الإعلامى والمحاضر الدولى
د. أحمد طقشالمؤمن نشيط يقظ سبّاق ذو همة عالية، ولقد أرسل الله العظيم جل جلاله الوحي المبارك ليخرج الناس من ظلمات الكسل إلى سماوات السعي، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات، ومن التثاقل عن الخيرات إلى ( سابقوا) و( ارعوا ) إلى نعيم الروضات ..بهكذا فهم، تصاعد الإسلام علوا على أكتاف مريديه، حيث صار التقدم المادي والمعنوي الذي أحرزه المسلمون الأوائل، هو بحد ذاته، داعيا للدخول إلى مفاخر هذا الدين العظيم الجميل الجديد .
وراح المسلم المؤمن المحسن يتسابق مع إخوته في تحصيل المثوبات، فالنهار لكسب المال، ولإنفاقه على العائلة، ثم على الفقراء والمحتاجين، والليل للقيام بحقوق النفس التي لا ترتاح إلا بقربها من خالقها جل جلاله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( شرف المؤمن قيام الليل )
أما تداعيات الدخول في عصر ملتبس جدا، فقد أفرزت نوعا جديدا من الاتكاليين، الذين لن ننفق الوقت في الحديث عنهم، بل سنشد عضدهم بزخات من التفاؤل الذي يغمر حيوات نوعين من البشرهم : أولا : السعداء، ثانيا : الناجحون ..
قم، انهض، حي على العمل، نعم طلب الإسلام منك قيام الليل بالصلوات والأذكار، لكنه يحتاجك بحق في النهار للنهوض به بكثرة الجد والاجتهاد والاختراع و الإبداع و القراءة والكتابة والاكتشاف والتحصيل الأدبي و العلمي والطبي و القانوني و الخدمي ..
إن مفهومنا عما يريده الخالق من المخلوق، بحاجة ماسة إلى حركة تصحيحية، تعيد تصورنا إلى جادة الصواب المستقيمة، يريد الله سبحانه وتعالى صيغة متطابقة عما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين :
( فرسان النهار، رهبان الليل) هل تستطيع أن تقوم بحق هذه الصورة عليك؟ هل ستعمل بكل جد ونشاط وتعاون واحترام ومحبة ضمن فريق مخلص همه الأول و الأخير إجلاء صورة الإسلام الناصعة ؟ هل تتخيل معي شكل المجتمع كيف سيغدو قطعة واحدة متماسكة أمام الأهوال و الخطوب، إن قرر كل واحد منا أن ( يقوم النهار ) ؟ إن أوان الهرولة نحو المستقبل قد آن بالفعل ..
شمروا عن سواعد الهمة العالية ..هزوا جميعا جذع نخلة الإنجاز الحضاري الفعال ..أعيدوا معا رسم لوحة المتدين المحبوب الذي لا يقول لشيء ( إني فاعل ذلك غدا) الكهف 23 .إن المؤمن الذي ينام طيلة النهار، ويصلي طيلة الليل مؤمن مقصر بحق دنياه، وبحق آخرته، كما أن المؤمن الذي يكد طيلة النهار، وينام طيلة الليل أيضا مقصر بحق دنياه، وبحق آخرته ..
لنعد جميعا إلى الوسطية، اعمل سحابة يومك في زراعة الإيجابيات، كن مرسال رحمة وهناءة عيش للآخرين ..قم النهار عن طريق سؤالك عن الأيتام و الأرامل، وسعيك الحثيث في محاولة تنفيس كروب الآخرين كل الآخرين ..إن قيامك النهار بطلب رزق القلوب ثم رزق الجيوب، لهو من الحصافة العقلية و الروحية ...كن سباقا نحو المعالي، زاحم المناكب في إتقان عملك .. وعملك الحقيقي – صدقني – هو إعمار الأرض .
لقد خلق الله أبناء لسيدنا آدم عليه السلام، كي يكونوا فالحين، معمرين، فاعلين، مؤثرين، في تجميل وجه الحياة، ولقد فهم المسلمون الأوائل هذا التصور أيما فهم، فراحوا يقومون النهاربالإخلاص نفسه الذي كانوا يقومون به الليل، وهكذا فقد عمروا دنياهم، كما عمروا آخرتهم ..
وازرعوا واصنعوا وتاجروا وسافروا وغامروا وشقوا عباب البحر و اركبوا الأهوال في سبيل القيام بحق عبوديتكم لله جل جلاله، الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، الحاض على أن يكون الفرد متقدما في مجتمعه، تاركا بصمة عطر خلفه، تدل على أنه فهم التدين الفهم التنموي الصحيح، حيث يكون الفلاح في النهار، نتيجة طبيعية ( للصلاة ) في الليل ..