الأستاذة / سمية رمضان
مستشار أسرى
فى زحمة الحياة، تصادفنا المشكلات، فهناك من يقابلها بثقة وثبات، وهناك من يرتبك ويغرق فى بحارها؛ لذا خصصنا هذه السطور لنطرح الأفكار ونقدم الحلول التى تساعدنا فى تخطى تلك المشكلات، والعبور مع قرائنا الأعزاء إلى بر الأمان.
لدى مشكلة حول موضوع الموت، فكلما غابت الشمس وبدأ الليل يفرش بساطه أشعر برهبة كبيرة تجثم على صدرى وبخوف كبير خصوصا عند النوم فأبدأ بالتفكير “ماذا لو مت” و”لماذا سيتوفانى الله وأنا لم أقم بجميع أهدافى واحلامي” و”كيف ستكون ردة فعل من حولى عندما أموت” و” لماذا الموت ولماذا سنموت” وهكذا تبدأ الفكرة بالسيطرة على حدّ نوباتٍ من الفزع أسهر لأجلها الليل ولا أذوق طعم النوم سوى بعد معركة صعبة..
كنت سابقا أعانى من تأنيب الضمير لتركى بعض الصلوات فى السابق لكنّ سئل أحد أئمة المساجد عن حالتى فقال أنّ التوبة تكفى وفعلا لم أعد أترك صلاتى أبدا.. فكيف أفعل لأتجاوز هذه المحنة خصوصا أنّ صحتى تدهورت وجسدى هزل ومررت بحالة نفسية عصيبة إثر ذلك ومع تزامن هذه المشكلة مع قرب الامتحانات النهائية؟ سنا
***أهلا ومرحبا بك حبيبتى سما فى جريدة الفتح اليوم.. جميل أن يتذكر كل منا الموت، حتى تعلو همته إلى السحاب، ولا يرضى إلا العمل للجنة، بل للفردوس الأعلى إن شاء الله، فهذا أمر محمود إذا كان وسيلة إلى الاستزادة من الطاعات والبعد عن المعاصى والآفات، أما أن يتحول تذكر الموت إلى، فوبيا، وهو الخوف المرضي، فهذا هو الأمر الخطير، فالأمر تحول بالنسبة لك إلى خوف مرضي، يثبط الهمم، ويؤرقك، وهذا مدخل من مداخل الشيطان لكِ فاحذريه، فهو لا يريد لك سوى الحزن والغم والهم، فعليك باستشعار معية الله وقربه، وعليك بالاستزادة من الطاعات للقاء الله عز وجل، فنحن نحتاجك قوية، تضيفى لنفسك ولمجتمعك، والشيطان يريدك ضعيفة لا تقدرين على شيء، فيوسوس لك.
حبيبتي.. انصحك بتدريب نفسك على التفكير الإيجابي، والإيحاء الإيجابي، وذلك بأن تجلسى فى مكان مفتوح، وتنظرى إلى الأفق، وتفكرى فى أشياء إيجابية وأحلام وطموحات تريدين تحقيقها، واحضرى بعدها ورقة وقلما، واكتبى أحلامك وطموحاتك لخمس سنوات قادمة-إن شاء الله-، ثم حولى هذه الأحلام والطموحات، إلى خطط سنوية، ثم قسميها على شهرية، ثم أسبوعية، وحدد لنفسك خطة مفصلة بكل دقيقة خلال اليوم، ونظمى وقتك جيدا، فكما يقولون فى علم الإدارة: تخطيط ساعة يوفر فى المتوسط من أربع إلى ست ساعات.
أسمعكِ تقولين: أنا أخشى الموت ولا أضمن أن أعيش لحظة واحدة؛ ولهذا أرد
عليك: لا تستجيبى لتلك الأفكار، فنحن إيجابيون، لا ننظر إلى الدنيا بنظارة سوداء، وتخيلى معى إذا كتبتى هذه الخطط ووضعتيها نصب عينيكِ، فستتحول مع الوقت إلى أفكار إيجابية، ثم إلى تصرفات وأفعال إيجابية، ثم إلى شخصية إيجابية، فبداية كل شيء فكرة.
كما أبشركِ أنه لو قمتِ بكتابة تلك الخطة، ثم جاءك الموت، فسيكون لكِ الأجر كاملا عن تلك السنوات باستحضار النية، فما أروع دينينا الإسلامى الذى يجعل من النية الصادقة وحسن التخطيط لما فيه منفعة للفرد والمجتمع عبادة نؤجر عليها.
حبيبتي.. كونى أكثر إيجابية وأكثر تفاؤلا، فكما يقول الشاعر:
فتمتع بالصبح ما دمت فيه.. لا تخف أن يزول حتى يزول
أيهذا الشاكي، وما بك داءٌ.. كن جميلا ترى الوجود جميلا
حبيبتي.. اتركى تلك الأفكار السلبية جانبا، وابدئى فى العمل والعطاء، لتنفعى نفسك ومجتمعك، وتذكرى معى وصية النبى صلى الله عليه وسلم: إذا قامت الساعة، وفى يد أحدكم فسيلة فليغرسها)
والفسيلة هى شتلة النخيل، وهى تحتاج إلى سنوات طوال حتى تؤتى ثمارها، ولكنها الإيجابية والعمل حتى آخر لحظة فى الحياة.أما عن الصلوات الفائتة، فحاولى أن تتذكريها وصلّ مع كل فرض فرضًا من الفروض التى تهاونت فيها، أو اجمعى خمس فروض يوميا مرة واحدة، من الفروض القديمة، وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الموت شبح يهدد أحلامي
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة