على”الثرثارين” الرحيل..وشباب مصر ينتظر فرصة !
أكد العالم المصرى محمد النشائى، أستاذ الهندسة والفيزياء النووية أن مصر تعيش معركة لا تحتمل التزييف ولا الفهلوة؛ لانتشال دولة لا تستحق إلا أن تعيش كريمة وعزيزة مطالبًا المتربحون باسم العلم، والثرثارون بالابتعاد حتى تتسع الساحة للصادقين وأصحاب الأيدى العاملة فى هذه المرحلة الحرجة حتى يتسنى لهذه البلد أن تنهض ودعا الشباب - فى حواره مع الفتح اليوم- أن يتجهوا للعمل والإنتاج؛ ليرتفع شأنهم موضحًا أن أغلبهم فى حاجة لفرصة، وإذا ما تمكن منها سيبهر العالم كله.
ــ ما الجديد فى أبحاثكم الحالية ؟
تقاعدت فى سن مبكرة جدًا، وهى سن الأربعين، وأصبحت حرًا علميًّا وابتكاريًّا، ومن يومها لم أتوقف عن العمل، وإنتاجى العلمى مستمر حيث أنتج بحثين شهريًّا، بل أنتجت فى السنة الأخيرة فقط 47 بحثًا.
ــ ماذا يزعجك وتتمنى عدم وجوده فى مصر ؟
يزعجنى “البكش والتربح” باسم العلم، نحن الآن فى معركة لا تحتمل التزييف أو “الفهلوة”، نحن فى مرحلة بناء وطن، وانتشال دولة إلى مكانها الحقيقي، ولا يجب أن يزايد أحد على أحد، ويجب أن يُقدم الصدق والصادقين فى هذه المرحلة الحرجة، ويجب أن يبتعد أصحاب الكلام والثرثرة عن مسرح الأحداث حتى يتسنى لهذا البلد أن ينهض.ــ قلت إن الطاقة النووية هى المستقبل، ما تفسيرك لذلك؟
قديمًا كانت طاقة الفحم هى السائدة، واليوم طاقة البترول والغاز، والبديل لهم حتمًا هى الطاقة النووية، والتى ستلعب دورًا كبيرًا خلال عدة سنوات فى كل الدول. لكن العقدة فى الطاقة النووية هى خوف أمريكا من غضب إسرائيل، وشركاؤهم يريدون بيع معدات الطاقة النووية، وإسرائيل لا توافق على ذلك، بحجة أن هناك خطًا وهميًّا بين استخدام الطاقة النووية سلميًّا، والاستخدام غير السلمى مع العلم أنهم يمتلكون 500 رأس نووى .
ــ لماذا تحتاج مصر الطاقة النووية السلمية ؟
هناك نقص رهيب فى الطاقة فى مصر، وقريبًا هناك نقص كبير فى المياه، ونحن نعرف هذا الصراع على مياه النيل، لماذا لا ننشئ محطات نووية لتحلية كميات كبيرة من المياه ولن يكون حينها أية مشكلة..” أثيوبيا... أو غيرها” من دول حوض النيل، ولن نجر إلى حروب ليس لها داع. إن من يقف ضد الطاقة النووية فى مصر هو جاهل، والجاهل أكبر من العدو نفسه، وكان يجب أن يكون لمصر الآن عدة محطات نووية، ولدينا نموذج ناجح هو فرنسا التى تغطى احتياجاتها بنسبة 80% من الطاقة الذرية .ــ طلاب الدراسات العليا المصريون فى الخارج، بماذا تنصحهم ؟
أنصح طلاب الدراسات العليا المصريين فى الخارج، ليكن لديك طمع ونهم للعلم وتحصيله بكل ما تستطيع من قوة، وتزوج مصرية لتحتفظ لنفسك ولأولادك بمصريتك وانتمائك، وحينما تحين الفرصة المناسبة لك، ارجع إلى مصر لتكمل المسيرة فيها، لتنفع نفسك وبلدك بعلمك الذى اكتسبته، وهنا تصبح صاحب فضل ووطنية .
ــ وماذا عن طلاب الدراسات العليا داخل مصر؟
أقول لهم انظروا نظرة جادة لتجويد التعليم الأساسى، وفكروا فى الأعمال أكثر من الألقاب والقيمة الحقيقية بالأعمال وليست بالألقاب، وفكر كيف تفتح بيتك.. وتفتح بيت عشرة آخرين.. وهنا النجاح الحقيقى، واكتسب معلومات وخبرة، وأقم الشركات غير نمطية، وافتح الطريق للأجيال المصرية القادمة.ــ ماذا عن إنشاء جامعة لتخريج علماء ينهضوا بالمسيرة العلمية فى مصر؟
هذا حلمى الأعظم فى حياتى، وسوف أقوم بإنشاء هذه الجامعة إن شاء الله تعالى على حسابى الخاص. ولأننى أطمح أن تدرس نظريتى الأهم من نظرية نيوتن وأينشتاين لإكمال المسيرة العلمية، وإن كانت هذه خطوة أتمناها وخاصة بعد استقرار الأمور فى مصر إن شاء الله تعالى
وأنا متبرع بها لمصر وأبنائها.ــ ما نصيحتك للشباب المصرى ؟
أريد من الشباب أن ينظروا للحياة العملية لمصلحة مصر، وأن يبدءوا فقد حان وقت البناء والاستقرار؛ لذلك يجب أن توجه جهود الشباب للعمل والإنتاج؛ ليرتفع شأنهم وترتقى مصر، وأرى أن الشباب المصرى لديه من الطاقات الضخمة والهائلة الكفيلة، بتغيير مجريات الأمور فى مصر والوطن العربى، لكنها تحتاج إلى إتاحة فرصة التمكين من الأدوار، والتى تقوم من خلالها بالدور الفعال، وإذا تمكن شباب مصر وأخذ فرصة حقيقية فأنا متأكد من أنه سيبهر العالم كله، بما سيحققه من إنجازات على أرض الواقع فى مصر .. وغيرها.ــ ذكرت فى مدونتك أن”علماء الخارج لم يفيدوا مصر ببصلة” فكيف تكون الاستفادة؟
أحيى الدكتور مجدى يعقوب، هذا الرجل الذى بذل جهدًا كبيرًا لخدمة مصر، وأتمنى أن نكون مثل هذا النموذج فى خدمة مصر، ومع ذلك أقول لن تنهض مصر فى المقام الأول إلا بسواعد المقيمين فيها.. وهذا لا يمنع الإفادة بالفكر وعمل المشروعات وضخ الأموال فى مصر للانتعاش الاقتصادى، وهذا مطلوب فى المقام الأول من رجال الأعمال، ويجب على علماء الخارج تعضيد علماء الداخل، فعلماء الداخل إن حصلوا على أقل قليل مما حصل عليه علماء الخارج، سوف تنهض مصر نهضة كبيرة، وعلماء الداخل أكثر بكثير من علماء الخارج وعلماؤنا المغتربين أيضًا لا يبخلون بالمحاضرات أو التشجيع لنمو الاستثمار وتغيير الوضع الاقتصادى.
ــ هناك دعوات الآن تنادى بالعودة إلى استخدام الفحم كمصدر للطاقة.. كيف تراها؟
استخدام الفحم كمصدر للطاقة كلام قديم، وتمت التجربة فيه، وترتب عيها نتائج الكل يعرفها وبالتالى لا يجب التحدث أو الرجوع لهذه الفكرة مرة أخرى، وإذا لم نأت بالجديد، فما قيمة العلم والعلماء؟! وعلينا أن ندرك صحيح العلم ويجب أن نرتقى فوق الألقاب .
ــ كيف ترى قرار مصر دخول العصر النووي، واختيار موقع الضبعة لإنشاء المشروع النووى الجديد ؟
المشكلة ليست فى موقع الضبعة، فهناك أماكن عديدة تصلح لإقامة المفاعل النووى الجديد، خاصة أن التطورات الأخيرة فى مجال إنتاج المفاعلات النووية؛ جعلتها أكثر أمانًا، كما أننا نمتلك من الكفاءات القادرين على تشغيل هذا المفاعل.
ولكن المشكلة الحقيقية هى أن دخول مصر العصر النووى يخضع لاعتبارات سياسية لأن الولايات المتحدة لا تنظر إلا للمصالح الإسرائيلية، وقد مارست إسرائيل الكثير من الضغوط على أنظمة الحكم المتعاقبة للحيلولة دون إقامة هذا المفاعل.ــ موقف غير الكثير فى حياتك ؟
ثلاث مواقف الأول تأميم قناة السويس الذى جعلنى أؤمن بمصريتى وأعتز بها وبقوميتى العربية لطرد الإنجليز عن بلدى وإلغاء تحكمهم فى مقدرات أرضى وشعبى، وهذا جعلنى أشعر بعودة الزعامة العربية من جديد.. ولقد أثبت المصريون أنه “ما استحق أن يولد من يعيش فى مصر ولا يعمل لها”. الموقف الثانى الذى تأثرت به كثيرًا هو احتلال سيناء وهروب الجيش المصرى، وكانت فاجعة كبيرة أتعبتنى أشد التعب كما أتعبت كل مصرى حر يغار على أرضه وعرضه، وحينما تم التحرير رُدت إلى روحى، وعدت إلى الحياة كالعائد من الموت المحقق، وكانت فرحتى لا توصف. الموقف الثالث الذى تأثرت به هو مرض ابنتى الذى أفزعنى، وأرق مضجعى وآلمنى أشد الإيلام.
ــ للإنسان فى حياته مواقف لا تنسى، هل تتذكر موقفًا خاصًا بك مع شخصية كبيرة فى مصر أو فى العالم؟وأنا طفل أبلغ من العمر خمس سنوات، كنت مسافرًا مع العائلة فى نزهة إلى الإسكندرية ونحن فى الطريق توقفنا للاستراحة، وجلسنا على منضدة جميعنا، وفجأة قام أبى وذهب إلى مجموعة من ضباط الجيش كانوا يجلسون على منضدة أخرى، ثم سلم عليهم ورحب بهم ثم استدعانى، وقال يا محمد: سلم على جمال عبد الناصر، وكان وقتها فى مجلس قيادة الثورة فذهبت وسلمت عليهم، وكان ضمنهم الرئيس السابق محمد نجيب، وهذا اللقاء العابر لى مع جمال عبد الناصر، رغم أنى كنت طفلًا لم ولن أنساه طوال حياتى؛ لأننى مقتنع بشخصية هذا الرجل وبحبه لمصر.ــ ما هو الخلق الذى يفتقده المصريون هذه الأيام من وجهة نظرك؟
الوفاء معنى عظيم جدًا، وهو خُلق مهم من أخلاق الأنبياء والمرسلين، ومن سار على هديهم بعد ذلك. وللوفاء طعم جميل ممتع لمن يعيش به، أما الخيانة التى تناقض هذا المعنى لا يجب أن يقبل بها حر، ولو كان المقابل البلايين من الدولارات؛ لأن فيها الهلاك للإنسان ولمن حوله .
ــ كيف تقيم تدخل الحكومة فى أزمة فيلم “حلاوة روح”؟
لا بأس بهذه الخطوة، وإن كانت مهمة جًدا، لكنهم وضعوا قيدًا واحدًا على شيء واحد فقط، بينما نحن بحاجة إلى قيود.. وقيود لأشياء وأشياء، تمزق فى المجتمع.
فإن كنت تُسَوِّقُ بمنعك لهذا الفيلم أنك تحارب الرذيلة، فالرذيلة الحقيقية تأتى من مشاكل كبيرة لم تفعل شيئًا للقضاء عليها. إن الرذيلة الحقيقية تأتى من الفقر وعدم المساواة والمحاربة الحقيقية يجب أن تكون فى القضاء على تلك الأزمات، وحل المشكلات التى تنهك مصر وأهلها. لقد تأخرت مصر وأصبحت من أفقر دول العالم مع أن لديها عددًا كبيرًا من العلماء، وإن “بعبعة الإعلام” فى مصر بالكلام لا حدود له ولا عدد، وهو أكثر من الإنجازات.. وللأسف انشغل المجتمع بالكلام وترك العمل وصنعنا أبطالًا وهميين بسبب تلك “البعبعة” الكلامية اللانهائية فى الإعلام المصرى، وصار كل شيء فى مصر معكوسًا.-لم تعد أخلاق المصريين كما كانت فى الماضى، وآخر تلك الدلائل واقعة نادى عزل المحلة؟
هناك انهيار أخلاقى فى مصر للأسف الشديد، سببه الفقر وانعدام السلطة، والعجز عن السيطرة على مقاليد الأمور، والأمور ليست سهلة.. وحكم مصر ليس أمرًا هينًا.. إن حكم مصر أصعب من نظرية أينشتاين مليون مرة لما فى المجتمع المصرى الآن من مشاكل وتراكمات تحتاج إلى مجهودات لا يعلمها إلا الله. والمشكلة الأخلاقية من أهم المشاكل لأنها لو حُلت تحل تبعًا لها مشاكل كثيرة، ونحن فى هذا الوقت بالذات نحتاج إلى صحوة الضمير من الحاكم والمحكوم؛ لكى ننقذ مصر مما هى فيه وأتمنى ذلك.
ــ فى النهاية ما نصيحتك للشعب المصرى ؟
أريد منكم الترابط المستمر، وأن تحافظوا على التماسك بينكم مهما حدث. لا تنسوا من أنتم ولا تنسوا مكانة مصر، فهى أحسن وأجمل دولة فى العالم، لقد امتنع التاريخ عن كتابة مواجهة مصرى بمصرى منذ عهد مينا موحد القطرين، ولا نريد أن يحدث ذلك إلى ما شاء الله، والمصرى الذى يرفع يديه على أخيه المصرى ليس إنسانًا وليس مصريًا. تكلم كما تشاء وناقش كما تشاء، لكن إياك والصراع باليد أو بغيرها . لتكن مصر فى قلوب المصريين وفى أعينهم.. وسوف تنهض لا شك إن شاء الله .
محمد صلاح الدين حامد النشائى.
مواليد عام 1940م بالظاهر بالقاهرة وأصول العائلة من فراسكور.حصل على الابتدائية والإعدادية من مصر ثم الثانوية من ألمانيا، وكذلك دبلوم الهندسة من ألمانيا وحصل على الدكتوراه من إنجلترا، وكان موضوعها (علم الثبات والاستقرار) وهو ثبات المنشآت القشرية مثل تغطية الاستادات بغطاء ثابت وقوى .
لديه ابنتان، إحداهما فى السادسة والعشرين من عمرها، والأخرى فهى معمارية تقيم بإنجلترا.
القدوة : صلاح الدين الأيوبى، لما لديه من شجاعة قوية جدًا فى الحرب، وأخرى مثلها فى السلام، والأستاذ الدكتور محمد النادى، وكذلك الدكتور/ مصطفى مشرفة.. ومن الألمان الدكتور/ جورج كانتور.. والذى ألهمنى هذا الطريق الذى أسلكه.
التراجع الأخلاقى فى مصر سببه الفقر والعجز عن
السيطرة وينقصنا صحوة الضمير
المصريون انشغلوا بالكلام وتركوا العمل فازدادوا فقرًا.. أنصح علماءنا فى الخارج بالزواج بمصريات والعودة لبلدهم
إن الله يحب الأتقياء الأخفياء الأبرار، الذين إذا غابوا لم يُفتقدوا وإذا حضروا لم يُعرفوا، مصابيح الهدى، يخرجون من كل غبراء مظلمة، فاحرص على طاعة الله، فإن ظهر أمرك واشتهر حالك فعش حياة العبودية لربك، واصرف هذا الظهور فيما يقربك من مولاك، وإلا فكن واحدا من هؤلاء الأفاضل، واعلم أن الله سبحانه مطلع ورقيب، ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه، قال تعالى: {يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله على كل شيء شهيد}.
العالم المصرى محمد النشائى أستاذ الهندسة الفيزيائية
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة