حوار أحمد الجعبري
الشاعر والكاتب المسرحي أشرف أبو جليل واحد من جيل المثقفين البارزين فهو عضو اتحاد كتاب مصر و مؤسس ومدير مهرجان سعد الدين وهبة لمدة عشر سنوات ومؤسس وأمين عام مؤتمر الفيوم الأدبي الأول ومؤسس لعدة فعاليات ثقافية كثيرة داخل المجتمع المدني ووزارة التربية التعليم: منها مهرجان الكاتب المسرحي ومهرجان الفنان محمد صبحي للمسرح التربوي وقد تم اختياره في مسابقة للقيادات بوزارة الثقافة مديرا عاما للثقافة العامة بالهيئة العامة لقصور الثقافة فطرح عدة مبادرات أثارت جدالا واسعا في الحركة الثقافية ورآها البعض تحريكا للمياه الراكدة ورآها البعض أنها غير مفيدة في للحياة الثقافية وحول مهامه الجديدة وما تثيره مبادراته من جدال أجرينا معه الحوار.
-ما الهدف الحقيقى وراء إصرارك على أن يكون هناك دائما مشروع ثقافى كبير ؟
يسعى أعداء هويتنا الثقافية دائما لتفتيت الوجدان والفكر الجمعي والثقافة الجمعية ويفعلون ذلك عبر صالونات ودور نشر ووسائل إعلام ومؤسسات مجتمع مدني ويستهدفون تشويه الفعل الثقافي للمؤسسة بينما " يطلعون السما " بأي شيء ولو كان تافها أو محدودا يتم خارج المؤسسة، ونحن نعيد الاعتبار للمؤسسة ونعيد الاعتبار للوجدان الجمعي ونحاول خلق تيار ثقافي في آن واحد.
-كيف يتم خلق الفكر الجمعي ومالمقصود به، وهل قدمتم أفكارا تنمي هذه الثقافة الجمعية؟
هناك فكرة تنفيذ المؤتمر العام التي طرحتها على الأمانة العامة مثلا وكانت تستهدف أن يتوحد 4 آلاف مثقف في مناقشة موضوع واحد في ساعة واحدة لخلق وجدان جمعي وموقف جمعي من القضايا المطروحة. وكذلك فكرة التكريمات كانت لخلق حالة وجدانية بالأساس بين جميع المبدعين وقد سعدت بأن أكثر من 2000 أديب قد باركوا لبعضهم التكريمات وأننا فيما يشبه عيدا قوميا للمبدعين، وقد جاء مشروع مناقشة الكتب في النشر الإقليمي بواقع 104 كتاب سيناقشهم قرابة 500 ناقد مابين متطوع ومشارك من الهيئة خلال شهري أغسطس وسبتمبر القادمين وهذا سيخلق حالة ثراء نقدي وحالة وجدانية وثقافية جامعة ويصل بالمحتوى الثقافي إلى أكثر من 10 آلاف مواطن وهذا ما نسعى إليه.
-لاحظت أنك من القلائل الذين يؤمنون بجدوى المشاريع الثقافية، لماذا؟
-: عندما تقدمت لشغل وظيفتي تقدمت بمشروع شامل يستهدف الوصول إلى الجماهير، وهو ما نص عليه القرار الجمهوري المنشيء للهيئة، ويضم المشروع تغيير النمط السائد في أداء الإدارة العامة للثقافة العامة، بتغيير بعض البنود المتبعة في العمل الثقافي وتغيير توجه الأنشطة نفسها، وتغيير في الرؤية نفسها لأننا المفروض إدارة للثقافة العامة لا الثقافة الأدبية المتخصصة وعلينا أن نوظف إبداع المبدعين في خلق حالة ثقافية جماهيرية، فيجب أن ننشر الكتاب ليصل إلى الجمهور لا أن نجامل به الأديب ثم نضع الباقي في المخازن، نحن نقيم الندوة لكي نثقف الجمهور أو نكتشف الموهوبين بين الجمهور أو نشجعهم أو لكي نمتع الجمهور بالفن والإبداع فالندوة موجهة للجمهور في كل الأحوال ، أما أنها تعقد لمجاملة الأديب ويحضرها 5 أفراد غالبا هم من الأدباء فهذا يخالف رسالة الهيئة نفسها وأزعم لو أن كل الإدارات وضعت الجمهور نصب عينيها لاستطعنا الوصول للجمهور والتأثير فيه إيجابا وتطبيق مبدأ العدالة الثقافية التي تقتضي أن نطبع الكتاب ونقيم الندوة ليس لإرضاء المبدع بهما بل لتثقيف المواطن .
