الاستغفار والتوبة..وقاية من المصائب والابتلاءات والهموم

تحقيقات
طبوغرافي


الاستغفار من العبادات الجليلة والقربات العظيمة، فضله عظيم وعوائده أثيرة وخيره عميم، وخيراته على العبد متوالية في

الدنيا والآخرة، وهو طلب المغفرة من الله تعالى وطلب التجاوز عن الذنب وعدم المؤاخذة به.

 

والاستغفار هو الماء الذي تغسل به القلوب، ويزيل الذنوب، والنور الذي يمحو ظلمات العصيان وهو سبب لمرضاة الرب

وسكينة القلب، لأن الله يحب عباده الأوابين التوابين المستغفرين.

والكثير من الآيات حثت على الاستغفار، وسمى الله تعالى نفسه الغفار وغافر الذنب وذي المغفرة، وأثنى على المستغفرين

ووعدهم بجزيل الثواب، وكل ذلك يدل على أهمية الاستغفار وفضيلته.

يقول الله تعالى في كتابه العزيز في سورة نوح: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ

بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً)، «سورة نوح: الآيات 10 - 12»، وقد أشار المفسرون إلى أن تلك الآية

تشير وبوضوح إلى أن الاستغفار باب مهم من أبواب الزيادة والسعة في الرزق، فلا شك أن الذنوب تمحق البركة من الرزق،

فكلّما زادت وطأة الذنب، وكان الإنسان على إصراره في ارتكاب الخطايا والآثام كان أبعد عن ربّه عزّ وجلّ، والبعد عن الله

أساس كلّ مصيبة، لأن المعين والناصر والرازق هو الله.

يقول الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء وأستاذ السنة النبوية بجامعة الأزهر، إن الاستغفار يفتح باب الرزق،

ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو صحابته إلى التزام الاستغفار، حيث قال عليه الصلاة والسلام: «من لزم الاستغفار

جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب»، والله تعالى منح الإنسان فرصة الاستغفار

حتى يتخلص من ذنوبه ليس هذا فحسب، بل ليوسع له رزقه ويمنحه البركة فيه، وحتّى يتخلّص المرء من أثقال الذنوب فإنّ الله

سخّر له الاستغفار الذي يعد أمراً عظيماً وباباً واسعاً من أبواب الرحمة فهو باب التوبة واللجوء إلى الله والاستغفار يمحو الذنوب

وترفع به الدرجات وتنفتح به أبواب الرزق،.

يضيف د.عمر هاشم: الاستغفار لا يكون باللسان فحسب، بل بالتوبة عن المعاصي والرجوع إلى الله عز وجل، بحيث يكون

الاستغفار أمراً يردده دائما بلسانه وبقلبه وأن يلتزم بما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بسيد الاستغفار: «سيد الاستغفار: اللهم

أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء لك بذنبي فاغفر

لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، أعوذ بك من شر ما صنعت، إذا قال حين يمسي فمات دخل الجنة أو كان من أهل الجنة، وإذا

قال حين يصبح فمات من يومه مثله»، والإنسان حين يلتزم الاستغفار ينال رضا الله ورحمته وغفرانه إدراكاً منه أن الاستغفار

والتوبة من مفاتيح الرزق .

وكان الأنبياء يستغفرون ربهم، ويتوبون إليه، فذكر الله عن آدم وحواء: “قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن

من الخاسرين” “الأعراف23”، وعن نوح قال: “وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين” “هود47”، وعن موسى “قال

رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم” “القصص16”، وعن داود قال: “فاستغفر ربه وخر راكعا

وأناب” “ص24”، وأمر خاتم رسله نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم بالاستغفار: “فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك

وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم” “محمد19”، وأمرنا نحن العبيد فقال: “فاستقِيموا إليه واستغفروه وويل

للمشركين” “فصلت6”.

مغفرة الذنوب

ويقول العلماء إن الاستغفار سبب لمغفرة الذنوب، وتكفير السيئات، وأمان من العقوبة والعذاب، كما قال تعالى: “وما كان الله

معذبهم وهم يستغفرون” “الأنفال33”، إنه سبب لتفريج الهموم، وجلب الأرزاق، والخروج من الأزمات، فقد قَال صلى الله عليه

وسلم: “من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب”.

وكثرة الاستغفار والتوبة من أسباب تنزل الرحمات الإلهية، والألطاف الربانية، والفلاح في الدنيا والآخرة، و المستغفرين

يمتعهم ربهم متاعاً حسنا، ويرزقهم رزقاً رغيدا، وعيشا هنيئا، فيهنأون بعيشة طيبة، وينعمون بحياة سعيدة، ويسبغ عليهم

سبحانه مزيدا من فضله وإنعامه.

رفع الفتن

وكثرة الاستغفار في الأمة جماعات وفرادى، سبب لدفع البلاء والنقم عن العباد والبلاد، ورفع الفتن والمحن عن الأمم والأفراد،

، قال تعالى: “وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله وإن تولوا فإني

أخاف عليكم عذاب يوم كبير” “هود: 1-3”.

ويقول العلماء: بالاستغفار يكفر الله السيئات، ويزيد الحسنات ويرفع الدرجات والعبد مأمور به، ولا يلزم أن يكون عن معصية،

فقد يستغفر الإنسان عن أشياء فعلها قديماً، ثم قد يخطئ ويذنب وهو غير مدرك أو واع.

ويقول أهل العلم ان الاستغفار أول منازل العبودية وأوسطها وآخرها، ولهذا كان قوام الدين بالتوحيد والاستغفار، والعبد دائما

بين نعمة من الله يحتاج فيها إلى شكر، وذنب منه يحتاج فيه إلى استغفار، وكلاهما من الأمور اللازمة للعبد دائما.

سبب لنزول الرحمة.