أجمع الكثير من العلماء على أن الحرمان من الميراث يعد كبيرة من الكبائر، إلا أنه يصح إذا ثبت ثبوتًا شرعيًا ما يوجب كفر
بعض الأولاد.. واستندوا إلى ذلك بآيات من القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة.
قال الله تعالى: (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ
نَصِيبًا مَفْرُوضًا) (7) النساء.
ثمّ قال عزّ وجلّ: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً
فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ
إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ءَابَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ
عَلِيمًا حَكِيمًا) (11) النساء.
ثمّ هدّد الله تعالى الذين يخالفون قسمته في الميراث ويتلاعبون في ذلك بقوله سبحانه: (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ
يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) (14) النساء.
فمن منع بعض أولاده من الميراث أو أعطاهم أقلّ من حقّهم أو زاد آخرين أكثر من حقّهم الشّرعي أو أدخل من ليس بوارث في
الميراث فهو عاصٍ آثم مرتكب كبيرة من الكبائر، وكذلك لا تجوز الوصيّة لوارث لأنّ له حقّا شرعيًا محددّا، وذلك لما رواه
أحمد وأبو داود والترمذي - رحمهم الله - عن أبي أمامة - رضى الله عنه - أن رسول الله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال : "إن الله قد
أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث". سنن الترمذي 2046.
أما بخصوص تارك الصلاة؛ فإن كان الذي ترك الصلاة جاحدًا لوجوبها، فإنه لا يرث من تركة أقاربه المسلمين؛ لأنه كافر كفرًا
أكبر، مخرجًا من الملة باتفاق المسلمين.
والكفر مانع من موانع الإرث، فصاحبه لا يرث ولا يورث، وإن كان تركه للصلاة تكاسلاً أو تهاونًا، فإن جمهور أهل العلم
ذهبوا إلى أن كفره دون الكفر المخرج من الملة.
فإذا مات جرى عليه حكم فسقة المسلمين، ويكفن ويصلى عليه.. ويرث ويورث.. لقول النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يرث
المسلم الكافر والكافر المسلم" متفق على صحته.
والأصل وجوب العدل بين الأولاد في العطية على الراجح من أقوال أهل العلم، لما ثبت من نهي النبي "صلى الله عليه وسلم"
عن ذلك، ولما في التفضيل من إثارة الأحقاد والضغائن بينهم، إلا أن بعض أهل العلم قد رخص في هذا التفضيل عند وجود
سبب مسوغ له، كالمرض أو كثرة العيال أو الاشتغال بطلب العلم.. ونحو ذلك.