أكد العديد من خبراء اللغة والكلام أن اللجلجة كانت لا تزال أكبر اضطراب تخاطبي محير وهذا الرأي أؤيده بشدة بالنظر إلى أسبابها وطرق علاجها الصعبة..
وتعرف اللجلجة بأنها كلام يتسم بتكرار وتطويل لبعض الأصوات والمقاطع والكلمات أو بترددات متكررة أو سكتات مع تمزق التدفق النغمي للصوت..
وهناك من يعزو سبب اللجلجة إلى عوامل عضوية عصبية وآخرون يعزون هذا العيب إلى أسباب نفسية أساسها الشعور بالقلق والخوف والاضطراب وقد تكون هذه الأسباب النفسية نابعة من زيادة القسوة على الطفل أو زيادة الدلال والإفراط في رعايته، وقد تكون بسبب فقدان العطف من أحد الأبوين أو كليهما أو بسبب الشقاء العائلي وتضارب الأهواء داخل الأسرة، أو بسبب إجبار الطفل الأعسر على استخدام يده اليمنى أو بسبب الإخفاق في التحصيل المدرسي واستخدام أسلوب القسوة والصرامة والعنف معه، فحين يهدد الصراع النفسي الاتزان العقلي يظهر هذا على شكل تنفيس انفعالي يسبب الاضطراب في إيقاع الكلام ونغمة النطق وتشنجات ارتعاشية أو اهتزازية وما دامت هذه العيوب النفسية قائمة يبقى هذا الاضطراب ملازماً لصاحبه مدى الحياة، وبهذا المعنى تصير اللجلجة ميكانيزما دفاعية وإجراء وقائياً هروبياً من الواقع الصعب والحالة النفسية المتأزمة والمشحونة بالخوف والقلق.
وتظهر حالات اللجلجة بكثرة في سن الخامسة، وهى الفترة التي تنمو فيها اللغة بسرعة، والسادسة وهي السن التي يلتحق فيها الطفل بالمدرسة ويتعرض فيها بالتالي إلى الانفصال عن الأسرة. وأيضا في هذه المرحلة بالتحديد تتبلور القدرات اللغوية، وتظهر واضحة جلية في هذا العمر الزمنى . ومن ثم يمكن التعبير عنها في صور لفظية متنوعة. كما في المراهقة تبلغ اللجلجة مداها أيضا نظراً بأن الطفل يكون في بواكير مرحلة جديدة من النمو عند أعتاب مرحلة المراهقة . وما بها من تقلب انفعالي وتذبذب في العلاقات الاجتماعية إلى جانب الحساسية للنقد ما يسبب توترا لدى المراهق مما جعله معرضاً للجلجة .
وأما طرق فهناك العديد من الطرق مثل:
-طريقة اللعب: حيث أدت هذه الطريقة إلى كشف اضطرابات الأطفال وتفهم أسبابها وخاصة صغار السن، كما أن اللعب هدف تشخيصي إذ يمكن من خلاله الوصول إلى المعلومات والرغبات المكبوتة والاضطرابات المتفرعة.
واللعب أيضا هدف علاجي، حيث إن الطفل أثناء اللعب يكشف عن صراعاته ورغباته المكبوتة وميل أثناء اللعب للتنفيس عنها من خلال اللعب والصراخ والعدوان وتصير مهمة اللعب هنا تطهيرية علاجية.
-طريقة التحليل بالصور: حيث ينسى الطفل نفسه ويعبر عن اتجاهاته وانفعالاته وعلاقاته مع والديه ويتكلم دون اضطراب أو لجلجة.
-طريقة الاختبارات الشخصية: حيث يستخدم المعالج هذه الاختبارات للكشف عن شخصية المصاب ومنها اختبارات موضوعية وأخرى إسقاطية مثل اختبار (رودجرز) واختبار T.A.T. الذي صممه العالمان (موري) و(مورجان) وهو مجموعات من الصور مخصصة للأطفال والرجال والنساء وهذه الصور تسمح بالتأويل والتفسير والتعبير عن المشاعر والعواطف والاتجاهات.
-فحص مشكلات المصاب باللجلجة مع والديه: حيث إن اضطرابات المتلجلج تظهر في البيت وتتصل بالطريقة التي يعامله فيها أبواه، وتهتم هذه الطريقة بإرشاد الوالدين إلى أفضل السبل والطرق في التربية ومعاملة الأبناء.
-طريقة الإيحاء والإقناع: وهي تُتبع لمعالجة مخاوف الطفل الناجمة عن عيوب الكلام وعن الإحباط الشديد وتهدف إلى بناء شخصية المصاب والإيحاء له بأن حالته في تحسن وأن الاضطراب لن يستمر طويلاً.
-الاسترخاء: حيث إن اللجلجة عرض جسمي لاضطراب نفسي وهنا يتدرب المريض على إرخاء عضلاته وتخفيف النشاط الذهني والنفسي والانفعالي، وأن يكون المهم هنا هو الوصول إلى الأسباب الحقيقية لمعالجة الاضطراب وتحقيق الاستقرار النفسي والعقلي إلا أن هذه الطريقة تعتبر عاملاً مساعداً على تحقيق هذا الهدف.
كما أن هناك طرقا للعلاج الكلامي مثل:
-طريقة الاسترخاء الكلامي: وتهدف هذه الطريقة إلى التخلص من الاضطرابات في اللجلجة أثناء الكلام وتكوين الشعور باليسر وفيها تمرينات على الأصوات المتحركة والساكنة ثم الكلمات والجمل وذلك من خلال نطقها في رخاوة وأناة وفي نغم بطيء ويمكن لهذه الطريقة من إحداث تحسن وقتي ويخشى من النكسة المفاجئة بعدها.
-تمارين الكلام الإيقاعي: وهنا تتبع بعض الوسائل الإيقاعية مثل النقر أو الصفير أو الاشتراك بالقراءة الجماعية الجهرية.
-طريقة النطق بالمضغ: حيث يتصور المصاب أنه يمضغ قطعة من اللحم أو اللبان وأن يكون لمضغه صوت وهذا ما يحول انتباهه عن لجلجته ويخفف من حدة مخاوفه.
-فك أشراط القلق: حيث يحدث هذا باستخدام جهاز المتروتوم الذي يشبه سماعة الأذن والذي يمكن ضبط دقاته وعلى المصاب أن ينطق كلمة واحدة مع كل دقة وفي البداية نضبطه على عدد قليل من الدقات في الدقيقة ثم نبدأ بزيادة الدقات حتى تصل لمستوى الكلام العادي ومن الكلام أمام الناس بالدخول في مجموعات بشرية تتسع كلما حصل التحسن التدريجي.
-طريقة العلاج الظلي: ويكون العلاج هنا بالوقوف أمام المرآة وممارسة الكلام المضطرب والذي يدفع المصاب إلى ملاحظة عيوبه والسعي إلى تصحيحها وتشكل الرغبة في التخلص منها.
ولا بد في كل الأحوال من تآزر العلاج النفسي مع العلاج الكلامي للوصول إلى أفضل النتائج بغية بث روح الاستقرار والهدوء في نفس المصاب.