«الطاعات» علاج لداء الغفلة

تحقيقات
طبوغرافي

الغفلة من أخطر الأمراض التي تصيب الإنسان، وهو مرض البعد عن ذكر وطاعة الله عز وجل ، ومريض الغفلة لا يستطيع

أن يفرق بين الخير والشر، ويظل مشغولاً بالدنيا وجمع المال، والشيطان لا يبذل مجهوداً مع هذا الغافل عن ذكر الله،

ويحرضه على فعل المعصية بسهولة، وهؤلاء الغافلون خسروا الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين

يقول الدكتور شعبان محمد إسماعيل، أستاذ أصول الفقه وعلم القراءات بجامعة الأزهر: ورد ذكر مرض غفلة القلوب في

مواضع عدة في القرآن وتحدث الله تعالى عن كثرة الضالين المتبعين للشيطان وكيف صارت البهائم أحسن حالاً منهم لأن قلوبهم

لا يفقهون بها وأعينهم لا يبصرون بها وآذانهم لا يسمعون بها، غفلوا عن طاعة الله والإيمان به، ووصف الله تعالى أعداءه

الكافرين والعصاة الظالمين وأهل النار الخاسرين بالغفلة .

ويأمر الله تعالى نبيه محمداً أن يصبر نفسه مع المؤمنين الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون بذلك وجه الله تعالى، وعدم

مصاحبة غيرهم ممن يريدون زينة الحياة الدنيا، وهؤلاء أعمالهم ضارة توجب تعلق القلب بالدنيا، فتصير الأفكار فيها وتزول

من القلب الرغبة في الآخرة، فيغفل القلب عن ذكر الله، ويقبل على اللذات والشهوات، فيضيع وقت الإنسان الغافل ويخسر

الخسارة الأبدية، ولهذا قال تعالى: (... وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا...)،

أسباب الحياة

وأولئك الذين أعرضوا عن ذكر الله يظلمون أنفسهم لأنهم يحرمونها من أسباب الحياة ويوصدون أمامها أبواب النجاة، فالنفس إذا

غفلت عن عبادة الله تصبح نهباً لوساوس الشيطان، وعرضة لإغراءات الدنيا وزخارفها، فلا علم يدلها على الخير ولا واعظ

يحذرها من الشر، فهي نفس مظلومة محرومة ضعيفة والله عز وجل يدعو عباده الذين ظلموا أنفسهم وبالغوا في ذلك أن ينزعوا

عن ظلمها وأن يكفوا عن إيذائها

والإسلام عالج الغفلة بتذكر الغاية التي من أجلها خلق الإنسان وهي عبادة وطاعة الله، وإذا عاش الإنسان كما يريده ربه، تبارك

وتعالى، نجا من الغفلة المهلكة، وعلى المسلم أن يتفكر في خلق الله قال تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ

وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ)، «سورة آل عمران: الآية 190»، والاعتبار بأحوال السابقين: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ)،

سورة الفجر: الآية 6»، وبيان قدر الدنيا وحقيقتها فأشار الله إلى حقيقة هذه الدنيا حتى لا يغتر الإنسان بوجوده فيها، وأنها متاع

وغرور

ولهو ولعب قال تعالى: (الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا

يَجْحَدُونَ)، «سورة الأعراف: الآية 51».

والغافل يجب أن يتوب ويفيق ويستغفر ربه بعد ارتكاب المعاصي، وقبل أن يأتيه الموت بغتة، ثم إذا جاءت سكرة الموت بالحق

قال تعالى: (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ

الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)، «سورة الزمر: الآيات 56 - 58».