حوار الأستاذ الدكتور/ إبراهيم نجم.. مستشار فضيلة المفتي والمتحدث الرسمي باسم دار الإفتاء للفتح اليوم

حوارات
طبوغرافي

حوار/ أحمد الجعبرى

دار الإفتاء المصرية هي من طليعة المؤسسات الإسلامية التي تتحدث بلسان الدين الإسلامي وترفع لواء البحث الفقهي بين المشتغلين به، ولها دورها التاريخي والحضاري من خلال وصل المسلمين المعاصرين بأصول دينهم وتوضيح معالم الطريق إلى الحق، وإزالة ما التبس عليهم من أحوال دينهم ودنياهم كاشفة عن أحكام الإسلام في كل ما استجد على الحياة المعاصرة، ولما التبس الأمر وأصبحت الفتوى متاحة ومباحة لكل من يعلم أو منلا يعلم.. حتى اختلط الحق بالباطل والصواب بالمُدلس .

وكانت لجريدة الفتح هذا الحوار مع الدكتور إبراهيم نجم مستشار فضيلة المفتي، والذي فتح قلبه لنا: المتكلم في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسق مردود الشهادة، وكذلك من ينكر عذاب القبر.. وأطالب القنوات الفضائية بترك مساحة لعلماء الإسلام الحقيقيين للتعبير السليم عن الدين الإسلامي .. اتركوا الفتوى لأهلها، فليس كل ما هو مدفون في بطون الكتب يصلح أن يخرج للعامة .

_DSC0103

- الإفتاء بدون علم بات ظاهرة يعايشها الجميع ويعاني منها المجتمع، وسببًا في النزاع والشقاق، ما دور دار الإفتاء في مواجهة هذه الظاهرة؟

تقوم دار الإفتاء بجهد كبير في مواجهة هذه الظاهرة بطرق كثيرة وخطوات واضحة، بدءا من التوعية بالفتاوى الصحيحة وتصحيح الفتاوى الخاطئة، وقد قامت دار الإفتاء بإنشاء مركز تدريبي للفتوى لأهل العلم الشرعي، وتكون الدراسة به لمدة ثلاثة أعوام، ولا تكتفي الدار بالتعليم النظري فقط، بل هناك عام كامل للتدريب العملي للفتوى يكون الطالب فيه ملازمًا لأمين الفتوى بالدار لمعايشة الظروف الكاملة لاتخاذ القرار بالفتوى السليمة المراعية لكافة الظروف والأحكام.

إلى متى ستظل الجهات الرسمية المعنية بالفتوى، ليس لها دور ردعي للفتاوى الشاذة، والاكتفاء بالدور الاستشاري والتنويري فقط؟

يرجع هذا إلى الدور الرئيسي التي أنشئت من خلاله دار الإفتاء، حيث إنها جهة استشارية فقط وليست إلزامية وليس لها أي دور تنفيذي أو سلطوي، فهي ( تُسأل فتجيب ) فقط لا أكثر، وإذا أردنا أن تكون دار الإفتاء ذات سلطة ردعية، فيرجع هذا الأمر إلى الجهات التشريعية بالدولة ( مجلس النواب ).

بعض الفضائيات الآن تلعب دورًا كبيرًا في نشر الثقافات المتطرفة، والعنف وإراقة الدماء، وتشويه صورة الإسلام، كيف يمكن التصدي لهذه الأبواق الإعلامية؟

لقد أكدنا في الكثير من البيانات الرسمية على وسائل الإعلام بأنه يجب أن تتحمل المسئولية الأخلاقية الكبرى الملقاة على عاتقها بضرورة العمل على نبذ تلك الثقافات السيئة التي لا تنتمي للإسلام البتة، والتي تشوه صورته أمام العالم كله، وأن تأخذ المنهج الوسطي المعتدل السمح للدين الإسلامي، وضرورة ألا تلجأ الوسائل الإعلامية إلى استضافة الباحثين عن الشهرة والمتاجرين بالدين ودعاة العنف والتكفير، وضرورة إدراك المرحلة الفارقة والحساسة التي نعيشها. كما طالبنا وسائل الإعلام بضرورة تهميش أصحاب الخطاب المتطرف، الذين يريدون هدم ثوابت الدين أو تصويره بأنه دين قتل وإرهاب مطالباً، بترك مساحة لعلماء الإسلام الحقيقيين للتعبير عن القضايا التي تخص الدين الإسلامي وطالب كذلك بالإسراع في إصدار قوانين تجرم نشر الكراهية وازدراء الأديان والطعن في الثوابت الدينية.

