تعددت وصايا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للمسلم بأن يكثر من الوضوء حتى لو لم يكن مطالباً بالصلاة.. أي عندما يؤدي ما عليه من صلوات ويفرغ من ذلك، فالوضوء بركة وطهارة، وبقاء المسلم على وضوء طوال الوقت - إن تسنى له ذلك - سنة نبوية كريمة، تعود عليه بأعظم المكاسب والمنافع.
وقال عليه الصلاة والسلام أيضاً: «ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله، فقال: إسباع الوضوء على المكاره - أي أدائه كاملاً حتى في أوقات الشدة - وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط»، ومن اللازم لانتظار الصلاة بعد الصلاة أن يكون المسلم على وضوء دائم، فلو صلى الظهر مثلاً يظل على وضوئه لأداء صلاة العصر، ولو انتقض الوضوء سارع بتجديده، ليبقى دائماً على طهارة.
وفي حديث آخر يقول عليه الصلاة والسلام «تبلغ الحلية من المؤمن حين يبلغ الوضوء»، أي أن الجمال والصفاء والنور تبدو على المسلم والمسلمة بسبب الوضوء.
يقول الشيخ محمود عاشور، وكيل الأزهر الأسبق، عضو مجمع البحوث الإسلامية: مداومة المسلم على الوضوء أصبحت سنة مهجورة فكثير من الناس لا يلجؤون إلى الوضوء إلا قبيل إقامة الصلاة، والبعض يؤخر صلاته لكي يصلي فرضين أو أكثر بوضوء واحد، مع أن تجديد الوضوء كله فوائد ومنافع للإنسان، كما أرشدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو أسهل وأسرع وأفضل وسيلة للنظافة المتجددة وإزالة الأوساخ من فوق الجسد، خاصة وأن معظم المسلمين يعيشون في بيئات حارة ويسبب لهم العرق مشكلات عديدة وتتراكم على أجسادهم كميات هائلة من الأتربة وعوادم السيارات.ويضيف: في التوجيهات النبوية السابقة سنة كريمة ينبغي الحرص عليها لأنها تحقق لنا الكثير من المنافع الصحية فالوضوء إلى جانب إزالته الأوساخ يجدد نشاط الإنسان، ويزيل الكسل والخمول منه، ويجعل له قدرة متجددة على العمل، وهذا مكسب دنيوي يحتاج إليه كل إنسان.
والمسلم مطالب بالاقتصاد في الماء الذي يستعمله في وضوئه بصفة عامة - كما يقول الشيخ عاشور - لأن الماء نعمة من أجل النعم، وقد تكرر الحديث عن نعمة الماء فيما يقرب من 60 موضعاً في القرآن الكريم، وترشيد استعمال الماء سلوك نبوي كريم، حيث ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - مر على سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وهو يتوضأ فرآه يسرف في استعمال الماء في وضوئه فقال له: «ما هذا السرف في الماء يا سعد؟».فقال سعد: يا رسول الله وهل في الماء من سرف؟ فقال له: «نعم، لا تسرف في استعمال الماء ولو كنت على نهر جارٍ».
ويسن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الدعاء أثناء الوضوء وبعده، وقد وردت أحاديث شريفة في ذلك، ومن دعواته الشهيرة أثناء وضوئه قوله صلى الله عليه وسلم: «اللهم اغفر لي ذنبي، ووسع لي في داري، وبارك لي في رزقي».وفي صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء - أي يفعله كاملاً - ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة يدخل من أيها يشاء».
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من الوضوء حتى ولو لم يكن عازماً على الصلاة، وكان يحب أن يظل على وضوء لكي يكثر من ذكر الله وهو على طهارة.. ويروى أن أحد الصحابة ألقي عليه السلام فتأخر الرسول في الرد عليه حتى انتهى من وضوئه، ثم قال له: «إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة».
كذلك كان صلى الله عليه وسلم لا ينام إلا وهو على وضوء، وقال البراء بن عازب رضي الله عنه في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري: «إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم إني أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت».
سنن هجرها الناس: الوضوء بركة وطهارة وتعود بأعظم المكاسب والمنافع
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة