مراتب الشهداء عند الله

محاضرات
طبوغرافي

 الأستاذ الدكتور أحمد عبده عوض

الداعية والمفكر الإسلامى

الجهاد في سبيل الله ليس في الغزوات أو الحروب فقط، وإنما كل الأعمال الصالحة تعد جهادا في سبيل الله تعالى، بل وأعدها

الإسلام الجهاد الأكبر. فالموت على تمام العمل الصالح يعد شهادة في سبيل الله، وذلك مصداقا للآية الكريمة: { وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي

سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} أي؛ متم على حسن الخواتيم دون مقاتلة القوم

موت الصالحين على فرشهم بأعمالهم الصالحة

واستغلال أوقاتهم في طاعة الله يجعلهم في منازل الشهداء

ويضرب فضيلته مثالا بالصحابي الجليل خالد بن الوليد رضي الله عنه مات على فراشه ليس في قتال، فاستحق بذلك أن يكتب

عند الله من الشهداء على الرغم أنه لم يقتل في الجهاد، ولكن الله عز وجل لم يضيع عليه أجر الشهادة، فكذلك الصالحون موتهم

على فرشهم بأعمالهم الصالحة واستغلال أوقاتهم في طاعة الله، كل ذلك يجعلهم في منازل الشهداء، وهذه المميزات اختصت بها

أمة الإسلام دون غيرها، مما يدل على أفضلية الإسلام والمسلمين على غيرهم من الأمم السابقة.

ويوضح فضيلته أن الفرق بين شهيد المعركة وغيره من الشهداء، أن شهيد المعركة جاد بنفسه في سبيل الله تعالى، وأما من

قضى عمره لله تعالى في الطاعة والدعوة والإصلاح بين الناس فهذا قد جاد بعمره في خدمة دين الله وهداية المسلمين والأعمال

الصالحة، فكلهم شهداء ولكن الأجور والدرجات تتفاوت.

كما يضيف فضيلته أن حسن العمل يؤدي إلى حسن الخواتيم، وخيركم من حسن عمله، وجاء في البخاري عن النبي صلى الله

عليه وسلم أنه قال: ((إنما الأعمال بالخواتيم))، بمعنى أنه من مات شهيدا فقد حسنت خواتيمه، ومن مات غير شهيد فإنه حسنت

خواتيمه أيضا، لأنه يختم علينا بنهايات الأعمال، فالإنسان الصالح يموت على آخر عمل صالح، قال النبي صلى الله عليه وسلم:

((إذا أحب الله عبدا استعمله على عمل صالح وقبضه عليه))، فهناك شيء اسمه الاستعمال أو الاستخدام، وهو أن الشخص قد

يموت ميتة عادية ليس في حرب أو غزوة في الدفاع عن الإسلام، وليت الحرب التي تشنها الجماعات الإرهابية على الأبرياء لا

يفرقون بين مسلم أو غير مسلم فهم عمي وصم وبكم ولا يفقهون، أما الجهاد فليس المقصود به الجهاد في الحرب فقط، وإنما هو

جهاد النفس بالطاعة والبعد عن المعاصي، فقد رُوي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال قال لأصحابه : (رجعنا من

الجهاد الاصغر إلى الجهاد الاكبر) ، فالجهاد الأصغر محاربة المشركين، والجهاد الاكبر جهاد النفس، ومن نال النصر في

الجهاد الأكبر لا يقل

منزلة وفضلا عمن نال النصر من الجهاد الأصغر وهو الدفاع عن الإسلام وقتال أعدائه.

ويضيف فضيلته أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، قال ((مَن قُتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن

قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد)، كما أنه يلحق بالشهداء أيضًا من مات حرَقًا، مَن مات غرَقًا، مَن مات

مبطونًا، من مات مطعونًا، كما أننا لا ننسى ما جاء في الحديث الشريف: أنه" ما يُصيب المسلم من نصَبٍ، ولا وصَبٍ، ولا همٍّ،

ولا حزن، ولا أذى، ولا غم، حتى الشوكة يُشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" فهولاء جميعا ممن يلحقوا بمنزلة الشهادة