بقلم / حاتم مصيلحي معلم لغة عربية
وباحث في الحضارة الإسلاميةللإنسان عالمان، عالمه الواقعي المعاش الذي يصطدم فيه بالحياة ومشكلاتها، ويعاين ويخالط فيها أصنافا من الناس شتى شريفهم ووضيعهم، غنيهم وفقيرهم..يحاول من خلال هذا الواقع الحكم على الناس وتكوين رؤية سسيولجية لها.
وعالم آخر افتراضي يحلم أن يعيشه بالفعل ،وهذا ماتنبه إليه الفلاسفة قديما ،وتخيلوه في فلسفاتهم ، ودونوه في كتبهم ، ولكن لم يستطيعوا تحقيقه على أرض الواقع المعاش ،وقد وجد بعض المفكرين والأدباء عالمهم الآخر من خلال السوشيال ميديا، فعبروا عن مكنون صدرهم ،فتواردت الأفكار،وتعانقت المعاني، وتواصلت المفاهيم فشكلت بعدا ثقافيا جديدا،وبعدا اجتماعيا ونفسيا حديثا، يستطيع من خلاله الباحثون الاجتماعيون والنفسانيون إيجاد تصنيفا اجتماعيا جديدا ،لأبعاد نفسية وأخلاقية لا يستطيع قياسها المعالج النفسي داخل عيادته.
فمن خلال المتابعات اليومية لمرتادي مواقع التواصل الاجتماعي نجد أن بعض الناس قد تخلوا عن أدق الخصوصيات الحياتية وأصابهم هوس الشهرة والنجومية، فيعرضون لقطات حية لأدق لحظات حياتهم في رواحهم وغدوهم، بل وبعض مشاعرهم تظهر في صورة بوستات حزينة أو مفرحة ،وقد تظهر الخصومات عيانا بيانا ،والتي قد تصل لحد الإهانة الصريحة الواضحة، والتي تختم في النهاية ب ( الحظر ).
كما أصبحت تلك المواقع منتدى للثقافة والمعرفة وتبادل وجهات النظر، وهذه فئة أخرى أعلى وأرقي من الفئة الأولى، وقد تبدأ بعض القضايا فيها صغيرة، ثم تتطور فتكبر شيئا فشيئا، فتشغل بال الرأي العام ،وتتلقفها بعض برامج التوك شو لتدويرها وتصنع منها الظاهرة.
فالعالمان لا يمكن الفصل بينهما، فكل منهما يشكل جانبا للحياة التي نعيشها الآن، ولا بد من الأخذ بهما معا لقياس التطورات الاجتماعية والسلوكية والاقتصادية والفكرية لأي مجتمع إنساني.