الشيخ محمد أحمد بسيوني أحد كبار قراء الإذاعة

حوارات
طبوغرافي

 

الشيخ محمد أحمد بسيوني أحد كبار قراء الإذاعة لـ"الفتح اليوم":

القراء الجدد مجتهدون..وبعضهم يستخدم نغماً لا يليق بكلام الله

هناك "سمّيعة مرتزقة".. وبعضهم يقبل علي حفلات القرآن كأنهم في مبارة كرة قدم

محمد أحمد بسيوني

مواليد: 1/11/1959م

قرية سبرباي مركز طنطا محافظة الغربية

ختم القرآن في العاشرة من عمره

تخرج في كلية أصول الدين جامعة الأزهر

قارئ بالإذاعة والتليفزيون وقارئ المسجد الأحمدي بطنطا

 بسوينى- 3

فضيلة الشيخ محمد أحمد بسيونى من أسرة يحفظ جميع أفرادها القرآن الكريم، وهب حياته لكتاب الله تعالى، يدين بالفضل إلى والده والذي كان يعاقبه عقابًا شديدًا إذا رآه مُقصِّرًا فى حفظه للقرآن الكريم. الشيخ محمود على البنَّا قدوته ومثله الأعلى.

ـ كيف كانت النشأة ؟

أنا من أسرة تحفظ القرآن أبا وأما وإخوة وجميعهم تعلم في الأزهر حيث كان والدي محفظا للقرآن وأكثر أهل بلدتي حفظوا القرآن على يديه كما حفظت على يديه ثم تعلمت القراءات بالمسجد الأحمدي بطنطا.. وقد كان قارئا مجودا وكان صوته أجمل من صوتي وقد وهبني أبي للقرآن بصفتي أنني ابنه الكبير وقد كرس حياته من أجل تعليمي إلى أن ختمت القرآن في العاشرة من عمري وقد كان يصطحبني إلى الحفلات القرآنية الكثيرة التي كان يدعى لإحيائها وكان أيضًا منشدًا ومبتهلاً مما جعله يعلمني النغم الصوتي الذي ساعدني على ترتيل وتجويد القرآن الكريم وكان يدعو لي بالعلم والقرآن وعندما ختمت القرآن ألحقني بالأزهر الشريف فتعلمت في الأزهر إلى جانب إتقاني للقرآن الكريم وقد أكملت تعليمي بالأزهر إلى أن تخرجت في كلية أصول الدين بفضل الله في نفس عام التحاقي بالإذاعة.. وكنت من أوائل الدفعة وعينت معيدًا بالكلية نفسها؛ لكنني آثرت طريق القرآن الكريم فأتم الله علي نعمته وبلغت درجات علا في طريق القرآن الكريم

ـ كيف كان يتعامل معك الوالد وقد كنت مشروعه الكبير في حياته؟

كان والدي حريصًا حرصًا شديدًا على تعلمي القرآن الكريم وإتقانه لذلك كان عقابه لي أليمًا عند التقصير وكان يضربني ضربا شديدا خاصة حينما يبلغه شيخي في المسجد الأحمدي عن تأخري وكنت في العاشرة من عمري فكان يعلقني في سقف المنزل بالفلقة ثم يضربني ضربا شديدا ممزوجا بالرحمة والحرص على مستقبلي؛ لذلك أنا أدعو له بالرحمة والمغفرة فلقد أثمر عقابه لي والحمد لله وقد علمت الآن مدى حبه لي. فالناس الآن يدعون له قبل أن يدعون لي حينما يستمعون لي في قراءة القرآن الكريم.

ـ من كان قدوتك ؟

قدوتي ومثلي الأعلى هو فضيلة الشيخ محمود علي البنا وقد شغفت به وتأثرت به تأثرًا كبيرًا حيث كان والدي يصطحبني يوم الجمعة إلى المسجد الأحمدي بطنطا، وكان الشيخ محمود علي البنا هو قارئ السورة بالمسجد الأحمدي فكنا نحضر له تلاوة يوم الجمعة الثابتة أنا ووالدي الذي قصد اصطحابي معه لأتعلم من فضيلة الشيخ محمود علي البنا وقد حدث بالفعل.

ـ متى كانت أول مواجهة للجمهور في حياتك وكيف كانت ؟

أول مواجهة للجمهور كانت في الثانية عشرة من عمري حيث دربني والدي على مواجهة الجمهور منذ الصغر حيث كان يصطحبني معه للاحتفالات القرآنية التي كان يحييها ورغم هذا شعرت بسرعة دقات قللبي وارتجفت في بادئ الأمر لكنني سرعان ما تماسكت ليكون الأداء في أجمل صورة والحمد لله.

ـ ما الأمنية التي حققتها في حياتك؟

كانت لي أمنية أن أكون قارئا للمسجد الأحمدي بطنطا وقد تحققت تلك الأمنية بالفعل والحمد لله.. وأنا الآن قاريء للمسجد الأحمدي بطنطا منذ خمس عشر سنة وقد وهبت قراءتي في المسجد الأحمدي بطنطا لله، وأرفض أن أتقاضى أي أجر من أي جهة من الجهات سواء أكانت أهلية أم حكومية.. ويكفيني دعاء الصالحين من رواد المسجد الذين يحضرون من كل حدب وصوب.

تركت التدريس في جامعة الأزهر لتسلك طريق القرآن في الإذاعةلماذا؟

لا شك أنها كانت أمنية لي أن أكون مدرسا بجامعة الأزهر خاصة بعد تفوقي وتعييني معيدا بكلية أصول الدين لكن فرحتي بالقرآن كانت أكبر خاصة وأنني قد التحقت بالإذاعة قبل تعييني بالجامعة فكنت زميلا للعمالقة من قراء الإذاعة كالشيخ محمود علي البنا والشيخ عبدالباسط عبدالصمد والشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ محمد عبد العزيز حصان وغيرهم. وكنت ابن الرابعة والعشرين وقد تعدوا الخمسين من عمرهم وقد وجدت أن طريق التدريس في الجامعة سيعطلني عن طريق القرآن فآثرت القرآن الكريم وهو رسالة جليلة.. وما أجمل أن ترى وتسمع صدى رسالتك في حياتك .

ـ من صاحب فكرة التحاقك بالإذاعة وكيف كانت؟

كنت في صغري يجتمع الناس من حولي للاستماع إلى تلاوتي للقرآن الكريم فنصحني معظمهم بالالتحاق بالإذاعة مبكرا فأخذت بنصائحهم وتقدمت مبكرًا وقبل انتهائي من دراستي. فتقدمت للإذاعة وأديت الاختبار أمام لجنة الاستماع بالإذاعة وكانوا عمالقة فاجتزت الاختبار بنجاح إلا أنهم أمهلوني حتى أنتهي من دراستي التي لم يتبقَ على انتهائها إلا ستة أشهر، وقد أوصاني الأستاذ أحمد صدقي عضو اللجنة، ومتخصص المقامات بإتقان الانتقال النغمي في تلك الفترة حتى أعود بعد الدراسة فأخذت بالوصية ودرست المقامات الصوتية وأتقنتها في تلك الفترة وكان والدي قد درسها لي من قبل سماعي.

ـ ما هو الموقف الصعب الذي لا تنساه، وترك أثرًا كبيرًا لديك؟

كانت أول تلاوة لي على الهواء بالإذاعة من مسجد الإمام الحسين، وما إن قدمني مقدم الهواء وجدت نفسي وقد جف فمي وأتاني التوتر والخوف من حيث لا أدري وكنت صغير السن كان ذلك في 15/5/1976م وكانت تلاوة من سورة القصص تبدأ من (ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون) وكان دورها في ختمة الفجر وقرأت آية ثم تذكرت أن الملايين يستمعون إلي فازدادت دقات قلبي رغم تجاربي الجماهيرية الكثيرة السابقة إلا أن الهواء له هيبته فتذكرت رسالتي وسرعان ما زالت الرهبة وعادت لي الطمأنينة والسكينة وحضر الأداء الراقي والصوت الجميل وكانت تلاوة موفقة بشهادة من شهدوا والحمد لله.

