الاستسلام للمرض يؤدي إلى الموت..والنبي كان يرفع من روح أصحابه المعنوية حتى عند الهزيمة
اقطع الإرسال عن الشيطان لا تدعه يلقي إليك بهمزاته ووسواته
1 - الثبات الانفعالي:
النبي صلى الله عليه وسلم أوصانا بالثبات الانفعالي، وبالبعد عن كل أسباب الغضب، وأن نتحكم في أعصابنا، وأن نسيطر على أنفسنا، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: مُرْنِي بِأَمْرٍ، قَال: لاَ تَغْضَبْ، قَالَ: فَمَرَّ، أَوْ فَذَهَبَ، ثُمَّ رَجَعَ، قَالَ: مُرْنِي بِأَمْرٍ، قَالَ: لاَ تَغْضَبْ، قَالَ: فَرَدَّدَ مِرَارًا، كُلَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ فَيَقُولُ: لاَ تَغْضَبْ.
آثار الغضب وأضرار كثيرة، منها ما فيه إضرار بالنفس ومنها ما فيه إضرار بالآخرين. وما يحدث من الأضرار الجسدية بسبب الغضب وهو أمر خطير كما يصف الأطباء كتجلّط الدم، وارتفاع الضغط، وزيادة ضربات القلب ، وتسارع معدل التنفس، وهذا قد يؤدي إلى سكته مميتة أو مرض السكري وغيره. ولو قدر لغاضب أن ينظر إلى صورته في المرآة حين غضبه لكره نفسه ومنظره، فلو رأى تغير لونه وشدة رعدته، وارتجاف أطرافه، وتغير خلقته، وانقلاب سحنته، واحمرار وجهه، لاشمأز من هيئته ومعلوم أن قبح الباطن أعظم من قبح الظاهر، فما أفرح الشيطان بشخص هذا حاله!.
ومن الأضرار التي تقع على الغير: انطلاق اللسان بالشتم والسب والفحش وتنطلق اليد بالبطش بغير حساب، وقد يصل الأمر إلى القتل.
روى عن علقمة بن وائل أن أباه رضي الله عنه حدّثه قال: إني لقاعد مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل يقود آخر بنسعة ( حبل مضفور ) فقال: يا رسول الله هذا قتل أخي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أقتلته؟ قال: نعم قتلته. قال: كيف قتلته؟ قا: كنت أنا وهو نختبط ( نضرب الشجر ليسقط ورقه من أجل العلف ) من شجرة ، فسبني فأغضبني فضربته بالفأس على قرنه ( جانب الرأس ) فقتلته إلى آخر القصة فالغضب نزغة من نزغات الشيطان، يقع بسببه من السيئات والمصائب مالا يعلمه إلا الله.
2 – الاصطبار على البلاء:
أيها الأحباب.. درجة الاصطبار أعلى بكثير من درجة الصبر، قال تعالى: {رَبّ السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ}، [مريم: 65]، وقال تعالى: {فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ}، فالصبر هو طلب الصبر من الله تعالى: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ومن يتصبر يصبره الله))، وكذلك العبد يتكلف التعفف حتى يصير التعفف له سجية، كذلك سائر الأخلاق.
وأما الاصطبار فهو أبلغ من التصبر؛ فإنه افتعال للصبر بمنزلة الاكتساب، فالتصبر مبدأ الاصطبار، كما أنَّ التكسب مقدمة الاكتساب، فلا يزال التصبر يتكرر حتى يصير اصطبارًا. فعليك أخي الحبيب أن تتصبر، ون تستعين بالله تعالى كي يصبرك لى متاعب الدنيا، ولك في نبيك صلى الله الله عليه وسلم خير أسوة، فكان أول الصابرين، وكان أفضل الصابرين، وكان أعظم الصابرين.
3 – الصمود:
وهو أن يثبت الإنسان أمام عدوه ولا يتزعزع، ولا يغتر وينخدع بالفتن، فعليك أخي الحبيب أن تثبت وأن تصمد في وجه الشيطان اللعين، وقد وعدك الله تعالى بالنصر عليه إذا استعنت بالله تعالى واتخذت كل الأساليب المستطاعة لمحاربته، كما أخبرك عز وجل بأنه كيده ضعيف، وأنك لا محالة منصور عليه، فقال أصدق القائلين: { فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} [النساء: 76]، فلا بد أن تصمد في وجه، ولا تغتر بمال أو بدنيا، كان فيمن كان قبلكم راهب سمع عن شجرة يعبدها الناس فدفعه إيمانه بالله وقرر أن يذهب ويقاتل هذا الشيطان الذي قال له: ما دخلك بي دعني وشأني لماذا تريد أن تقطع هذه الشجرة؟ فقال الراهب: كيف أتركك تضلل الناس وتبعدهم عن عبادة الله؟قال الشيطان: يا هذا ماذا يهمك ما دمت لا تعبد الشجرة؟ قال الراهب: من واجبي أن أغير المنكر، وأن أحارب الشرك بالله.
