د. إيمان السيد معالج نفسي
بمستشفى دقميرة
يأتي سن البلوغ ومعه تغيرات نفسية واضحة تنعكس على السلوك، وهي تغيرات ناجمة عن التغيرات الفسيولوجية التي تحدث، والبعض يمر بهذه التغيرات دون أن يشعر بها، والبعض الآخر قد يضطرب منها لفترة، فقد تصاب بعض الفتيات بالخوف نتيجة لنزول الطمث والتغيرات الجسمية الآخرى، فتتعثر في مشيتها، وتفقد شهيتها للطعام وتفقد قدرتها على التركيز.
كما تصاب بعض الفتيات بخجل وحياء شديد فيحمر وجه الفتاة وتتلعثم في الحديث، وهذه ظاهرة في فترة معينة من العمر وفي ظروف خاصة، ويصيب الخجل الفتيان أيضا.
وتمر بعض الفتيات بمرحلة المراهقة مرورا طبيعيا دون أي نوع من الصراعات الداخلية والبعض قد يمر ببعض الصراعات مثل الرغبة في الاستقلال العاطفي والمادي: وهي من أهم سمات مرحلة المراهقة وتختلف هذه السمة بين الفتاة والفتى. فالأسرة بتقاليدها المتأصلة تخشى على الفتاة وكثيرًا ما تضع القيود حولها وحول قراراتها وحريتها الشخصية، لذلك تنضج الفتاة وهي لا تعرف كيف تعتمد على نفسها بينما تعطي الأسرة للفتى الحق في خوض التجارب والاعتماد على النفس.
والمراهقة يجتاحها صراع بين الحاجة إلى الاستقلال والحاجة إلى الاعتماد على الأبوين والأسرة. ففي الوقت الذي ترغب فيه في الاستقلال والاعتماد على النفس، اللازم لمرحلة النضج الجسمي والجنسي ويفرضه الاستعداد للمستقبل، نجدها تحتاج إلى الاعتماد على الأبوين ماديا ونفسيا، وتحتاج إلى الأمان أو السند العاطفي والمادي الذي يوفره الوالدان والمحيطون بها.
-البحث عن الذات: وفي هذه المرحلة من الحياة، تمر المراهقة بصراع " البحث عن الذات " أو " البحث عن الهوية "، فهي لا تعرف ماذا تريد، وتخاف أن تصبح لا شيء، وتخاف من تقليد صورة شخص آخر.
وفي سبيل تأكيد الهوية وأثناء البحث عنها، تتوق لمواجهة العالم لتجرب، ولكنها تجد نفسها حبيسة التقاليد الجامدة التي تحاول الأسرة من خلالها أن تحيطها بسياج عال من الأمان خوفا عليها من مخاطر الحياة الخارجية.
وكثيرا ما يسبب صراع القيم انعزال المراهقة عن الحياة وعن المجتمع، ويجعلها تعيش في عالم التصوف أو الرهبنة أو الطهر المثالي، ولكي يساعد الوالدان الابنة في تحقيق التوازن النفسي المطلوب، عليهم مناقشة هذه التناقضات لتوضيح طبيعة المجتمع للابنة الحائرة.
- الحاجة إلى الانتماء : وهناك أيضا صراع الحاجة إلى الانتماء؛ لأن رغبة المراهقة في التحرر من أسرتها تتناقض مع رغبتها في الإحساس بالأمان والاطمئنان. لهذا كثيراً ما تنشأ " مجموعات " المراهقين من فتيات أو شبان يتجمعون فيما بينهم ويكتسبون الأمان والاطمئنان من كونهم كتلة واحدة، لها فكرها وسلوكها الجماعي.
- التفكير في المستقبل : لا تزال كثير من الأسر تنظر إلى الفتاة كأم المستقبل فقط، ولا ترى أنها لابد أن تعارك الحياة اليومية لاكتساب الخبرات وإنضاج شخصيتها، بل يفرض عليها المكوث والبيات الشتوي في المنزل.
- الاضطرابات والانحرافات السلوكية :
قد تحدث اضطرابات وانحرافات سلوكية في سن المراهقة في حال افتقاد الفتاة الحنان والحب والتوجيه والرعاية. كما قد تحدث الاضطرابات والانحرافات نتيجة ثورة التمرد على تزمت الوالدين في التربية وعدم الاعتراف بأن " البنت قد نضجت وكبرت "، ومواصلة توبيخها وتأنيبها أمام الآخرين وأمام صديقاتها كـنها طفلة، ومنعها من الخروج وعدم مناقشة أمورها الشخصية معها بهدوء بل في عنف وقسوة.
وقد تحدث هذه الاضطرابات نتيجة هوة التفكير بين الأجيال، فشباب اليوم يفكر بأسلوب و منطق قد لا يفهمه أو يقره الوالدان، ومن ثم قد تلجا المراهقة إلى صديقات ذوي تاثير سئ في هذه المرحلة الحرجة من البحث عن الذات. وقد تكون هذه الاضطرابات على هيئة ميول عدوانية.
ويحمي المراهقة في تلك الفترة من حياتها من الانزلاق في الخطأ، التآلف والتفاهم بين جميع أفراد الأسرة التي تستطيع مساعدة المراهقة على تجاوز تلك المرحلة بتقديم الفهم والعون والتكافل.
وهناك العديد من الأمراض النفسية كثيرة الشيوع في مرحلة المراهقة أهمها الاكتئاب، والفصام الذهني والهستيريا، وكلها يمكن علاجها عن طريق أطباء النفس مع الأسرة لمعرفة دوافع هذه الحالات النفسية، كما إنها قابلة للشفاء.