بسوينى- 6

ـ ما تقييمك للقراء الجدد؟ وبماذا توصيهم؟

القراء الجدد مجتهدون لكنهم مقلدون وبصماتهم الجديدة قليلة وبعضهم ينسب لنفسه ما ابتكره غيره وهذه مشكلة كبيرة، وأوصيهم أن يستخدموا لحون العرب وأصواتهم وعدم استخدام نغمات قريبة من الألحان والغناء.. وأوصي القراء الجدد أن يطوعوا الصوت للقرآن ولا يطوعوه للصوت، فلا يهتم بالناحية اللحنية على حساب القرآن الكريم، والالتزام بحركات المدود.. وكذلك أوصيهم بعدم التنفس خلال التلاوة لأن هذا خطأ كبير.

ـ مَن مِن القراء تحب الاستماع إليه، ومن منهم الأقرب إليك؟

أحب الاستماع إلى المبدع فضيلة الشيخ محمد عبدالوهاب الطنطاوي، والأقرب إلى قلبي أخي وحبيبي فضيلة الشيخ محمود الخشت، وهو من القراء المخلصين.

ـ جمهور القرآن يختلف من زمان إلى آخر، كيف تقارن بين الجمهور حاليا وسابقًا؟

"سميعة" اليوم أقل كفاءة من سميعة الأمس في الثقافة والاستماع كما أنهم يحضرون بعض الاحتفالات من قبيل أن يترقبوا التباري بين قارئين من القراء وكأنها مباراة بين الأهلي والزمالك، فتجد هناك نوعية وقد أجرهم أحد القراء لحسابه وأحضر لهم وسيلة مواصلات ليشجعوه ويصدروا له كلمات التزكية والرفعة أمام الناس ومنهم من لا يفهم ما يتلو القارئ أصلا وهؤلاء هم مرتزقة القرآن، أما جمهور سابقًا كان يأتي للاستماع ولتذوق كتاب الله ومعانيه الفياضة.

ـ بصفتك أحد خريجي الأزهر الشريف كيف تقيم أسلوب تحفيظ القرآن الكريم للجيل الحالي هذه الأيام؟

كتاتيب الأمس هي حل لتعثر اليوم في حفظ القرآن الكريم مع أن راتب الشيخ سابقًا كان أقل من مدرس القرآن الذي يأتي إلى البيت اليوم ليُحفظ الأولاد كما أن الأزهر لا يشدد على رجوع الكتاتيب مرة أخرى؛ ولذا أناشد شيخ الأزهر أن يصدر قرارًا برجوع الكتاتيب مرة أخرى بل ويرصد رواتب وحوافز لشيوخ الكتاتيب.. وأدعو وزير الأوقاف بأن يصدر قرارًا بأن تكون الكتاتيب تحت إشراف الوزارة بالمساجد.

ـ ما أكثر المحافظات استقبالا لك ؟

محافظة المنوفية هي المحافظة المفضلة لدي فهي تستقبل القراء استقبالا يليق بهم وبقرآنهم الكريم ويجتمعون في تجمعات كبيرة لسماع القرآن الكريم ويقدرون القرآن قدره، ويحتفلون بأهله ويكرمونهم

ـ ما مطلبك من رئيس شبكة القرآن الكريم حاليا؟

أرجو منه إعادة النظر في استيعاب قراء جدد في القرآن المرتل، وفتح الباب أمام البارعين من قراء الإذاعة لتسجيل القرآن المرتل وقد أهديت الإذاعة القرآن مرتلا بصوتي لوجه الله وصدقة جارية لأبي لا أريد منه إلا رضوان الله عني وعن أبي، وكذلك أهدي نسخة من القرآن المرتل بصوتي لقناة الفتح الفضائية.