انتشرت في الآونة الأخيرة الكثير من الفتاوى والآراء الغريبة التي أثارت الكثير من الاستهجان، مثل إنكار عذاب القبر، ورمي صحابة رسول الله بالزنا، والتشكيك في صحة كتاب البخاري، كيف نستطيع ردع هؤلاء؟

لا شك ولا جدال في أن المتكلم فى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسق مردود الشهادة، وكذلك من ينكر عذاب القبر لأنه من ثوابت الدين وكذلك المشكك في البخاري فالتطاول على الصحابة، والاستهزاء بكتب الحديث تطرف شديد يغذى التطرف الدينى، ويشوه صورة الدين الإسلامي أمام العالم؛ ومن يشكك في صحيح البخاري يتكلم فى دين الله تعالى بغير علم، لأن مَن يطعن فى أئمة نَقَلة الحديث من الصحابة ومَن بعدهم، يريد أن تنحصر الشريعة فى العصر الأول دون الاسترسال فى سائر الأعصار، ومَن كان كذلك فحقه التعزير، فإذا كان الشرع والقانون يعاقبان مروجى الشائعات لنشرهم الفزع بين الناس ولبَثِّهم الاضطراب بينهم، فعقوبة مزعزعى عقائد المسلمين ومروجى الكذب والزور فى حق ثوابت دينهم وشعاراته أولى وأجدر. ومن يريد أن يشتهر على حساب أصول الدين ومرتكزاته لا يجب أن تأخذنا فى عقابه والأخذ على يديه لومة لائم؛ ليكون نكالا لغيره. كما أن هذه الدعاوى والأقاويل تشغل المسلمين عن القضايا العظمى التي يواجهها المسلمون في عصرنا الحالي، وتثير الخلاف والنزاع بين الناس في أمور ثابتة بالعقيدة.

ظهور الإلحاد في البيئة المصرية، وانتشاره بطريقة مخيفة ومقلقة داخل أركان المجتمع العربي كله، له أسباب عديدة من بينها قصور المجتمع كله بمؤسساته المختلفة ( التعليمية والإعلامية والدعوية والدينية) في التصدي لهذه الظاهرة، فكيف يمكن لنا صد هذه الهجمة الشرسة عن الدين الإسلامي؟

الإلحاد ظاهرة عالمية تجوب العالم كله، بسبب الانفتاح الزائد لوسائل الاتصال على مختلف المجتمعات والثقافات، وضعف الوازع الديني لتآكل منظومة القيم والمبادي الدينية، والسبب الأكبر لانتشار هذه الظاهرة في مصر سوء العملية التربوية والتعليمية، ولكننا نؤكد أن المسئولية مشتركة بين كل جهات المجتمع ( الدينية والتعليمية والدعوية والإعلامية والثقافية والمدنية) ولا بد من رسم خطة مشتركة عبر منظومة تكاملية يقوم من خلالها كل طرف بواجبه من البحث والدراسة وتقديم العلاج. ولا بد لنا من العمل على الحفاظ على هوية الأمة الاسلامية والثقافية وشخصيتها الذاتية وعدم الانسياق وراء أخطار الانفتاح غير المنضبط، والالتزام بالقيم الثقافية الإسلامية الجادة والتي تتسم باحترام القواعد الدينية والأخلاقية والقيم السليمة.

نصيحة تقدمها فضيلتكم لكل من تسول له نفسه الفتوى دون علم أو أهلية ؟

اتركوا الفتوى لأهلها، فليس كل ما هو مدفون في بطون الكتب يصلح أن يخرج للعامة، ونحن لا نمتلك أي وسائل ردعية تخول لنا مقاضاة من يخرج على أصول الدين الحنيف، والفتوى التي نقدمها استشارية فقط وليست إلزامية. ومرصد الفتاوى الشاذة والتكفيرية أنشئ ليرد على كافة الفتاوى المتعلقة بالدين الإسلامي حول العالم كله، وليس مقصورا على مصر أو الوطن العربي فقط.. وبالمراجعة الشرعية لمن يطلقون الفتاوى التكفيرية من الجانب الفقهي ثبت أنهم غير مؤهلين للفتوى علميا أو عقليا