مشروع القروض الميسرة للمشاريع المتكاملة

أخبار
طبوغرافي

د. حسن خليل سعد الله.. رئيس قسم (إدارة ATM) ببنك الإسكان والتعمير

 

فى الآونة الأخيرة أطلق البنك المركزى تجربة مشروع طلعت حرب، والتى تساعد أصحاب المشاريع الصغيرة والأفكار الجديدة بقروض ميسرة للعمل على تنمية هذه المشاريع، وأيضا للحد من البطالة، والحقيقة بعد دراسة هذه التجربة وجد أنها مجرد قروض عادية ولكنها أقل فائدة من القروض الأخرى. وقد يتعثر فيها صاحب القرض، ولا يستطيع السداد وذلك للأسباب التالية:-

أسباب فشل المشاريع الصغيرة

1- عدم وجود دراسة جدوى للمشروع تساعد على الرؤية المستقبلية للربح والاستمرار

2- ضعف التسويق للمنتج، فمعظم أصحاب المشاريع الصغيرة لا يهتمون بأمر التسويق

3- عدم وجود دورة محاسبية ومستندية لمعرفة المصروفات والدخل لحساب الأرباح

4- يقدم أصحاب المشاريع الإنتاجية الصغيرة على شراء آلات بأقل تكلفة، ولهذا يكون المنتج رديئا، فلا يستطيع المنافسة وتعود بالخسارة على المشروع.

 ولهذا فقد أقدمنا على عمل دراسة ميسرة لعمل قروض مشروطة بعض الشىء لضمان نجاح المشروعات المقدمة، ومساعدة المقترض على النجاح، وأيضا عمل نمو على مستوى الدولة ككل، وذلك على ثلاث مراحل.

 المرحلة الأولى

أولا: طبيعة المشروعات التى تستحق القرض

لابد أن يكون المشروع المقدم مشروعا إنتاجيا من الدرجة الأولى، أى أنه فى النهاية يسفر عن منتج ما، أيا كان هذا المنتج. فقد يكون مصنعا للغزل ينتج السجاد، أو للحديد ينتج المسمار، أو للبلاستيك ينتج الأواني، وغيرها من المشاريع الإنتاجية.

ثانياصاحب المشروع (المقترض)

1- يفضل أن يكون سن المقترض بداية من 21 عاما ولا يزيد عن 50عاما، يفضل بالطبع أصحاب الأعمار الكبيرة لأنهم أكثر خبرة بمجال العمل، إلا إن كانت الفكرة جديدة فيفضل أصحاب العمر الأقل

2- يجب أن يكون المتقدم للمشروع صاحب خبرة فى مجال العمل، حتى يقف على جميع جوانبه واحتياجاته، حتى لا يتعثر فى منتصف الطريق

3- يجب أن يكون مستوفى جميع شروط الأهلية والتى يضعها البنك لإعطاء القرض

ثالثا: دور البنك قبل الموافقة على القرض

1- دراسة المشروع دراسة مستفيضة من جميع جوانبه، سواء الآلات المستخدمة أو المنتج ومدى الحاجة إليه (محليا ، ودوليا)

2- عمل دراسة الجدوى للمشروع، لتقدير الربح أو الخسارة، وبالطبع يوجد متخصصون فى البنك لعمل هذه الدراسة على أكمل وجه

3- عمل استعلام عن  المنتج النهائى للمشروع وعلى هذا يتم قبول المشروع أو رفضه

رابعا: كيفية القرض وشروطه

بعد إتمام دراسة الجدوى وعمل الدراسة الاستعلامية، وقد حظى المشروع بالقبول، يضع البنك بعد الشروط -وهذا هو الجديد- لإعطاء القرض للمقترض

1- يدخل البنك شريكا مع المقترض بالنصف أو على حسب ما يتراءى للبنك، طوال مدة القرض، كشرط أساسى، (فإن تعذر دخول البنك كشريك، يمكن للبنك أن يخصص إحدى الشركات التابعة له للعمل على هذا المشروع بحيث تكون الشركة شريكة للمقترض، أو إنشاء شركة خصيصا لذلك المشروع).

بمعنى أنه إذا كان المشروع يحتاج إلى مليون جنيها لبدء العمل، يدخل البنك بنصف المبلغ، ويعطى المقترض النصف الآخر (نصف مليون) للعمل على شراء متطلبات المشروع.

2- وضع نصف مليون جنيه فى حساب خاص بالمشروع فى وعاء ادخارى بحيث يستطيع الإنفاق على المشروع فى شهوره الأولى لحين بدء تلقى الأرباح، أو وضع المبلغ المتبقى بعد شراء متطلبات المشروع

3- تعيين المقترض مديرا للمشروع مع إعطائه مبلغا شهريا حسب دراسة الجدوى، لحين تقاسم الأرباح فى نهاية العام

4- يمكن للبنك الخروج من الشراكة بعد فترة انتهاء القرض، ويمكن الاستمرارية حسب رغبة الطرفين

خامسا: دور البنك فى المشروع كشريك

1- نظرا لصعوبة دخول البنك كشريك مباشر، يمكن أن يقوم بعمل شركة صغيرة تابعة للبنك خاصة بهذه المشاريع للمشاركة فيها، والعمل عليها.