ـ ما سفريات الشيخ محمد أحمد بسيوني؟ وأي الدول لن تنساها؟ ولماذا؟

سافرت إلى دول كثيرة كسفير للقرآن، والبداية كانت إلى الجزائر عام 1987م برفقة عشرة من زملائي القراء ثم سافرت إلى قطر عام1989م ثم سافرت إلى الإمارت العربية المتحدة، ثم إلى لندن والنمسا والعراق وكردستان. وزرت إيران لمدة خمسة عشر عامًا ما بين قارئ ومحكم دولي، وقد رفضت أن أؤذن الآذان الشيعي فقلت لهم لا أتبع إلا المنهج السني في الآذان فقبلوا على هذا وأكرموني.. أما الاستقبال فكان بحفاوة كبيرة لأجل القرآن الذي نحفظه بفضل الله تعالى.

ـ ما الشيء الذي لا تحبه لقارئ القرآن الكريم؟

لا أحب لقارئ القرآن أن يلقب بلقب سوى لقب الشيخ، ولا أرى أشرف ولا أجمل من هذه الكلمة، وللأسف أرى بعض القراء وقد استعار لقب ( القارئ الدكتور) وهذا شيء غريب إذ أنه لا يوجد في الوسط من هو أستاذ جامعي ولا طبيب سوى الدكتور فرج الله الشاذلي والدكتور أحمد نعينع والدكتور إبراهيم عامر وما عدا ذلك لم يحصلوا على الدكتوراه، لكنها ألقاب مستعارة ما أنزل الله بها من سلطان، ولا يحق لمن أهدي دكتوراة فخرية من هنا أو هناك أن يلقب نفسه بها لأنه لم يدرس.. وأخاف بصراحة أن تتلاشى كلمة شيخ ليحل محلها ألقاب أخرى، ولا أشرف ولا أجمل من الزي الأزهري ولا من لقب شيخ في العالم كله لأن القرآن يرتقي بصاحبه.

ما رأيك فيما نشرته إحدى الصحف الخاصة حول تقاضي القراء لأجورهم بالساعة، والتي تصل إلى 70 ألف جنيه؟

هذه الواقعة تعرف بأنها تشهير بقراء القرآن الكريم مع أن أجر القارئ قال فيه فضيلة الشيخ الشعراوي رحمه الله أنه أجر على الاحتباس وليس أجرا لقراءة القرآن

وهناك مبالغة كبيرة في أجور القراء فهم لا يعملون بالساعة ولا يتقاضون تلك الأجور الكبيرة، وأنا شخصيا لا أشترط أجرًا معينًا على صاحب العزاء أو صاحب المناسبة التي أقرأ فيها وما يقدره لي أقبله بصدر رحب ثم أنصرف مع أني أذهب للمكان ظهرًا وأنصرف منه في منتصف الليل ولا أشترط عليهم سيارة تأتي بي وتأخذني.. للأسف الشديد الإعلام صورنا أمام الناس على أننا أصحاب نمر كالفنانين وغيرهم وما أهل القرآن كذلك لأنهم يعرفون جيدًا أخلاق القرآن، وما نُشر تحريض ضدنا من عدة جهات أهمها المجتمع والضرائب ولا يعقل أن يعامل أهل القرآن بتلك الطريقة؛ ولذا فأنا أعترض على ما ورد في التحقيق وما زعموه عنا هو حرام شرعا.. ولا يجوز لهم أن يشهروا بأهل القرآن الذين اصطفاهم الله من خلقه وأطالب نقابة القراء متمثلة في رئيسها فضيلة الشيخ محمد محمود الطبلاوي وقد ورد له صورة في التحقيق أيضا أن يرد على تلك المغالاة وإعادة الحق لأهل القرآن.