بقلم/ ياسر على نور
المدير التنفيذى لمؤسسة الفتح الفضائية
الناس مختلفون فى إتقان الأعمال والقدرة على الإنجاز، فمنهم من إذا أرسلته لقضاء مصلحة أداها على خير وجه ودون مزيد من التوجيهات، ومنهم من إذا أرسلته لاستكمال بعض المهام أفسد من كنت قد بدأته وأعادك إلى ما قبل نقطة البداية..
وصدق طرفة بن العبد إذ يقول:
إذا كنت في حاجة مرسلا *** فأرسل حكيمًا ولا توصه
وإن باب أمر عليك التوى *** فشاور لبيبًا ولا تعصه
وفى تاريخنا العريق نماذج مشرقة لرجال نفخر بهم، ونعتز برواية سيرهم وقصصهم، فهذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يرسل رجلا واحدًا هو عبادة بن الصامت ليكون مددًا لعمرو بن العاص في فتح مصر ويقول عنه: "رجل يعد في الرجال بألف رجل". وهذا رجل آخر قال عنه الخليفة أبو بكر الصديق : إن صوت القعقاع في الجيش أفضل من ألف رجل. ولا يُهْزَم جيشٌ فيه القعقاع بن عمرو.أما إذا أردت الإحصائيات فحدث ولا حرج، فهذه دراسة أجراها اتحاد تنمية الموارد البشرية في مصر تشير إلى أن متوسط إنتاجية الموظف الحكومي العربي تتراوح بين (18) إلى (25) دقيقة يومياً. بينما تشير دراسات هيئة التعبئة والإحصاء المصرية أن متوسط عمل الموظف الحكومى فى مصر يبلغ 47 دقيقة فى اليوم.. أما فى الدول الأجنبية كالمكسيك مثلاً فيشير تقرير نشر بموقع فوربس المعني بالشئون الاقتصادية إلى أن متوسط أداء الموظف 50 ساعة أسبوعيًا.
والسؤال الآن: فماذا يفعل الموظف إذًا بقية اليوم؟ ولاشك أن معظم الساعات والأيام والشهور تُحرق فى الدردشة غير البناءة؛ كتحليل ماتشات الكورة ونقد المسلسلات والأفلام، أو الغيبة والنميمة والخوض فى أعراض الناس، أو التحدث فى شئون البلاد متهمًا هذا ومدافعًا عن ذاك، وهو لا يهتدي إلى شيء ولا يُجى من نفع ولا فائدة، بل هو حديث يوغر الصدور ويورث الغضب والضغينة والحقد الأعمى.. وينتهى اليوم دون عمل يذكر.
فما المطلوب إذًا؟ ببساطة أن تجلس بضع دقائق صبيحة كل يوم قبل الخروج للعمل، وتدون عددًا من المهام التى تستطيع تنفيذها، وتخصص لكل منها وقتًا محددًا، وتحتفظ بالورقة فى جيبك، ثم تغادر البيت متجهًا إلى العمل وأنت متوكل على الله، وترجوه أن يجعل التوفيق حليفك لإنجاز هذه الأعمال ويرزقك عليها الأجر والثواب.
وما النتيجة؟ سترى أنك أنجزت أعمالاً كثيرة كنت تظن أنها صعبة وعسيرة، ولن تجد وقتًا للثرثرة والمشاحنات والعراك مع الزملاء، ولم تبدد حسناتك، وساعتها تشعر بالبركة والسعة فى الرزق ورضا الله عنك، وتكون من السعداء فى الدنيا والآخرة.
ثقافة الإنجاز
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة