معيار القبول الجامعى فى مصر غير سليم، وإغفال المهارات سبب فى تدهور التعليم.أ.د/ صابر عبد المنعم محمد،

حوارات
طبوغرافي

أ.د/ صابر عبد المنعم محمد، وكيل كلية

 الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة

صابر 4

الأستاذ الدكتور صابر عبد المنعم، أستاذ المناهج وطرق التدريس. .شارك في وضع العديد من مناهج اللغة العربية والتربية الإسلامية في مصر والدول العربية،

يرى أن أفضل النظم لإعداد المعلم هو الإعداد التتابعي كما حيث يدرس الطالب المعلم بالكليات الأكاديمية ثم يلتحق بكليات التربية ليدرس المواد المهنية
 ويتمنى أن يتم إنشاء مدارس تجريبية تلحق بكليات تربية، يتم فيها تجريب أحدث الطرائق والأساليب التعليمية.

- نود من حضرتكم بطاقة تعارف ( الاسم – العمل-– الأسرة والأولاد ).
صابر عبد المنعم محمد عبد النبي.. أستاذ المناهج وطرق تعليم اللغة والتربية الإسلامية بكلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة.. متزوج ولدي خمسة أبناء ثلاثة ذكور وابنتان. وأهم المؤلفات المنشورة: كتاب اتجاهات التعليم بين الأصالة والمعاصرة. تطوير توجهات معاصرة حول تطوير التعليم في العالم العربي بالاشتراك..
والعديد من البحوث حول إعداد معلم اللغة العربية للتعليم عن بعد، قراءة الصورة وأثرها في مهارة الكتابة، إعداد معلم التربية الخاصة، الكفايات اللازمة لمعلم اللغة العربية للكبار، استخدام الأشكال الهندسية في تنمية مهارات الخط العربي ( خطي النسخ والرقعة )
- كيف تقيم حال التربية والتعليم الآن في مصر؟
حال التربية والتعليم الآن في مصر كما قال أستاذنا صابر سليم رحمة الله عليه « كالمضمضة في نهار رمضان» لا ينتفع به المتعلم، وذلك لغياب الفلسفة التي يتبعها النظام التعليمي أو النظرية التربوية التي تبنى عليها المناهج، فمصر حتى الآن ليس لها نظرية أو فلسفة تربوية تستقي منها نظامها التعليمي.. ولهذا مستوى الخريج ضعيف جدًا وفي تدهور كبير، وقارن الآن بين مستوى المعلمين، وما قاله د. أحمد زويل بأن أفضل تعليم تلقاه كان في مصر نهاية القرن العشرين حينما كانت المدارس المصرية تقدم يوما دراسيًا كاملا يبدأ من الساعة السابعة والنصف وينتهي الساعة السادسة والنصف فالحال الآن أكثر من سيء. وليس دليل فساد أكبر من وجود مدارس دولية على أرض مصر غير خاضعة لإشراف الوزارة وتدرس مقررات لا تخضع لأي مراقبات، بل وهناك بحوث أجريت على هذه الظاهرة حصل منها أحد الباحثين على درجة الدكتوراه منذ أكثر من عامين. وهذا هو حال التربية والتعليم في مصر.
- هل يعد المعلم في مصر الآن بما يتناسب وجودة التعليم العالمية أم أننا ما زلنا نحتاج الكثير من الوقت والجهد؟

صابر 2
لا زلنا نحتاج إلى الكثير من الوقت والجهد الكبيرين، فالمعلم في مصر إعداده سيء.. وأفضل النظم الإعداد التتابعي كما يؤخذ به في العديد من الدول حيث يدرس الطالب المعلم بالكليات الأكاديمية ثم يلتحق بكليات التربية ليدرس المواد المهنية لأن إعداد المعلم يحتاج إعدادًا مهنيًا ثقافيًا تخصصيًا.. أما أن يدخل الطالب كلية التربية ويُعَد منها إعدادا تكامليًّا ثقافيا ومهنيا وعلميا.. يكون الناتج منه أقل والصواب هو النظام التتابعي وليس التكاملي... أما المطبق الآن في مصر أن الوزارة تستعين بأناس لم يدرسوا أي مواد تأهيلية ولا تعين خريجي كليات التربية والتي كانت تنافس القطاع الطبي في التنسيق، كما أننا بحاجة إلى إنشاء مدرسة تجريبية تلحق بكل كلية تربية، يتم فيها تجريب أحدث الطرائق والأساليب التعليمية.
- ظاهرة التسرب الدراسي أصبحت أبرز المشكلات الحقيقية. ما أسباب تفاقم هذه الظاهرة وكيف يمكن علاجها؟
أساس هذه المشكلة أن المدرسة لم تعد مصدر جذب بل أصبحت عامل طرد.. وانظر إلى هتاف التلاميذ عندما يفتح باب المدرسة، يخرجون مهللين ومكبرين لأنهم خرجوا من هذا السجن.. أما لو كانت المدرسة عامل جذب لجلسوا فيها كما يحدث في المدارس الدولية في مصر. ولعل ما أدى إلى ذلك أن المعلم لم يعد إعدادا تربويا جيدًا، ولا توجد أنشطة بالمدرسة وإن وجدت فهي على الأوراق فقط، ولا يوجد تقنيات علمية في طرق التدريس، والكتب المقدمة ذات جودة رديئة  ومحتوى المادة الدراسية ضعيف، بل وأكثر من هذا أن معظم المسئولين في ميدان عام الوزارة ليسوا متخصصين في التربية أو التعليم.
- وسائل الإعلام المختلفة أصبحت أهم أدوات التربية والقيم الفاعلة في المجتمع، ولكنها في كثير من الأوقات تحمل معايير سلبية تتنافى مع فكرة غرس القيم والأخلاق، كيف يمكن للمدرسة التصدي لتلك الظواهر؟
وسائل الإعلام الآن هي وسائل تجارية خاصة تخضع للفكر التجاري والفكر البرجماتي فقط، ولا يهمها من بعيد أو من قريب أمور التربية أو القيم.. وكل منها له أهدافه التجارية ومقاصده الأخرى.. بل وتعدى الأمر الآن أن هناك قنوات خاصة تنشأ اليوم لهدف واحد فقط هو هدم البنية الأساسية للمجتمع المصري وبفعل فاعل، الإعلام المصري إعلام سيء متواطئ.. وكل أبناء الإعلاميين لا يتعلمون في مدارس مصر الحكومية.. إنما يتعلمون بالمدارس الدولية التي يدفع لها آلاف الدولارات. وإذا ما تكلمت في تطوير التعليم دائما ما تصد من المسئولين بالعجز المالي.. وضعف الموازنة العامة للتعليم. ليتنا نقتدي بتوني بلير الذي جعل التعليم قضيته الأساسية حين تولى مسئولية إنجلترا، وأمريكا منذ 30 عامًا ترفع شعار أنها أمة في خطر. قضيتنا في مصر هي أن الإنفاق على التعليم قليل قليل.. وهي مسألة أمن قومن،
- انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية والمراكز التعليمية ظاهرة صحية أم تمثل خطرًا على أهداف العملية التربوية؟
ظاهرة الدروس الخصوصية أو المراكز التعليمية تعرف باسم المدرسة الموازية، وظهرت لأن المدرسة الحقيقية فشلت في تحقيق أهدافها والقيام برسالتها، وهي ظاهرة سيئة جدا.. وكان قديمًا ينظر إلى الدروس الخصوصية على أنها تخص الفشلة أما الآن تبدل الوضع وأخذ جانبا من الوجاهة الاجتماعية.

صابر 3
- هل الأنشطة المدرسية مثل التربية الرياضية والفنية لها حيز في الجدول المدرسي أم يتم تجاهلها والتغافل عنها؟
الأنشطة المدرسية لها حيز ورقي، على المستوى الورقي فقط وبصورة جيدة جدا، أما المستوى الميداني فلا وجود لها، نعم لها مقررات دراسية ولها جدول وحيز زمني ولها إشراف توجيهي.. ولكن لا يطبق منها شيئا، وهذا أمر بالغ الخطورة على الطلبة.. وليس أصدق مما نراه الآن من مستوى متدني «كيف تجني سُكَّرًا من حنظل«     
 العملية التقويمية أصبحت الآن كابحا لإبداع التلاميذ ولا تقيس المهارات الفعلية لهم، كيف يمكن إعادة توجيهها بما تخدم العملية التربوية؟
المنهج دائما منظومة متكاملة تبدأ بأهداف معروفة ويأتي التقويم كمرحلة ليست نهائية ولكن بالتقويم والمتابعة نعود للأهداف مرة أخرى.. ولكن الأهداف عندنا رفع مستوى التحصيل وتحطيم المنحنى الجرسي للعالم الذي ينتهي برقم 100 (مائة)، ونحن لدينا طلاب بيحصلوا على 106% كما رأينا من قبل.. لأن هدفنا هو التحصيل فقط ليس أكثر. ولا نهتم بمهارات التفكير ولا الإبداع ولا بناء قدرات عقلية نقدية، نحن لا نبني متعلما مثقفا حقيقيا قادرا على حمل العلم. ولهذا فتقويمنا لا يهتم بوجدان أو بمهارات لأن المدرسة لم تدرب الطلبة عليهم، ولا يوجد لدينا اختبارت آداء للمعلمين أنفسهم عند التحاقهم بالكليات، فنجد المعلم حاصلا على تقدير جيد جدا من كليته ولا يستطيع أن يتكلم 10 دقائق كاملة بلغة عربية فصيحة.. لأن لم يدرب على مهارات التحدث أو الاستماع وربما تجده يحفظ الألفية كاملة.. لغياب التدرب على الآداء.
-دائما ما يكون الكتاب المدرسي أداة طيعة في أيدي الأنظمة السياسية توجهها كيفما يتفق مع أهدافها.. هل نرى يومًا ما مجلسًا تعليميًا لا ينتمي إلا إلى العملية التربوية وتطويرها؟
التعليم منظومة صغرى وسط منظومة الدولة الكبرى يستقي منها أهدافه.. وفكرة إنشاء مجلس تعليمي مستقل أمر مطلوب ومهم جدا.. وأن يكون غير خاضع لأي توجه سياسي ولا أي توجه فكري ولا يخضع إلا إلى الفلسفة العامة للدولة، وهذا يطبق على كافة الأنظمة بالدولة..
- نسمع عن «الجودة المدرسية « وأنها تطبق في المدارس، إذن فكيف وصلنا إلى منتج غير صحي ؟
الجودة المدرسية إلى الآن هي جودة ورقية، وإن شئت فاذهب إلى صعيد مصر أو نجوعها، أو اعبر النيل من منطقة الزمالك إلى الكيت كات أو إمبابة.. وهذا ما يدعونا إلى أن نفرق بين المنهج الرسمي و المنفذ والخفي
- الإدارة المدرسية تعاني حالة من التردي والإهمال، ما الحلول للتغيير نحو الجودة والخريطة الدولية؟
الإدارة المدرسية أيضا لا تختلف عن غيرها من الإدارات التعليمية فالفلسفة واحدة والمسئول واحد والأهداف واحدة، منظومة  التعليم منظومة متكاملة إذا أردنا الإصلاح لا بد أن يكون الإصلاح شاملا كل النواحي
- التعليم الفني هو القاطرة الحقيقية لنمو المجتمع والنهوض به اقتصاديا ومهنيا، ولكنه يعاني التجاهل والنظرة الدونية من المجتمع، ما السبب في هذا وكيف يمكن لنا النهوض به؟
المسئول عن هذا هو إهمال الوزارة لها، وإهمال الدعم المالي لها، وعدم التنسيق بين مراكز الإنتاج ومراكز البحث العلمي، والحل هو حل منظومة الفساد بالدولة والأخذ بنظام المدرسة الثانوية الشاملة وهي تقوم على قبول جميع الطلاب الناجحين في التعليم الأساسي ثم يدخلون بها ويختار كل تلميذ ما يتفق ما قدراته وإمكاناته بعد إجراء اختبارات الأداء والقبول بها ويحذف منها اسم التعليم الفني أو غيره، فهي مدرسة متكاملة.
-  نظام الثانوية العامة القائم على توجيه الطلاب إلى الكليات حسب توجيه التنسيق لهم ودرجاتهم.. دون اعتبار لميول الطلبة أو توجهاتهم أو قدراتهم.. هل هذا يحقق ما نطمح إليه من خريج مبدع وكافٍ؟.
معيار القبول الجامعي في مصر غير سليم، وبه عوار كبير ولا يجب أن يظل قائما لأنه لا يعتمد إلا على الدرجات التحصيلية من الثانوية العامة فقط ( مكتب التنسيق ) ويجب أن تدرج معايير أخرى مثل المعايير الوجدانية والمهارية اللازمة لكل تخصص والاعتماد على اختبارات الآداء والاختبارات النفسية للطالب قبل التحاقه بالكلية.
- نصيحة يوجهها معالي الدكتور صابر عبد المنعم لكل محب للغة العربية ومحب لوطنه؟
نصيحتي لكل محب للغة العربية ومصر الحبيبة أن يتقى الله تعالى في عمله، وأن يحسن صنيعه امتثالا لقوله تعالى { وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ } وأن ننبذ الخلاف بينا وأن نعود إلى الاعتصام بحبل الله تعالى والتمسك جيدا بكتابه وسنة نبيه وألا نسمح لأحد أن يغير ثقافتنا أو هويتنا العربية، وأن نتمسك بموروثنا الطيب من التسامح واللين.. والله ولي التوفيق.