الحب وحده لا يكفي!

استشارات
طبوغرافي

الأستاذة/ سمية رمضان

مستشار أسرى

download

فى زحمة الحياة، تصادفنا المشكلات، فهناك من يقابلها بثقة وثبات، وهناك من يرتبك ويغرق فى بحارها؛ لذا خصصنا هذه السطور لنطرح الأفكار ونقدم الحلول التى تساعدنا فى تخطى تلك المشكلات، والعبور مع قرائنا الأعزاء إلى بر الأمان.

 

أنا فتاة فى العشرين من عمري، طالبة بإحدى الكليات النظرية، تقدم لخطبتى أحد زملاء أبى فى العمل، مهندس فى الخامس والعشرين من عمره، وعلى خلق ودين، والكل يشيد بأخلاقه وأدبه وبره لأهله، وحالته المادية مستقرة، فهو عنده شقة وعربية.. وقد اعترف لى أنه معجب بى منذ أن رآنى مع أبى فى مقر عمله، ولكنه لم يتكلم معى لأنه أراد أن يدخل البيت من بابه، وطبعا الأسرة كلها ترحب به، بل وتعتبره عريس لقطة كما يقولون.

هم ينتظرون منى الرد، وطبعا حاولت ألاقى فيه عيب، ولكن للأسف لا أجد فيه عيبا لأتحجج به أمام أهلي، ولا أخفى عليكم سرا، فأنا مرتبطة عاطفيا بزميل دراسة لى منذ سنة، وعندما فاتحته فى الموضوع، وأخبرته بما حدث بدأ يتهرب مني، وقال لي: لا أقدر أن أعدك بأى شيء قبل خمس سنوات، ونصحنى بأن أتزوج هذا الخاطب، ولا أدرى هل هو يفعل ذلك تضحية من أجلى ومن أجل أن أعيش سعيدة، أم أنه لا يحبنى ويتهرب مني.. أفيدونى فإنى حائرة.. كما أننى لا أستطيع أن أتزوج شخصًا لا أحبه، فأنا أتمنى أن أعيش حياة زوجية رومانسية كلها حب وعاطفة.

 

ابنتى ذات العشرين ربيعًا، تعجبت جدا عندما قرأت رسالتك، فمن المفترض أن يكون تفكيرك أكثر نضجًا خاصة وأنك جامعية، وألا تحكمى على الأمور بهذه السطحية.

ذكرتِ أن الخاطب مهندس مرموق ومتدين وعلى خلق، وكذلك بارا بأهله ومحبا لهم، وهذا يبشر بالخير، فمن يحسن لأهله الآن، سيحسن لكِ غدا، عندما تصبحين زوجة له، وأما لأولاده.

ابنتي.. ليس بالحب وحده يحيا الإنسان، فالحب وحده لا يكفى لإقامة علاقة أسرية ناجحة، وكم رأينا كثيرًا من الزيجات التى كانت عن حب، ثم ذهب الحب مع أول مشكلة حقيقية بين الطرفين؛ لأنه حب غير حقيقي، بل هى عاطفة زائفة، فالعاطفة الحقيقية تقوم أولا على الاختيار الصحيح، وعلى التكافؤ، وعلى أساس سليم، وهذا الحب الحلال الذى يكون فى النور ينمو ويترعرع ويكبر ليحمى البيت من التصدع، هذا الحب الذى وصفه رب العزة سبحانه وتعالى بالمودة والرحمة، فهذا الحب الحلال يبارك الله فيه وينميه.

حبيبتي.. ابحثى عن الحب الحقيقى مع خطيبك المتقدم لكِ، واحذفى صفحة هذا الزميل من حياتك، وأظنه لا يحبك وإلا لماذا لم يتمسك بكِ؟ بل وتهرب منكِ، ورغم ذلك تحاولين أن تبحثى له عنه مبرر لتثبتى لنفسكِ أنك لم تكونى مخطئة فى علاقتك العاطفية به طيلة سنة كاملة، كما أنكِ لم تذكرى شيئًا من صفات هذا الزميل، ولا عن أخلاقه ودينه، وكل ما تحدثتِ عنه هو العاطفة التى تربطكِ به منذ سنة، والعلاقة العاطفية التى قطعها هو، دون أى تفكير، لأنه ببساطة كان يتسلّى..

وفى الحقيقة كثير من الشباب الجامعى يبحث عن علاقة مؤقتة طوال دراسته، وإذا سئل: هل تنوى الزواج بزميلتك؟ فيقول بكل حزم: لا طبعًا.. ليست هذه التى قبلت أن تمشى مع شاب هى التى أختارها زوجة لى وأمًّا لعيالى..

إذن عزيزتى ابنة العشرين هذه العلاقة التى نشأت بينك وبين زميلك هى نوع من تفريغ الكبت العاطفى، ولو كانت علاقة الحب حقيقية لتمسّك بك أكثر ولكان جهّز لهذا اليوم.

حبيبتى .. احمدى الله أن أرسل لكِ مثل هذا العريس اللقطة، وحافظى عليه، وابدئى معه صفحة جديدة من حياتك، وارسمى حلمك ببيت يملؤه التعاون والرحمة والمودة والعطاء المتبادل، واعلمى أن الحياة الزوجية ليست هدايا ورسائل عاطفية، وفستان وزفة وفسح، ولكنها مسئولية وأمانة، إنها مسئولية صناعة المجتمع المثالي، وتربية الأبناء، وصناعة جيل المستقبل، وتربيته على الأخلاق النبيلة والمثل العليا، ولكل من الزوجين دور فى هذه المسئولية، وبالتعاون والحب والعطاء تهون الصعاب، وتزول العقبات.

حبيبتي.. عليكِ بصلاة الاستخارة كما علمنا النبى صلى الله عليه وسلم، وعليكِ بكثرة الدعاء، واسمعى لنصح والدك فهو أكثر خبرة منكِ فى أمور الحياة، وبالتأكيد يريد لك الخير كل الخير.

حبيبتى .. ذكرتِ أن الخاطب به الكثير من المزايا وأنك لا تجدين فيه عيبًا، وهذه نعمة كبيرة يجب أن تشكرى الله عليها، وشكر النعمة يكون بصيانتها وعدم التفريط فيها، حتى لا تندمى بعد فوات الأوان.

وأخيرا.. همسة فى أذن كل فتاة.. احذرى من الانجراف وراء العاطفة على حساب العقل، ولا تجعلى مشاعرك الجميلة مشاعا للجميع، بل حافظى على قلبك وعاطفتك لزوج المستقبل، فهذا حقه عليكِ، وإذا أردتِ أن تتزوجى عليًّا، فكونى فاطمة.