بقلم د/ حمدي النورج
العشم في آل البيت والمصطفى العدنان....محمد مشرق النور..لسان الحق الداعي إلى الخير والسلام..المحب الحبيب...الذي حارب الشك والعبوس واليأس..كل حديث يوصلك إلى تقديس رأيك مرفوض ..وكل خلق ترى نفسك فيه مردود..وكل حديث ضغينة أو كبر أو حسد مكروه...
لا تحتاج الإنسانية إلى أكثر من كلمة حب...كلمة حب نتراحم بها جميعا...كل الفلسفات الكبرى...وقضايا الأخلاق المتأصلة...وإنجاز كبار الكتاب والمثقفين ينحو نحو خلق واحد هو نشدان الحب لرفعة الإنسان ورقيه...
هذه هي الرسالة الأهم والباقية. .. السابق هو المحور المتجلي في رسالة جمهرة من كبار كتاب مصر وعلمائها احتفالا بحضرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم...
.قامت جريدة الهلال العتيقة المؤسسة سنة 1892بإصدر عدد رائع عن أخلاق الحب تحت عنوان ...محمد رؤية جديدة....سنة 1978..اشترك في إصدار هذا العدد هذه الكتيبة الكبيرة من كبار الكتاب والمثقفين والمبدعين توفيق الحكيم...زكي نجيب محمود. ..أنيس منصور. .بنت الشاطيء ...يوسف السباعي..خالد محمد خالد...محمود علي مكي...محمد عبد الغني حسن...الإمام عبد الحليم محمود..الشيخ محمد متولي الشعراوي. .طه حسين...عباس محمود العقاد.. أحمد أمين...الشيخ علي عبد الرازق... أمين الخولي..زكي مبارك...أنور الجندي...محمد عبد المنعم خفاجة...فاروق شوشة...أحمد الشرباصي. .محمد عبد المنعم خاطر...محمد الحديدي..ماهر شفيق فريد...صلاح عدس..عادل الغمري..فؤاد بدوي...والدكتور حسين مؤنس الذي كان رئيسا للتحرير ...ما الذي يمكن أن يقوله كل هؤلاء في الاحتفال بعيد مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم..
كتب حسين مؤنس يقول إن الشدائد تعين على تقدير مقاييس الرجل أكثر مما تعين عليها مناسبات النصر والظفر والعبرة بمعدن الإنسان أو الأمة فمن يصبر للشدائد ويغالبها ولا يستسلم لها خليق بأن يصل إلى النصر وحقيق بأن يبلغ ما يريد ...وهل كان قليلا ما تحمله الرسول صلى الله عليه وسلم...هل كان قليلا ما أظهره من قوة وثبات والإصرار على الاستمرار في الدعوة ...ذلك ما أريدك أن تفكر فيه...
وكتب توفيق الحكيم الدفاع عن شخصيتنا وعقيدتنا دفاع عن حياتنا وأن الكتابات التي توجه لهذا الغرض النبيل ينبغي أن يكون لها علينا حق المؤازرة...لقد كتب توفيق الحكيم عن هيكل يقول...لقد صنع هيكل كثيرا بأسلوبه الجديد في كتابه حياة محمد ولئن كان قد أثم في دنياه فلقد اشترى بكتابه آثامه..ولسوف يتقدم يوم الدين وكتابه بيمينه يشفع له في دخول الجنة ولسوف يدخلها بإذن الله متأبطا ذراع طه حسين بما قدمت يمناه هو أيضا من كتاب أدبي جميل هو على هامش السيرة....
وكتب زكي نجيب محمود إن إدراك الحق عند الصوفي هو غاية يوقف عندها... وأما عند النبي فهو بمثابة يقظة تصحو بها كوامن نفسه ...حتى لتتحول تلك الكوامن بين جوانحه إلى قوى تهز أركان العالم هزا ليستفيق من سباته...ليس فهم رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم كلاما جميلا يقال ولا هداية إلى غير تطبيق...إنما هي رسالة ترسم للحياة الفعلية الحقيقية المجيدة طريقها...إنك تعبد الله حين تكشف للإنسان عن جوهر عقله الصافي بعد أن ترفع عنه حجاب الخرافة والضلال. .
لقد فعل محمد صلى الله عليه وسلم هذا...وكتب أنيس منصور....عن حالة نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم...رأي وسمع من يقول له اقرأ...كان الصوت مليئا عميقا هزه من رأسه حتى أصابع قدميه..تفجرت فيه الحرارة والعرق والبرودة والخوف والفزع..قوة هائلة ..تيار كهربائي يلامسه...طلع البدر على هو عنوان مقال أنيس منصور احتفالا بالذكرى. ..وكتب خالد محمد خالد يقول...جاء للناس بشيرا ونذيرا...يحلق في أرفع منازل الصدق مع النفس..والصدق مع النفس يعني معرفتها جيدا..ويعني التفوق على خداعها ويعني أخيرا احترام الحقيقة احتراما يجعل الإذعان لسلطانها عبادة وشعيرة..عندئذ يبرأ الإنسان من آفة الكبر التي تجعله يرى نفسه فوق الحق وفوق الصدق..والرسول يقول عن أصحاب ذلك لا يزال الرجل يذهب بنفسه حتى يكتب في الجبارين فيصيبه ما أصابهم...وكتبت بنت الشاطيء بعد أن ذكرت جانبا من أخلاقه وشرحا لحديثه الشريف..من عال اثنتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة انا وهو كهاتين...وضم أصابعه...
إنها الإنسانية الرفيعة والبشرية المثالية والأبوة الرحيمة ...أما يوسف السباعي الحكاء الكبير فقد كتب..لقد كان عفوه جزءا من رحمته ..سأله عبد الله بن أبي بن سلول رأس النفاق أن يعطيه بردته فخلعها ووضعها عليه ..رحمة ومغفرة. ..لقد كان صلى الله عليه وسلم آية من آيات الرحمة...وكتب أنور الجندي..لقد قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلوب الرحمة والكرامة أساسا للتعامل الاجتماعي...ولا يزال ذلك التراث حيا نابضا بالحياة .....نهاية لا تقف أهمية هذا العدد من مجلة الهلال عند أصداء الاحتفال بمولد النبي الكريم ولا عند عدد المفكرين والكتاب الذين قدموا إسهامات جيدة وحقيقية...إنها شهادات توثيقية مهمة يتولد عنها سؤال مهم...لماذا يحتفل الناس بميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم. .ولماذا يخاصم الاتجاه التكفيري الأمة في ذلك. .ومن قال إن الاحتفال بمولده هو رسالة دينية في أساسها توليها ثقافة الحب والاتباع...
لقد كان الكبار جميعهم رجال دين وأدب وثقافة وفلسفة وعلوم يلتمسون وينتظرون حلول يوم مولده الأغر الأكرم ليعلنوا للدنيا كلها أن هذا اليوم هو يوم ميلاد الرسول الكريم...أذن الحق التى استقبلت آخر رسالات السماء إلى الأرض. .يوم الحب..لا غرو إذن أن تجد الشعراوي يكتب ومعه عبد الحليم محمود وعلى عبد الرازق وبجوارهم العقاد وطه حسين وتوفيق الحكيم ويوسف السباعي..هذه هي مصر...وهذا هو حب النبي...قال شيخي سيدي صلاح الدين التجاني الحسني لما سئل كيف نحب..فقال سماحته حب النبي باب كل محب...