طاوس بن كيسان الجامع بين العلم والعمل

محاضرات
طبوغرافي

الأستاذ الدكتور أحمد عبده عوض

الداعية والمفكر الإسلامى

ليس التابعي الجليل طاوس بن كيسان بحاجة لنعرفه للناس فهو أبين من أن يعرف، وعلمه بلغ الآفاق، وقد روى عن كثير من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن كثير: كان أحد الأئمة الأعلام، قد جمع العبادة والزهادة والعلم النافع والعمل الصالح، وأكثر روايته عن ابن عباس، وروى عنه خلق من التابعين وأعلامهم، منهم مجاهد وعطاء وعمرو بن دينار وإبراهيم بن ميسرة وأبو الزبير ومحمد بن المنكدر والزهري والضحاك ووهب بن منبه وغيرهم.


كان الإمام طاوس بن كيسان نموذجا يحتذى في تطبيق العلم، والسير به، وامتثاله، فتجده منفذا لما علم، مسارعا للأجر والثواب، مقبلا على ربه سبحانه، قال ابن كثير: توفي طاوس بمكة حاجًا، وقال ابن شوذب: رحم الله طاوسًا، حج أربعين مرة.
* وعن ليث عن طاوس قال: ما من شيء يتكلم به ابن آدم إلا أحصي عليه حتى أنينه في مرضه ، ولما علم أحمد ذلك من قوله وكان يتأوه بينما كان مريضا توقف عن التأوه.
* وقال ابن جرير: قال طاوس: البخل أن يبخل الإنسان بما في يده، والشح أن يحب أن له ما في أيدي الناس ولا يقنع.
* قال إبراهيم بن ميسرة: قال طاوس: لا يحرز دين المؤمن إلا حفرته (يعني لا يعلم حقيقته).
* وقال مجاهد لطاوس: رأيتك تصلي في الكعبة والنبي صلى الله عليه وسلم على بابها يقول لك: اكشف قناعك وبيِّن قراءتك، فقال له: اسكت لا يسمع هذا منك أحد. (فكان طاوس ينبسط في الحديث ويكثر منه بعد ذلك)
* وعن سفيان بن عمرو: ما رأيت أحدًا أشد تنزهًا مما في أيدي الناس من طاوس.
* قال إبراهيم بن ميسرة: ورب هذا البيت ما رأيت أحدًا الشريف عنده والوضيع بمنزلة واحدة إلا طاوس.
* قال ابن كثير: جاء مسلم بن قتيبة بن مسلم - صاحب خراسان - لطاوس ليسأله، فانتهره طاوس بشدة، فقيل: هذا صاحب خراسان، قال طاوس: ذلك أهون له علي!
* قال الطبراني: بعث محمد بن يوسف - أخو الحجاج - إلى طاوس بصرة فيها دنانير وقال للرسول: إن أخذها منك فإن الأمير سيكسوك ويحسن إليك. قال: فخرج بها حتى قدم على طاوس ومعه الجند، فقال: يا أبا عبد الرحمن نفقة بعث بها إليك الأمير. قال: ما لي بها حاجة. قال: فأراده على قبضها فأبى، فرمى بها من كوة في المنـزل ثم ذهب، فقال لهم: قد أخذها، فلبثوا حينًا، ثم بلغهم عن طاوس شيء يكرهونه، فقال: ابعثوا إليه فليبعث إلينا بمالنا، فجاءه الرسول فقال: المال الذي بعث به إليك الأمير؟ قال: ما قبضت منه شيئًا، فرجع الرسول فأخبرهم فعرفوا أنه صادق، فقيل للرجل الذي ذهب إليه وبعثوه إليه، فقال: المال الذي جئتك به يا أبا عبد الرحمن؟ هل قبضت منه شيئًا؟ قال: لا، قال: فهل تدري أين وضعته؟ قال: نعم في تلك الكوة فأبصره حيث وضعته، قال: فمد يده فإذا هو بالصرة قد بنت عليها العنكبوت بيتها، فأخذها فذهب بها إليهم.