السرقة عند الأطفال

صحة وجمال
طبوغرافي

د. إيمان السيد
استشاري صحة نفسية

يعتبر سلوك السرقة من السلوكيات المشينة والسيئة في مجتمعنا العربي وفي كل المجتمعات، وهي من الجرائم الاجتماعية التي سن الله لها حداً كي يردع من يقترب من ممتلكات غيره أو حقوقه غيره بدون وجه حق.


ولكن إذا اقتربت هذه المشكلة من الأطفال فالأمر مختلف ، فقد تكون السرقة عند الأطفال لمجرد التسلية والعبث الطفولي أو أن الطفل لا يدرك ماهية العمل الذي يقوم به، ولهذا رفع الله تعالى التكليف عن الأطفال فلا يحاسب الطفل إلا عند بلوغه، ولعل معرفة سبب سرقة الأطفال من أهم الأمور التي تأخذ بعين الاعتبار؛ فإذا سرق بسبب أنه يشتهي الشيء الذي سرقه فيكون العلاج عن طريق تلبية رغباته من دون إفراطٍ أو تفريط، وأما إذا كانت سرقته بسبب التسلية والعبث فيجب أن نعلمه بأن هذا الفعل لا يجوز، ومن هنا ينبغي زرع الأخلاق الحميدة في الطفل لكي يعرف الصواب من الخطأ ومن أفضل طرق العلاج والوقاية للطفل هي تقديم النموذج الصحيح والقدوة الصالحة، فحين يرى الطفل أبويه يتسمان بالخلق القويم ويرى تصرفاتهم البعيدة عن الانحراف وأنها تسير المنهج القويم الصحيح فإنه يسعى لتقليدهما في كل شيء، فالطفل هو ثمرة التربية الصالحة.


ويجب ألا نفزع لأمر السرقة عن الأطفال لأنه سلوك شائع وخاصة في سن 4-5 سنوات لأن مفهوم السرقة لا يتكون إلا عند الطفل قبل 6 أو 7 سنوات من العمر وبالتالي لايصح أن نوصف الطفل بأنه لص أو سارق قبل هذا العمر وبالتالي الاستيلاء على أشياء خاصة بالآخرين لدى الطفل قبل هذه المرحلة العمرية لا يمكن وصفها بالسرقة.


ولعل أبرز أسباب هذه المشكلة يرجع إلى الحرمان العاطفي وفقدانه الطفل للحب والعطف والحنان وخاصة من الأبوين، وأيضا قد يسرق الطفل لتأكيد ذاته، ويظهر هذا عند الأطفال الفاقدين للثقة في أنفسهم. وقد تكون تعبيرا عن حالة قلق وتوتر داخلي لدى الطفل.


ولكن كيف يواجه الأبوان هذا الأمر؟ يكون هذا عن طريق أن يشرح الآباء للأطفال معنى كلمة الخاصة والعامة بشكل مبسط، وشرح بعض المفاهيم وخاصة مثل الملكية الخاصة واحترام الملكية العامة ، ويجب أيضا على الآباء ألا يبالغوا في ردود أفعالهم وعدم معاقبة الطفل بقسوة أو توجيه الاتهام له بأنه لص أو سارق، وعدم معايرته، وعدم إهانته أمام أقاربه وأقرانه.


ويجب أن ينمي الآباء في أطفالهم روح المشاركة مع غيره من الأطفال في اللعب ومشاركة الألعاب والأكل، ويجب على كل أب وأم أن يكون قريبا من طفله وأن يعرف ما يدور داخل نفسه من مشاعر قد يخفيها الطفل (مثل الشعور بالذنب، الخوف، القلق، التوتر، الحاجة إلى الحنان والعطف، فقدان الثقة في الذات، الغيرة من صديق أو أخ.. إلخ لأن التقرب من الطفل وفهم نفسيته في جو دفء أسري هي أقصر الطرق لحياة نفسية سليمة بعيدة عن المشكلات.