صيــام لـيلة الـنصف سُنـة مـؤكـدة

قصص وروايات
طبوغرافي
   

شهر شعبان هو شهر التحولات الكبري في تاريخ الإسلام فقد شهد هذا الشهر الكريم أحداثا عظيمة في تاريخ الدعوة الإسلامية أهمها حادث تحول القبلة من المسجد الأقصي بمدينة القدس إلي المسجد الحرام بمكة المكرمة وقد كان التحول نقطة فارقة وعلامة بارزة علي طاعة المسلمين لأمر ربهم واستجابة من الله تعالي لرغبة رسوله صلي الله عليه وسلم الذي كان راغبا في الصلاة إلي قبلة أبيه إبراهيم عليه السلام فولاه الله قبلة يرضها.


في البداية يقول الدكتور صابر عبد الدايم الأستاذ بجامعة الأزهر: أن حدث تحويل القبلة من المسجد الأقصي الي المسجد الحرام في ليلة النصف من شعبان كان اختبارا إيمانيا كما بين الله عز وجل في قوله تعالي: (وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب علي عقبيه) وذلك لتوضيح صدق الإيمان في قلوب المسلمين وصلابة موقفهم من إتباع الرسول صلي الله عليه وسلم فيما يبلغ عن ربه.


أثناء الصلاة
وقد جاء الأمر بتحويل القبلة بعد الإسراء والمعراج وبعد هجرة النبي صلي اللله عليه وسلم للمدينة وكانت أول صلاة الرسول صلي الله عليه وسلم والصحابة نحو المسجد الحرام هي صلاة العصر أو الظهر في مسجد بني سلمه وجاء الأمر بالقبلة الجديدة فاستدار نحوها واستدار معه أصحابه دون منازعة ولذلك فقد سمي هذا المسجد بمسجد القبلتين.


تأخر أهل قباء
أما أهل قباء فلم يبلغهم الخبر حتي صلاة الصبح فاستقبلوها وكان هذا التحول زيادة في الإيمان للمؤمنين وتثبيتاً لقلوبهم وإثباتا لحسن طاعتهم لله ورسوله أما المنافقون فزلزلوا وارتابت قلوبهم وحادوا عن الحق والهدي وأما يهود المدينة فانتهزوها فرصة للطعن في صدق الرسول صلي الله عليه وسلم.


بيت المقدس
ويقول الداعية الإسلامي الشيخ منصور الرفاعي عبيد وكيل أول وزارة الأوقاف الأسبق: لما هاجر الرسول صلي الله عليه وسلم إلي المدينة أمره الله تعالي أن يستقبل بيت المقدس في صلاته وظل علي ذلك ستة عشر شهرا حتي نزلت الآية الكريمة: (وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره) فتحولت قبلة المسلمين إلي الكعبة المشرفة.


تجنب الأصنام
واتجه المسلمون إلي بيت المقدس في أول الهجرة كان تعبيرا عن معان سامية منها: محاولة البعد عن شائبة الوثنية حيث أن الكعبة في ذلك الوقت كانت محاطة بأصنام تعد بالمئات وأيضا المنع من الاشتراك مع المشركين في الاتجاه وتهدئة الصراع النفسي لدي المسلمين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم بغير حق وتأليف اليهود وجذبهم للدين الجديد بتعظيم بيت المقدس الذي بارك الله حوله وبيان أن رسالات الله تلتقي في أصولها العامة قال تعالي: ( شرع لكم من الدين ما وصي به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسي وعيسي أن أقيموا الدين ولاتتفرقوا فيه).


شعب.. إيمان
وأضاف عبيد قائلا ورد أن النبي صلي الله عليه وسلم كان إذا رأي هلال شعبان يقول: (اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان وكان يأمر مناديا يقول: (شعبان شهري فرحم الله من أعانني علي شهري) .
ولذلك فإن التقرب إلي الله في يوم النصف من شعبان وليلته نابع من فضل التقرب إلي الله في شهر شعبان عامة والذي يكثر من التقرب إلي الله في يوم النصف بصيامه فأيام شعبان ولياليه كلها مباركة.


اليلة المباركة
قال الداعية الإسلامي الشيخ عبد السلام بلاسي كبير أئمة بأوقاف القاهرة: إن ليلة النصف من شعبان من تلك المواسم التي أرشدنا إليها الرسول الكريم وقال: (إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها فإن الله عزوجل ينزل فيها لغروب الشمس إلي السماء الدنيا فيقول: (إلا من مستغفر فأغفر له إلا من مسترزق فأرزقه.. إلا من تائب فأتوب عليه إلا من كذا إلا من كذا حتي يطلع الفجر) .


الواجب علينا
وواجب المسلمين في هذه الليلة المباركة الصلاة والذكر والدعاء لما فيها من نفحات ورحمات من السماء وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم في شهر شعبان يكثر من العبادات والطاعات دون غيره من سائر الشهور لأنه يغفل عنه كثير من الناس بين رجب ورمضان. ولقد قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: (ما رأيت رسول الله في شهر غير رمضان أكثر منه صياما في شعبان فقلت له في ذلك قال: هذا شهر يغفل فيه الناس بين شهر رجب ورمضان.