الصبر..من أعظم الفضائل ونصف الإيمان

تحقيقات
طبوغرافي

الإستاذ الدكتور /أحمد عبده عوض

الداعية والمفكر الإسلامى

%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%83%d8%aa%d9%88%d8%b1

أكد العلماء أن الصبر من أعظم الفضائل، فهو نصف الإيمان، وما من فضيلة إلا وهو دعامتها، ومن المعلوم أن منزلة الصابرين عند الله من أشرف المنازل، وأسعد الناس من رُزق لساناً ذاكراً، وقلباً شاكراً، وجسداً على البلاء صابراً، وذلك هو المؤمن الكامل حيث جاء الأمر الإلهي للمؤمنين بالصبر حتي ينالوا الفلاح.

من صفات الرسل
يؤكد الأستاذ الدكتور أحمد عبده عوض الداعية والمفكر الإسلامي أن الصبر قيمة عظيمة وصفة كريمة من صفات الرسل الكرام - عليهم الصلاة والسلام- كما أنه عنوان الإيمان الصادق وبرهانه، موضحًَا أن الإيمان نصفه شكر على النعماء، ونصفه صبر على البأساء والضراءـ وقال عز وجل ''واصبروا إن الله مع الصابرين'' وقوله تعالى ''واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين'' وغيرها من الآيات التي تؤكد وتبين أهمية التحلي بالصبر والهدوء والثبات وقوة الاحتمال، والاستمرار في أداء الواجب وعدم الاستسلام لليأس، والقنوط مهما تكن الصعوبات والشدائد.

ويشير إلي أن فضيلة الصبر تدل على أنّ صاحبها قد تحلى بضبط النفس، وثبات القلب، ورباطة الجأش، وصدق الإيمان، وكمال الرجولة، لأن أثقال الحياة وتكاليفها وأحداثها لا يطيقها الضعاف المهازيل، وإنما يطيقها أصحاب النفوس الكبيرة، لذلك فإن جزاء الصبر عطاء من الله بغير حساب في الآخرة، وهو في الدنيا ضياء في الأحداث، وثبات يُكَفّر الله به الذنوب، ويفتح باب الفرج القريب.

ويوضح أن الصبر سلاح الطالب حتى ينجح، وعون التاجر حتى يربح، وعدة الزارع والصانع حتى تنمو ثروتهما، وملهم الباحث والعالم ليبلغ غايته؟ نعم: إنه الزاد لكل أبناء الأمة، حتى يكونوا اللبنات القوية التي تشد من أَزْرِ أمتهم، وتحقق لها الأمجاد، وتقيم صروح العزة والكمال.

يقول الدكتور أحمد فؤاد باشا الاستاذ بجامعة الأزهر: أن الإسلام يخاطب العقل، ويدعو الإنسان إلى التفكير، لأن التفكير السليم يهدي إلى الفلاح والإيمان، ويحث على الصبر في الأمور، وتوطين النفس على الاحتمال والجلد، وعدم استعجال النتائج وبذل الجهد والطاقة والاستعداد لصعوبات الواقع وظروفه المتغيرة، ويقول الله تعالى ''ما عندكم ينفد وما عند الله باق ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون'' النحل الآية .96
ويوضح أن الإسلام يأمر بالاستعانة بالصبر والصلاة ،و في كتاب الله تتعدد الآيات التي تؤكد قيمة الصبر والابتعاد عن استعجال الأمور حيث يأمر الله سبحانه وتعالى الإنسان بالصبر مع العمل والشعور بالواجب والحرص على رضا الله تعالى وتحمل المشاق والصعوبات التي تعترضه حتى يتحقق وعد الله تعالى الذي يثيب على الصبر والعمل ويحقق للعبد ما يسعى إليه، يقول تعالى ''إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب'' الزمر الآية .10، ''يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين'' البقرة الآية .153

2865461148_small_1
قال أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يعلمنا أن على المرء أن يتوكل على الله ويأخذ بالأسباب ويتدبر في الأمور ويستبشر خيرا ويرسخ في نفسه قول الحق سبحانه ''ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون'' يوسف الآية .87 ويطالب شباب الأمة بالتخلق بفضيلة الصبر والابتعاد عن استعجال الأمور، والرغبة في الحصول على مكاسب الحياة بسهولة وسرعة بلا تعب واجتهاد وتخطيط، لأن هذا يقود الإنسان إلى مزالق وأخطاء تكون عواقبها وخيمة.

ويضيف أن المؤمن العاقل يقسم آماله ورغباته على معاشه ومعاده ويطلب الخير لنفسه في يومه وغده، والقرآن الكريم يعلمنا أن التطلع الى السعادة والنعمة في الدنيا والآخرة واجب على المسلم ويتحقق بالذكر لله تعالى .

يؤكد د. محمد السعدي الأستاذ بجامعة الأزهر، أنَّ القرآن الكريم قد مدح الصبر وأهله في الكثير من آياي الذكر الحكيم، فمعية الله لا تتحقق هنا إلا للصابرين، فبالصبر تتنزل السكينة وتحصل الطمأنينة، والصبر هو السبيل لنيل حب الله ، وفي سورة العصر قرن الله التواصي بِالْحَقِّ والَتَوَاصي بِالصَّبْرِ، فالصبر هو الزاد الذي يغذي الأمة، وسلاح من أسلحتها الإيمانية التي تذود بها عن هويتها الحضارية، فالتمسك بالصبر سنة من سنن الله الكونية فعلي قدر التمسك بالصبر يكون النصر، والذي يميز أمتنا عدم استسلامها لليأس، بل تصبر حتي تتجاوز الشدة فسنة الله الكونية هي أن النصر مع الصبر: «وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ» .

ويشير إلي أن الصبر هنا لا يعني أبدًا الاستسلام إلي القدر كالجبريين، بل الصبر هنا يعني معالجة الأمور بروية وتؤدة وتحكيم العقول الرشيدة، والابتعاد عن مواطن الهوي وحظوظ النفس”.