- فى ظنك متى تتخلص الثقافة المصرية من طبقيتها ؟
عندما تؤمن الدولة أن الثقافة أمن قومي، وانظر إلى سيناء كنموذج تطبيقي على صحة ما أقول ، في سيناء الأمن القومي مهدد والبشر يفقدون حياتهم والسبب في ذلك كتاب ضال مضل وصل إلى نفر منهم ولو وجد هذا الكتاب كتابا آخر يفنده ويكذبه لما آمن بهذا الكتاب الضال أحد ولكفينا الوطن هذا التهديد ولكفينا البشر فقدان حياتهم وأمنهم هنا الكتاب أصبح كالماء والهواء لأنه يهب الحياة ويحمي من الهلاك وهو ضروي للوصول إلى كل الناس لا النخبة فقط علينا أن نقيم نشاطنا وننفق ميزانياتنا في أنشطة تستهدف الجمهور أولا .
ما الجديد لديك من مشاريع ، وما طموحك الخاص الذى تسعى لتحقيقه ؟
-:ننفذ حاليا مع التربية والتعليم لاكتشاف الموهوبين وأسعي لتفعيل المسابقات والمشروعات الثقافية مع وزارة التربية والتعليم تطبيقا لتوجيهات الرئيس السيسي وقرار صادر من رئيس مجلس الوزراء فقد أخطرتنا وزارة التربية والتعليم ان المسابقات وصلت إلى 48 ألف مدرسة في الشعر والقصص والرسم وسنطبع الأعمال الفائزة في 54 كتابا بواقع كتابين لطلاب كل محافظة كتاب للشعر وكتاب للقصة مصحوبين بالرسوم الفائزة وسنعطي جوائز قيمة لأفضل الطلاب وأفضل المدارس والإدارات والمديريات والمشرفين
-تملك الهيئة العامة لقصور الثقافة إمكانيات هائلة ..ومع هذا نجد أهدافها مبتورة ولا تصل خدماتها الثقافية لمستحقها فى الغالب .. ما تصورك
-الهيئة العامة لقصور الثقافة تمتلك طاقة بشرية تزيد عن 17 الف موظف ويتعاون معها قرابة نفس العدد من المبدعين في الآداب والفنون المختلفة، ولديها أكثر من 500 موقعا ثقافيا وتتعامل مع مثل هذا العدد من مواقع المجتمع المدني فهي تغطي مصر بالمواقع والعاملين، أين الخلل إذن ومالذي يجعل رسالتها مبتورة كما تقول ؟
أغلب ظني أن السبب في ذلك هو انحراف السلطة من بداية التسعينات برسالة الهيئة فقد حولتها من بداية التسعينات من الثقافة الجماهيرية " أي المرتبطة بتثقيف الجمهور " إلى " قصور الثقافة" أي المعنية بالنخبة داخل هذه القصور ومن هنا انعزلت المؤسسة عن دورها وتقوقع الأدباء داخلها ومن جانب أخر ربطت المؤسسة بين الخدمة للمبدع وبين تواجده داخل القصر فعضو نادي الأدب هو الذي يشارك في المؤتمرات وينشر في سلسلة النشر الإقليمي ويترأس نادي الأدب ويلقي المحاضرات، ويمثل المحافظة فإن ابتعد عن حجرة نادي الأدب انقطع نصيبه من هذه الميزات ومن هنا انحسر دور الهيئة على من هم داخلها وتركت رسالتها الجماهيرية
-التخبط وغياب الرؤية سمتان لصيقتان بأكثر من مؤسسة ثقافية مثل اتحاد الكتاب وغيره.. ما السر؟
-هناك غياب للرؤية والرسالة في مؤسساتنا ، فمثلا الدولة الناهضة في الستينات كانت تفرق بين حاجة المبدع من الدولة وهي رعاية إبداعه ورعايته شخصيا، وبين دور الدولة في تثقيف المواطنين ومن هنا كان هناك المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب ومهمته رعاية المبدعين ثقافيا واجتماعيا وهناك وزارة الإرشاد لتثقيف المواطنين أما الآن فقد اختلط الحابل بالنابل فوزارة الثقافة هي التي ترعى المبدعين والمجلس الأعلى للثقافة هو الذي يقيم الأنشطة وهذا خلط وانحراف بمؤسسات الثقافة عن دورها. ووزارة الثقافة مهمتها التثقيف والمجلس الأعلى مهمته رعاية المبدعين أما اتحاد الكتاب فهناك غياب للرؤية فلا يربط اثنين من مجلس إدارته رابط ولا تجمعهما رؤية أو هدف فكل عضو له رؤيته وكل ما يحدث في الانتخاب هو تحالفات انتخابية وليس تحالفا فكريا أو نقابيا وبالتالي فبمجرد النجاح والوصول لمجلس الإدارة يعطي ظهره لحليفه في الانتخابات والأدهي والأمر أن بعضهم يسعي لمصالحه الخاصة داخل الاتحاد ابتداء من البدلات والسفريات انتهاء بالمكاسب المالية التي لا مجال لذكرها الآن ومن هنا فالجميع ضد الجميع .