المخرج: عبدالرحمن سامى
دُنْيَا فتاة عمرها خمسة عشر عامًا.. أسرتها تتكون من أبٍ وأمّ مُسنّة، وأخوين يكبرانها بفارق زمنى كبير، كانت تعيش فى رغدٍ من الحياة مع والديها وأخويها.. كانت دنيا لا تعرف عن أخويها منذ نعومة أظافرها غير الصلاح والاستقامة، وفجأة تغير الحال وأصبحا من أهل اللهو والسهر.. اكتشفت دنيا عن طريق المصادفة أن أخاها الأكبر يتحدث مع فتاة صديقة له، وأصبح الآخر يتعاطى المخدرات.. توفى والد دنيا تاركاً لها والدتها المسنة المعاقة.
دخل إخوة دنيا فى خلافات وخصومة شديدة، وذات يوم وهى جالسة عند أخيها الأكبر ورأته يتحدث لأخيها الأصغر بشدة وعنف وأغلق الخط بغضبٍ فى وجهه وخرج مندفعاً من البيت، وهو يقول فى غضب (سترى كيف عقوبة من يتلاعب بمشاعر المراهقات) وركب سيارته واندفع بسرعة جنونية.. وتبين أنه فى نفس اللحظة أراد أخوها الأصغر إثبات خطأ أخيه فى ظنه تجاهه وأنه مظلوم، فركب هو الآخر سيارته وخرج مسرعًا ففوجئ الأخ الأكبر به قادماً من نفس الطريق فاصطدمت السيارتان وتوفى الاثنان.
حزنت دنيا كثيرًا على فقدان أخويها، وأصبحت وحيدة مع أمها المعاقة. وبعد ثلاثة أيام أتت فتاة ذات حسن وجمال لتعزية الأم فى فقيديها، وانحنت على يديها لتقبيلها، سمعت دنيا الفتاة وهى تهمس فى أذن أمها وتقول: ألم أقل لكِ أننى سأمحوهم من ناظريك كما محوتِ أمى وفلذة كبدي، ثم خرجت. وأخذت الأم تبكى وتنتحب وتدعو عليها.
أتت دنيا لأمها تسألها عن قصة تلك الفتاة وماذا تريد؟ فأبت الأم فى البداية أن تخبرها ولكن دنيا ألحت عليها، وخرجت الأم عن صمتها وأخبرتها عما حدث وأتت كلمات الأم كوقع الصاعقة عليها حين قالت: قبل خمسة عشر عامًا أتتنى أم تلك الفتاة الأرملة الفقيرة وهى فى صحبتها وكانت لا تتجاوز العشر سنوات تسألنى طعامًا فأكرمتُها ولم أبخل عليها.
بعد مرور ثلاثة أعوام، أتتنى نفس الأم مرة ثانية وهى فى شدة الحرج وقالت لي: اسألك بالله أن تزوجى ابنتى لواحدٍ من أبنائك فخوفى عليها اشتد بعد موت أبيها، فأبيتُ ورفضتُ ذلك الطلب ليس لفقرها ولا لضعف حالها ولكنى كنت أريد زوجة لابنى ذات دين، وكانت سمعة تلك الفتاة منذ صغرها سيئةً وقد حملتْ من سِفاح، وأخذتْ تلك الأم تُقَبّل قدماى لأقبل بابنتها ولكنى غضبتُ، وطردتُها هى وابنتها وأغلقت الباب.
وبعد عدت أيام، أنجبت الفتاة طفلة، وأتت أمها بها إليّ وطلبتْ منى التخلص منها، وبطريقتى الخاصة أرسلت الطفلة لإحدى الأسر التى لا تنجب أطفالاً لتتبناها، وبعدها وصل إلى سمعى أن الأم ماتت منتحرة.. أتت الفتاة إلىّ وهى تصرخ وتشتمنى وتقول: أنتِ التى قتلت أمى وابنتى أيتها القاتلة، وأخذت تسب وتلعن فيّ، وحينها ناديتُ أخويْك رحمة الله عليهما ليخلصانى منها ومن لسانها، ويبلغا عنها الشرطة واحتجزت بدار الأيتام..
ومن شهرين أتتنى رسالة من مجهول تقول فيها: حرمتنى أن أعيش طفولتى كما حرمتنى أن أعيش كزوجة وتستريني، وأيضا حرمتنى أن أعيش مع أمى وطفلتى التى قتلتهما، فلن يهنأ لى بال حتى أ محو ولديْك من الحياة سأقتلهم وسوف ترين، وحينها صمتت دنيا وهى تقول: حسبى الله ونعم الوكيل.
من الحياة: تعامل الأسرة مع بعضهم البعض
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة