فينا .