لقد جعل الله الإسلام هو الدين الذي ارتضاه لعباده في الأرض وجعل شريعته هي الخاتمة والحاكمة على باقي الشرائع قال تعالى (ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها) فالإسلام لا يصلح لكل زمان ومكان بل الإسلام هو الذي يصلح الزمان والمكان يصلح السياسة إذا جعلنها سياسة شرعية ويصلح القضاء إذا جعلناه قضاء إسلامي ويصلح الاقتصاد إذا جعلناه اقتصادًا إسلاميا ..
واليوم نتكلم عن الاقتصاد الإسلامي معنى الاقتصاد في اللغة يدور حول هذه المعاني الأول : التوسط في الأمور وعدم الإسراف. قال تعالى : (واقصد في مشيك) والثاني : استقامة الطريق. قال تعالى : (وعلى الله قصد السبيل) والثالث : اتباع سبيل الرشاد. والرابع : السهولة. قال تعالى : (لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا) وفي الاصطلاح : هو الاعتدال بين الإسراف والتقتير. ويأتي تعريف العز بن عبدالسلام : "هو رتبة بين رتبتين ومنزلة بين منزلتين الأولى التفريط والثانية الإفراط" هل الاقتصاد الإسلامي علم أم لا يزال عبارة عن توجيهات ومبادئ ؟؟ البعض قال : بأنه مجموعة من التوجيهات والمبادئ وعلى هذا يعرفونه : "هو الطريقة التي يفضل الإسلام اتباعها في الحياة الاقتصادية" والبعض أطلق الصفة العلمية على الاقتصاد الإسلامي وعلى هذا يعرفونه بأنه : "العلم الذي يهتم بدراسة الظاهرة الاقتصادية في مجتمع إسلامي" ومن ثم يكون النظام الاقتصادي الإسلامي مجموعة من القواعد والأسس المأخوذة من الشريعة الإسلامية التي يسير عليها المجتمع لتنظيم شؤونه الاقتصادية وتتصف هذه القواعد بالتنظيم والترابط والتناسق بين أجزائها الأهداف العليا للنظام الاقتصادي الإسلامي الهدف الأول:- تحقيق مستوى معيشي مناسب لكل فرد في المجتمع سبق الإسلام جميع اقتصاديات العالم حيث أوجب الإسلام على الفرد إعانة من يعوله على كل قادر مستطيع فإن عجز عن الكسب لسبب ذاتي أو خارجي فإن الشريعة أوجبت إعانته على أقاربه فإن لم يوجد له أقارب فإن الدولة توفر له مستوى الكفاية من مطعم ومشرب وملبس وغيرها وهذا الأمر للمسلمين وغيرهم كما فعل عمر رضي الله عنه مع الشيخ اليهودي وهذا المستوى من الكفاية متغير حسب الأحوال والساعات يقول الشاطبي : " الكفاية تختلف باختلاف الساعات والأحوال " يقول الماوردي في الأحكام السلطانية : " تقدير العطاء معتبر بالكفاية" وهو ما يكفيه عن السؤال ويوفر له مستوى معيشي كريم. الهدف الثاني :- تحقيق القوة والعزة الاقتصادية وتأتي القوة من حيازة كل الوسائل الممكنة لتحقيق المصالح المختلفة وتأتي أيضا العزة من حيازة المصادر الذاتية التي تغني عن الوقوع تحت سيطرة الآخرين ويتطلب للقوة الاقتصادية توفير الطاقات المادية والبشرية. الهدف الثالث:- تخفيض التفاوت في توزيع الدخول والثروات بين أفراد المجتمعات ولا يزول هذا التفاوت لأنه أمر فطري كوني فالهدف تقليل هذا التفاوت وكراهية تركيز الثروة في طائفة معينة في المجتمع ووجوب أن يكون المال متداولا قال تعالى : (كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم) يقول الإمام القرطبي : "إن الله تعالى قضى بقسمة مال الفيء على هذا النحو كي لا يقتسمه الرؤساء والأغنياء والأقوياء منهم دون الفقراء والضعفاء" وعندما يتم تقليل هذا التفاوت بين الأغنياء والفقراء تتحقق الكفاية والرخاء والاستقرار وطيب الحياة. بقلم علي الحجر