“رُبَّ عمل صغيرتعظمه النية، ورُبَّ عمل كبير تصغره النية”

الحكم الربانية
طبوغرافي

الأستاذ الدكتور أحمد عبده عوض

الداعية والمفكر الإسلامى

New folder5

الحكمة السادسة والعشرون، (رُبَّ عمل صغير تعظمه النية، ورب عمل كبير تصغره النية).
ميزان الأعمال عند الله فى الدنيا، وفى الآخرة ليس فى كبر حجم الأعمال، وإنما ميزان الأعمال عند الله تعالى فى نية صاحبها، تجد شخصًا يعمل أعمال بر قد تتجاوز تكلفتها الملايين، ورغم ذلك لا ينال من الحسنات أى شيء، وذلك لأن نيته لم تكن خالصة لوجه الله تعالى.
وعلى النقيض تمامًا تجد شخصًا يتصدق بدرهم، فيكون عند الله عز وجل مثل الجبل فى عظمته، وذلك لأن نيته كانت خالصة لوجه الله تعالى.

بنى رجل مسجدًا، وكتب اسمه على لوحة كبيرة وعلقها عل باب المسجد كى يقرأها الناس ويعرفوا من الذى بنى المسجد، هذا كان قصده، فأخذ أجره من الناس لأنه بناه من أجل مباهاة الناس، فكيف سيأخذ أجره من الله:{وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثورًا}
خدعوك فقالوا: إن الله تعالى ينظر فقط إلى حركاتنا، وأعمالنا ، وإنما ينظر إلى ما يدور داخل قلوبنا، وليس إلى قلوبنا، بل إلى داخل قلوبنا.

لما انتقلت الخلافة لعمر بن عبد العزيز بعد وفاة سليمان بن عبد الملك، قال: لأعقدن عقدًا لا يكون للشيطان فيه نصيب، لن يستطيع الشيطان أن يغير نيتى.

أفضل الناس على وجه الأرض هم الذين يقومون بالأعمال دون أن تطلب منهم, الذي يعمل العمل، ويتحرك بناصية قلبه، وسرعة فؤاده، وقوة عزيمته من غير سؤال له، أو طلب منه بأداء هذا العمل.
العمل الصغير بالنية الطيبة يكون شيئًا كبيرًا جدًّا.

.حديث المرأة التى كانت تقُمُّ المسجد الذى ذكره الإمام البخارى، امرأه تقم المسجد يعنى “تنظف المسجد” دخلت الجنة بهذا العمل، ودعا لها النبى عند قبرها، وافتقد ها، قد يكون الذى ينظف المسجد، أفضل عند الله تعالى من الذى بناه، وصرف عليه آلاف الآلاف.

قد تؤدى ركعتين بنية أفضل لك من صلاتك فى سنوات حياتك كلها:{إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا} أحسن عملًا، يعنى أحسن فى نيته للعمل.

ولأجل هذا، من همّ بحسنة فلم يفعلها كتبها الله له حسنة كاملة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
شخص كان يتمنى أن يموت شهيدًا فى أرض بيت المقدس لكن لم يوفق لذلك، كان يتمنى أن يموت مجاهدًا فى سبيل الله، لكن الظروف لم تسمح له، ولكنه مات على سريره، وكان يتمنى الشهادة، أن يقتله يهودي أو كافر، فمات على سريره بنيته فهو شهيد، رب عمل صغير تعظمه النية.

رجل أخذ خفه ونزل بحيرة، وسقى كلبًا، فدخل به الجنة.
(سبحان الله )عند أصحاب النية الطيبة، والقلب السليم أفضل عند الله تعالى من جبل أحد.
(والحمد لله) عند أصحاب النية الطيبة أفضل عند الله تعالى من جبل أحد، وآخر يسبح الله ويحمده مائة ألف مرة، ولكنه لا يأخذ من الأجر شيئًا، لا تتعجب إنه إخلاص النية.

أهل الجاهلية كانوا أهل خير، وأهل إحسان، وأهل بر، وأهل كرم، وأهل نجدة، ورغم هذا كانوا كفارًا. هل لهم حسنه ؟ لا { وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا}
لقد تعلمت فى حياتى أن أى عمل أستشعر فى داخلى أن النفاق أو الرياء قد تسرب إلى قلبى أثناء العمل فإننى أتوقف تماما.

والصالحون الكبار كانوا إذا صعد أحدهم المنبر وتكلم، وهز قلوب الناس، واستشعر من الناس اهتمامًا زائدًا كان لا يكمل خطبته، حتى يجدد نيته كى لا يقع فى النفاق والرياء والعياذ بالله.

سأزور أخى المريض فى المستشفى، سأزور جارى، سأفعل كذا، كذا، أنا الأن يا رب أخرج لأجلك أنت، عمل صغير لكن النية جعلت هذا العمل كبيرًأ عند الله رب العالمين .

رجل دمعت عينه دمعة لله فدخل بها الجنة، دمعة واحدة لكنها صادقة، لم يكن بكاءً إنها دمعة صغيرة، ولكنها زلزلت كيانه، غيرت مسار حياته.
العمل الصغير تعظمه النية.
حكمة اليوم حكمة مؤثرة، رجل مشى خطوة واحدة فى الإسلام وهو الراعى الأسود الذى بايع النبى صلى الله عليه وسلم، وبعد لحظة واحدة جاءه سهم فقُتل، دخل فى الإسلام عشرين ثانية، فرجحت كفة العشرين ثانية على كفة عشرات الأعوام، فدخل الجنة.

قال النبى صلى الله عليه وسلم:” اليسير من الرياء شرك “
رجل يذهب للحج، وينفق خمسين ألفًا، أو سبعين ألفًا، والله لا ينال حسنة واحدة، لأن نيته كانت: ليقول له الناس: يا حاج فلان.

الأسبقية فى الأعمال ليست بكثرتها، وإنما الأسبقية فى الأعمال بصدق النية فيها: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} عملًا وليس أعمالًا ولكن مع صدق النية فى العمل، وإن كان صغيرًا متناهيًا فى الصغر.

ولأجل هذا سلمك الله أخبرنا النبى محمد صلى الله عليه وسلم أنك بمجرد أن تضع اللقمة فى فىّ زوجتك فلك بذلك حسنة.

يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: “لا تحقرنّ من المعروف شيئًا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق”
فبكل لقمه حسنة، وبكل لقمة درجة، تطعم زوجتك، وأمك، وأولادك، ووالدك، وإخوانك، وأخواتك، وأحبابك.
{يُؤْتِي الحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ}