مرت سنوات لم أره إلا وأنا أعبر الطريق، استوقفني: تعانقنا دون استفاضة فى الترحاب، رأيت فى عيونه عالم يموج بالحزن.. على بعد خطوتين ثلاثة من الأبناء فى مراحل عمرية مختلفة أصغرهم طفلة تسع سنوات.. هؤلاء أبناؤك يا.. ؟ نعم.. قالها وكأنه يجر جبلا بطرف لسانه!
ربنايبارك لك فيهم..
قال هل تذكر يوم الفرح كنت أنت أغلى الشهود عندي.. شكرته بامتنان. أضاف: هل تذكر وصيتك لى بزوجتي؟ قلت طبعا.. وهل عملت بها؟
قال وكيف لا وقد عشت معها قصة حب ماعاشها زوج مع زوجته.. كانت نعم الزوجة فى كل شيء.. دين ودنيا.. تحملت عصبيتى وفقرى وأهلي.. ثم تنهد تنهيدة كأنها شرقة بالدمع.
ثم قال وهو يكتم الكلمات: كانت توصينى بك.. لماذا لاتبحث عن الشيخ رشاد وتشكو له همومك كما كنت تفعل زمان.
ثم أضاف: وقبل أن تسافر احتضنتنى بقوة واستحلفتنى بالله العظيم هل أنت راض عني؟
تسمرت قدماى ولا أستطيع أن أفهم شيئا!
سألته مندهشا مرتجفا: هل سافرت؟ وكيف بدونكم؟ والأولاد؟ و.. و..
قال وهو يستحلفنى أن أدعو لها: أنا واخد الأولاد ورايحين نزورها الآن فى المقابر!