2- تقوم الشركة بالإشراف على شراء الآلات بحيث تكون بمواصفات تقنية عالية وذلك لإخراج منتج عالى الجودة، وذلك عن طريق إدارة الجودة، إن وجدت فى البنك.

3- تقوم الشركة بالتسويق للمنتج عن طريق إدارة التسويق بالبنك وهم بالطبع متخصصون محترفون، وذلك بمقابل مادى حسب دراسة الجدوى أيضا.

3- تقوم إدارة الحسابات بالبنك ـو الشركة، أو إدارة المشروعات الصغيرة، بالدورة المحاسبية والمستندية الخاصة بالمشروع.

سادسا: دور صاحب المشروع

1- يقوم بالإشراف الإدارى على المشروع والاتصال بموردى متطلبات المنتج

2- يقوم صاحب المشروع بتعيين عمال متخصصين عن طريقة للعمل على الآلات وإخراج المنتج

3- يقوم صاحب المشروع بالتنسيق بمفرده أو مع البنك بعمل فريق خاص للمبيعات

سابعا: العائد على البنك

1- استغلال السيولة الراكدة فى البنك لتحقيق الأرباح عن طريق القروض

2- ضمان مخاطر الائتمان بنسبة كبيرة، حيث أن المصروفات والواردات تكون دائما تحت إشراف فريق عمل البنك

3- تحقيق نسبة من أرباح المشروع حسب نسبة دخول البنك فى المشروع مما يزيد من أرباح البنك بنسبة كبيرة

4- استقطاب شريحة جديدة من العملاء المقترضين، (الحرفيين وأصحاب الصناعات) والتى لم تكن مستهدفة من قبل

4- إمكانية التوقف عند احتمال عدم جدوى المشروع  مما يقلل الخسائر المتوقعة

ثامنا: العائد على (صاحب المشروع)المقترض

1- الراحة النفسية لوجود البنك كشريك له فى المشروع

2- ضمان وجود عائد شهرى كبير يساعده على العيش

3- ضمان نجاح المشروع وهذا يؤدى إلى وجود أرباح مضمونة فى آخر العام

تاسعا: العائد على المجتمع

1- يساهم بشكل كبير فى حل مشكلة البطالة، حيث أن هذه المشاريع تحتاج إلى عمالة حرفية كثيرة، كما تحتاج إلى فرق للتسويق والمبيعات

2- إنتاج منتج رخيص نسبيا عن المنتجات المستوردة وبنفس الجودة، مما يساعد المستهلك على الشراء.

3- إدارة عجلة الإنتاج مرة أخرى مما يساعد على نمو المجتمع

عاشرا: العائد على الدولة

1- تساعد هذه المشاريع المنتجة على الحد من الاستيراد، مما يساعد على انخفاض سعر العملة الأجنبية

2- تساعد على وجود طفرة فى تنمية البلاد إذا تم إتقان العمل

3- يمكن تصدير هذه المنتجات خارجا، مما يساعد على توفير العملة الأجنبية

4- الارتقاء بالبلد فى مجال الصناعة الإنتاجية ورفع شعار صنع فى مصر

5- يساعد على نمو اقتصاد البلد والدخول فى مصاف الدول الصناعية المصدرة

حادى عشر طريقة طرح المشروع

1- إما عن طريق عمل إعلان للقروض وشروطها والتقدم لها، مع إعلام المتقدم بشرط مشاركة البنك

2- طرح بعض المشاريع المدروسة تماما من قبل البنك، وطلب المشاركة مع البنك لمن يستطيع إدارة هذه المشاريع وبشروط البنك (وهذا هو الأفضل)

وذلك عن طريق دراسة السوق المحلية والسوق العالمية، ومعرفة المنتجات الناقصة والتى تحتاج إليه هذه الأسواق، ثم عمل دراسة الجدوى ومدى الربحية العائدة من المشروع، وبعد ذلك يتم عرض المشروعات فى إعلانات عامة، ويتقدم كل من يجد نفسه قادرا على ذلك، وبالطبع يقدم ما يثبت خبرته فى ذلك النوع من المشروعات.

ثانى عشر: تنفيذ المشروع قاريا

1- حيث يوجد العديد من الدول الإفريقية فى حاجة إلى مثل هذه القروض والمشروعات، لوجود الموارد الأساسية بها ولكنها تفتقر إلى التمويل والخبرات

2- يمكن للبنك إقامة مكتب تمثيل فى هذه الدول ونقل خبراته وقدراته المالية والعملية إليها، وذلك قد يحقق ربحا هائلا، وينقل البنك إلى العالمية، ويحقق ريادة مصرية للقارة الأفريقية.

