الحنين إلى الزوج المسافر

قصص وروايات
طبوغرافي

امرأة ذهب زوجها للعمل في الكويت؛ نظرًا لحالتهم المادية الصعبة، وطلبًا للرزق الحلال الطيب، وتَغَيَّب الزوج عن الزوجة أكثر من ثلاث سنوات؛ فحن قلبها إلى الرجال، وبدأت تنظر إلى جارها، وبدأت العلاقات، وأعطته رقم هاتفها، وأخذت تكلمه ويكلمها ليلاً فى الهاتف بكلام لا يرضي الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، وكل هذا بسبب بُعد زوجها عنها، وهي تخشى أن تكون في هذا الأمر خائنة لله ولرسوله ولزوجها، فماذا هى فاعلة للخروج من هذا المأزق؟ وما نصيحتكم لمثل هذا الزوج الذي يسافر مدة طويلة ولا يراعي مشاعر زوجته ورغبتها وحقها في الإقامة الكريمة مع زوجها من أجل الحصول على حقوقها كاملة غير منقوصة؟

كثر كلام أهل العلم عن مسألة غياب الزوج عن زوجته، وحددوا المدة التي يحق للزوج فيها الغياب عن زوجته ولو بغير رضاها بستة أشهر، استنادًا لما رُوِي عن عمر رضي الله عنه: أنه سأل ابنته حفصة: كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: خمسة أشهر أو ستة أشهر.

ولكن الذي يظهر أن هذا من عمر رضي الله عنه ومن العلماء بعده قد جرى مجرى الاجتهاد، ومعلوم أن الأمور الاجتهادية التي لم يرد فيها نص صريح تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال. ولا شك أن زمان عمر رضي الله عنه ليس كزماننا، فقد كان أكثر الرجال والنساء في عصره في الغاية القصوى من التقوى والديانة والعفة والصيانة، وكان داعي التقوى والتدين قويًّا، وكان داعي الفتنة والشر ضعيفًا، وكفى ذلك الزمان أنه زمان عمر الذي كان يخشاه الشيطان ويفر منه، وهذا مغاير بالكلية لزماننا هذا الذي أقبلت فيه الفتن تموج كموج البحر لا يكاد يسلم منها أحد.

وعلى ذلك؛ فإنا نرى أن يرد الأمر في هذه المسألة إلى الزوجين، فهما أعلم الناس بأحوالهما، فإن اتفقا على مدة معينة تعلم الزوجة إطاقتها للصبر فيها عن زوجها، ويعلم الزوج ذلك منها، فلا حرج عليه في السفر، سواء زاد وقته عن ستة أشهر أو نقص، أما إذا اختلفا فلا مفر من الرجوع إلى القاضي حينئذ؛ ليقرر هذه الفترة حسب حال الزوجين.

وإذا غاب الزوج عنها لطلب العيش برضاها، وكانت في مكان آمن لا يخشى عليها شيئًا فإن ذلك لا بأس به؛ لأن الحق لها، فمتى رضيت بإسقاطه مع كمال الأمن والطمأنينة فلا حرج في تغيبه لمدة ثلاث سنوات أو أقل أو أكثر، أما إذا طالبت بحضوره فإن هذا يرجع إلى ما لديهم من القضاة يحكمون بما يرونه من شريعة الله عز وجل.
وسفر الرجل وغيابه عن زوجته طال أو لم يطل ليس مسوغًا للمرأة أن تخون زوجها، فخيانة المرأة لزوجها خيانة للأمانة، وخيانة لله عز وجل، وهي إثم عظيم وذنب قبيح يوجب غضب الله سبحانه وعقوبته، ويعظم الإثم ويقل حسب الخيانة، وأعظم الخيانة على الإطلاق فعل الفاحشة، فإن هذا من أعظم الكبائر التي توجب غضب الله ولعنته، فالتزمي أيتها الأخت الكريمة بالصبر والاحتساب والتواصل مع زوجك ليعود إليك أو تسافرين معه في البلد الذي يعمل فيه؛ درءًا للفتنة ودفعًا للشر.

وفي النهاية، فإنا ننصح الزوجة ألا تتعنت في هذا الأمر، وأن تتحلى بالحكمة والصبر، خصوصًا إذا كان سفر الزوج لحاجة معتبرة من طلب الرزق، أو العلم النافع.