الدواعش يفسرون نصوص القرآن على هواهم لخدمة من يمولهم

محاضرات
طبوغرافي

 الأستاذ الدكتور أحمد عبده عوض

الداعية والمفكر الإسلامى

أكد الأستاذ الدكتور أحمد عبده عوض أن الدواعش وغيرهم ممن يقتلون الناس باسم الإسلام يعتمدون علي فهم مغلوط للنص

الديني – لا شك في ذلك – وهذه القضية ابتليت بها الأمة منذ ظهور الخوارج، ونحن في حاجة إلى ساعات طوال كي نتدارس

الإرهاب ونشأته وتطوره، .

وقال أن الدين الإسلامي واضح وضوح الشمس، والنصوص واضحة وقد فسرها القدماء قبل المحدثين، ولكن هؤلاء الخوارج

أخذوا بظاهر النصوص وفهموها فهما خاطئا، وكل ذلك جاء لخدمة أهداف من يمولونهم ويمدونهم بكل وسائل العنف والإرهاب

لمصالح خاصة، أي أنهم سيسوا الدين لفهمهم الخاطئ، بدلا عن ان يسيسوا عقولهم مع الدين.

وقد عنف النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد لما أساء الظن والفهم، فمما جاء في رواية اسامة بن زيد لهذا الحديث: "بعَثَنَا

رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْحُرَقَةِ، فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ، فَهَزَمْنَاهُمْ، وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ رَجُلًا مِنْهُمْ، فَلَمَّا غَشِينَاهُ

قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ! فَكَفَّ الْأَنْصَارِيُّ، فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم

فَقَالَ: ((يَا أُسَامَةُ! أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟!)) قُلْتُ: كَانَ مُتَعَوِّذًا [إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفًا مِنَ السِّلاَحِ] [أَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَقَتَلْتَهُ؟!

أَفَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لَا ؟!] فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْم".

دائما النصوص تحتاج إلى سياقات في فهمها، ولا يمكن للباحث أن يجتزأ النص من سياقه، - على سبيل المثال – قال النبي

صلى الله عليه ومسلم: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله، فإن هم فعلوا ذلك عصموا مني

دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله))، هم فهموا هذا النص بعقولهم القاصرة على أن الله تعالى يعطيهم الحق في

أن يقتلوا كل من يختلف معهم في العقيدة، وهذا اتجاه عجيب وغريب لم يقل به أحد، فالحديث يقول ((أمرت أن أقاتل الناس))،

كلمة الناس هنا لها سياقها التاريخي، وعندما نفتح القواميس اللغوية نجد لها أكثر من عشرين معنى، ونجد أن الله تعالى قال في

القرآن الكريم: {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم ..}، نجد أن كلمة الناس تكررت في جزء من الآية مرتين، وكلمة

"الناس" الأولى تختلف كل الاختلاف عن كلمة "الناس" الثانية في المعنى، وقول النبي صلى الله عليه وسلم "الناس" في الحديث

لا يقصد به كل الكفار من، ولكن يقصد بها فئة محددة، وهم الذين قال الله فيهم {فسيحوا في الأرض أربعة أشهر}، سياق النص

هنا محصور في هؤلاء – فقط – فقد أنزل الله فيهم آيات سورة التوبة وأمهلهم أربعة أشهر، فلما انقضت المهلة أمر الله رسوله

بقتالهم.

وليس المعنى أن يقاتل النبي صلى الله عليه وسلم كل الكافرين حتى يؤمنوا؟

إطلاقا، ولكنهم اتخذوا هذا الحديث مبدأ لهم في قتال كل من خالفهم، فهم يعتبرون ان كل من اختلف معهم في العقيدة فدمه

مستباح، هذا من ناحية، من ناحية أخرى، نحن في دولة سلام لا دولة حرب، فلا يجوز أن نقاتل من خالفنا في العقيدة إذا كان

مسالما، قال تعالى: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ

يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}، ليس هذا فقط، ولكن الإسلام قد أوجب علينا أن نعامل غير المسلم بالبر ، وأن نقسط إلى غير المسلم، فما بالك

إذا كان مسلما أعزل مصليا في بيت من بيوت الله.

وهؤلاء الدواعش يعتقدون أن كل الشعوب العربية كافرة إلا من اعتنق أفكارهم، وكفروا علماء المسلمين لأنهم لم يكفروا الحكام،

وكفروا عامة المسلمين لأنهم لم يكفروا الحكام، لأن مبدأهم السائد هو: "من لم يكفر الكافر فهو كافر" ، والعياذ بالله، وقد كفروا

أئمة الإسلام من القدماء، حتى إن بعضهم كفر الإمام علي رضي الله عنه.