المرحلة الثانية

عمل المشاريع التكاملية

وهذه هى المرحلة الثانية من المشروع، فبعد إتمام المشاريع فى المرحلة الأولى، والاطمئنان إلى نجاح المشروع الائتمانى ككل، نتجه إلى التوسع فى هذه المشاريع لتشمل مشاريع أخرى تكاملية، أى يكمل بعضها بعضا، وبنفس الشروط.

على سبيل المثال:-

مشروع غزل السجاد

وهو من المشاريع التى تحتاج إلى الكثير من العمالة، وتحتاج إلى الكثير من الخامات التى تساعد على خروج المنتج بجودة فائقة، وبالطبع يحتاج إلى آلات الغزل والنسيج، ومن أهم الخامات التى تدخل فى هذه الصناعة:-

1- الخيوط المصنوعة من القطن

2- مخلفات مصانع الأقمشة

3- النول، وهو الآلة التى تستخدم لعمل المنتج

بعد شراء آلات العمل (النول) وتجهيز المصنع يقوم المصنع بشراء الخيوط الملونة، لأنها أهم الخامات التى يحتاجها المنتج، فهى تعتبر مكملة لعملية الإنتاج.

مع النجاح المطرد فى المشروع يحتاج إلى كميات كبيرة جدا من هذه الخيوط، نظرا لكثرة الطلب على المنتج، وخاصة إذا كان المنتج معد للتصدير.

عمل مشروع متكامل لمشروع النسيج

يقوم البنك بطرح مشروع مصنع الخيوط، والذى يقوم بإنتاج الخيوط اللازمة لعمل السجاد، وبالطبع جميع منتجات الخيوط، لأى منتج آخر، وبالتالى يمكن الحصول على الخامات اللازمة لمشروع السجاد من هذا المصنع، وعلى هذا تكون بسعر أقل من البائع، وذلك لأنها من المصنع رأسا، وبهذا يضمن المصنع بيع الكثير من إنتاجه، إن لم يكن كله، ويضمن مشروع النسيج سعرا أقل يساعده على جودة الإنتاج والمنافسة فى السعر، ويضمن الاثنان نجاح المشروع ودخول الربح.

وعلى هذا فى معظم المشاريع

فمشروع تصنيع الموبيليا يحتاج بجانبه إلى مصنع أخشاب

مشروع الملابس الجاهزة، يحتاج إلى مصنع أدوات الخياطة

المشروعات الزراعية تحتاج إلى مصنع الأسمدة

وهكذا نحصل على عدة مشاريع تكاملية مضمون لها البيع والربح.

المرحلة الثالثة

عمل المشاريع الخدمية

المرحلة الثالثة هى المشروعات الخدمية، وهى التى تخدم هذه المشاريع القائمة، فالمنتج النهائى قد لا يخرج من المصنع إلا بعد إضافة بعض التشطيبات عليه ، وهذه التشطيبات تختلف باختلاف المنتج.

فمصانع الملابس مثلا تحتاج الى الكى ، وعلى هذا يمكن إقامة مشروع لكى هذه الملابس، ومشروعات الإنتاج الزراعى قد تحتاج إلى التعبئة والتغليف، وعلى هذا تحتاج إلى مصنع لصنع الأكياس، ومشروعات الموبيليا والأخشاب تحتاج إلى الدهانات. ولذا يمكن عمل مشروع خاص ببيع الدهانات، أو دهان المنتجات.

وجميع هذه المشروعات تحتاج إلى النقل من مقر الخامة، إلى مكان المصنع، ومن المصنع إلى بائع الجملة، ومن بائع الجملة إلى بائع التجزئة، وعلى هذا يمكن إقامة مشروع نقل متكامل لخدمة هذه المشاريع.

وهذه المشاريع الخدمية لا تحتاج إلى الكثير من رأس المال، فيمكن إدراجها تحت مسمى المشروعات الصغيرة، ويمكن أيضا الدخول فيها بنفس شروط القرض لباقى المشروعات، والمشاركة فيها أيضا.

العائد المادى والمعنوى على البنوك والدولة

بالطبع بعد تنفيذ هذا المشروع منذ مراحله الأولى سيعود بالخير على الدولة، سواء كان ماديا أو معنويا وذلك يتمثل فى:-

1- زيادة كبيرة جدا فى أرباح البنوك نتيجة مشاركتها فى المشاريع، وأيضا فوائد القروض

2- تصبح الدولة رائدة مسار التنمية فى أفريقيا ، وبفكر جديد فريد، ويمكن الانطلاق منها إلى دول أخرى لتنفيذ هذه المشروعات

هذا وبالله التوفيق

حسن خليل سعد الله

رئيس قسم (إدارة ATM)