فتصارع الرجل الصالح مع الشيطان فصرعه العابد، فصرخ الشيطان اتركني وأنا أضع تحت وسادتك دينارًا ذهبيًا كل صباح، فتراجع الراهب ووافق ومضت الأيام. حتى كان ذلك اليوم رفع الراهب وسادته فلم يجد شيئا فثار وهاج وحمل فأسه وذهب ليقطع الشجرة فاعترضه الشيطان وتصارعا ولكن في هذه المرة تغلب الشيطان على الراهب وأمسكه من عنقه وتساءل الراهب لماذا لم ينتصر في هذه المرة؟
فقال الشيطان ساخرًا: المرة السابقة كنت تحارب من أجل الله، أما الآن فأنت تحارب لنفسك وشتان بين الهدفين.. اترك قطع الشجرة لمن لا تغريه شهوة الدنانير. لماذا صرعه الشيطان في هذه المرة؟ لأنه لم يصمد، ونظر إلى الدنيا، فضعفت عزيمته، فضاعت قوته.
4 – عدم الاستسلام للمرض النفسي:
الاستسلام للمرض الننفسي أيها الأحباب يؤدي إلى الموت، كلن النبي صلى الله عليه وسلم يرفع من روح أصحابه المعنوية حتى عند الهزيمة، لأن الركون والاستسلام للهزائم هو أشد من الهزيمة ضررا، عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال كنا عند حذيفة فقال رجل: (لو أدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلت معه وأبليت فقال حذيفة أنت كنت تفعل ذلك لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الأحزاب وأخذتنا ريح شديدة وقر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا رجل يأتيني بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة فسكتنا فلم يجبه منا أحد.. - حتى كررها ثلاثا - فقال قم يا حذيفة فأتنا بخبر القوم فلم أجد بدا إذ دعاني باسمي أن أقوم، قال: اذهب فأتني بخبر القوم ولا تذعرهم علي فلما وليت من عنده جعلت كأنما أمشي في حمام حتى أتيتهم فرأيت أبا سفيان يصلي ظهره بالنار فوضعت سهما في كبد القوس فأردت أن أرميه فذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تذعرهم علي ولو رميته لأصبته فرجعت وأنا أمشي في مثل الحمام فلما أتيته فأخبرته بخبر القوم وفرغت قررت فألبسني رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضل عباءة كانت عليه يصلي فيها فلم أزل نائما حتى أصبحت فلما أصبحت قال قم يا نومان، فهذا هو صاحب الخلق العظيم صلى الله عليه وسلم يرفع روح أصحابه المعنوية، فكان النصر حليفهم بفضل الله ورحمته.
5 – انتظار الفرج:
انتظار الفرج عبادة من أعظم العبادات، لأ، فيها حسن ظن بالله تعالى، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن رب العزة: ((أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم.. الحديث))، ومن لطائف أسرار اقتران الفرج بالكرب واليسر بالعسر، أن الكرب إذا اشتد وعظم وتناهى وحصل للعبد اليأس من كشفه من جهة المخلوقين؛ تعلق قلبه بالله وحده ، وهذا هو حقيقة التوكل على الله ، وهو من الأسباب التي تُطلب بها الحوائج ، فإن الله يكفي من توكل عليه كما قال جل من قائل : ((ومن يتوكل على الله فهو حسبه))، قال الفضيل رحمه الله: والله لو يئست من الخلق حتى لا تريد منهم شيئا لأعطاك مولاك ما تريد.
6 - قطع الإرسال:
اقطع الإرسال عن الشيطان، لا تدعه يلقي إليك بهمزاته ووسواته، الشيطان لا يزال بالعبد حتى يشككه في دينه، وفي نبيه، وفي ربه عز وجل، يظل يرسل إلى قلب بالرسائل السلبية، فلا تبال أخي الحبيب بهذه الرسائل، القها وراء ظهرك.
كيف نقطع الإرسال؟
1 – بذكر اله تعالى:قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الشيطان واضع خرطومه على قلب ابن آدم ، فإن ذكر الله خنس وإن نسي التقم قلبه)).
2 – الاستعاذة بالله تعالى منه، قال تعالى: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}، فعليك دائما بالاستعاذة بالله تعالى من وسوسة الشيطان، واعلم أنه كما أخبر الله تعالى أنه ضعيف، وأن كيده ضعيف أمام الاستعانة بالله عز وجل.
3 – الدعاء، قال الله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}، فجعل الله تبارك وتعالى الإجابة على الدعاء فور ذكر العبد له إذا كان مخلصا وحاضر القلب وخاشعا. وهناك وسائل كثيرة للتغلب على الشيطان وقطع إرساله كلها متضمنة في تقوى الله والعمل الصالح وأداء الصلوات في مواعيدها، وقراءة القرآن.. وغير ذلك.
7 - اعلم أنك قوي وهو ضعيف:
لقد وصف القرآن الكريم كيد الشيطان بالضعف، فقال تعالى: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} (النساء:76).اعلم أن كيد الشيطان ضعيف، وأن الله تعالى هو القوي الذي ليس كمثله شيء، وهو الذي يقول للشيء كن فيكون، فإرادته قادرة على فعل كل شيء، فأنت إذا استعن بالقوي وهو الله تعالى على الضعيف وهو الشيطان أصبحت قويا، لأن حزب الله هم المفلحون، وحزب الله هم الغالبون، فكن من حزب الله جل وعلا.
وأخيرا.. اعلم أخي الحبيب أن الله تعالى إذا رأى فيك خيرا فلن يخذلك أبدا، وستنال النجاة في الدنيا والآخرة بفضل الله تعالى وبرحمته، واعلم أن المرض النفسي علاجه الوحيد في القرب من الله وفي البعد عن الشياطين، شياطين الجن وشياطين الإنس.