زوج صديقتى تقدم لخطبتي.. ماذا أفعل؟

استشارات
طبوغرافي

الأستاذة/ سمية رمضان

مستشار أسرى

الشاعره سمية رمضان عبد الفتاح

السلام عليكم.. أنا فتاة تجاوزت الثلاثين من العمر، وتقدم لي الكثير من العرسان، ولكني لم أجد الشخص المناسب حتى الآن، ولى صديقة أحكي لها عن هؤلاء العرسان بالتفصيل، وأستشيرها وأثق في رأيها، وكانت المفاجأة عندما تقدم لى العريس الأخير، وهو زوج صديقتى.. أنا أحبها حبا كثيرًا، ولم أتوقع هذا أبدًا، وصديقتي ترى أن زوجها أحسن رجل في الدنيا وهو نموذج للزوج المثالي، فهو أستاذ جامعي، على خلق ودين، أرى عمري يتقدم، وقطار العمر يجري بي، وأخاف ألا أجد زوجا مناسبا، فهل أقبل الزواج منه؟!، أخشى على صديقتي من الصدمة، فأنا أحب صديقتي جدا، وفي نفس الوقت أخاف من المستقبل، أخبروني ماذا أفعل؟

أهلا وسهلا بكِ أختي الفاضلة، ومرحبا بكِ ضيفة كريمة على صفحة استشارات أسرية بجريدة الفتح اليوم.
حبيبتي/ قبل أن أبدأ بالرد على سؤالك، سأطرح عليك سؤالاً، حاولي أن تجيبي عليه بهدوء وروية: لو وضعتِ الصداقة في كفة، والزواج بهذا الرجل في كفة، فأي الكفتين أرجح؟!

حبيبتي/ ذكرت أن صديقتك مقربة منكِ جدا، بدليل أنكِ تأتمنينها على أسرارك وتستشيرنها في الأمور الهامة في حياتك، وهذا أيضا يوضح أنها ذات عقل راجح، وفكر سديد، بدليل أنها أهل للمشورة وإبداء الرأي، فلماذا يبحث زوجها عن غيرها، ولماذا أنتِ بالذات؟!

حبيبتي إذا كانت صديقتك قد فتحت لكِ قلبها قبل بيتها، فهل يكون الجزاء أن تتزوجي زوجها الذي تحبه وتراه مثاليا في كل شيء؟!

ربما يكون هناك من الأسرار التي وراء الأبواب ولا يعرفها أحد عن حياتهما، ولا أدري هل لديك بعض المبررات التي جعلت هذا الزوج يقدم على فكرة الزواج بأخرى أم لا، فربما كان هناك بعض الأسباب التي لا نعرفها، وإذا افترضنا هذا جدلاً، فهل يُعدّ ذاك مبررا أن تتزوجي بزوج صديقتك الصدوقة؟!

أمامكِ خياران لا ثالث لهما: الأول هو أن ترفضي هذا الرجل وتعتذري له بلطف، وتوضحي له أسبابك، وتنصحيه بالإحسان إلى صديقتك، وتذكريه بمزاياها، وأنه لن يعوضها، وأنكِ لا تستطيعين خيانة صديقتك بالزواج منه، فأنتِ وفية لها، ولا تخبري صديقتك بما حدث من زوجها؛ وحاولي أن تكون علاقتك بصديقتك خارج إطار بيتها، ولا تمتد العلاقة إلى التعامل مع زوجها بأي شكل من الأشكال، وإذا حدث وعرفت صديقتك بتقدم زوجها إليكِ أخبريها أنكِ حريصة عليها وعلى علاقتك بها، وردي بحسم وبكلمات واثقة لا تترك أثرا للشك: أنتِ أفضل عندي، وأنتِ مكسب ، ولن أفرط في صداقتنا أبدا.

هو موقف صعب ولكن يحتاج إلى حكمة وشجاعة، فكوني واثقة ولا تترددي، وأكثري من الذكر والاستغفار، اقرئي آيات سورة نوح: {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا. يرسل السماء عليكم مدرارا. ويمددكم بأموال وبنين. ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا}.. كل هذا من ثمرات الاستغفار، فأكثري من الاستغفار وسيمدك الله بالزوج والبنين إن شاء الله.

الخيار الثاني الذي أمامك هو أن تتزوجي بهذا الرجل، وتخسري صديقتك، وهذا حقك طبعا، أن تتزوجي ممن تشائين، ولكن سأطرح عليك بعض الأسئلة:
هل تستطيعين الاستغناء عن صديقتك للأبد؟!

هل ستتحملين تأنيب الضمير والإحساس بالذنب تجاه صديقتك؟!
هل تأمنين لهذا الرجل الذي باع زوجته من أجلك؟!
هل تستطيعين تحمل التجربة بكل ما فيها من تبعات؟!
ماذا لو فعل معكِ بعد الزواج مع فعله مع صديقتك، وتزوج بأخرى؟!
حبيبتي.. هيا نلعب معا لعبة تبادل الأدوار، بمعنى ضعي نفسك مكان صديقتك، وتخيلي شعورها الآن، فماذا أنتِ فاعلة؟!
حبيبتي.. لن نختار لكِ بالطبع، فالمستشار يبصر بالمشكلة والحلول من كافة الجوانب التي يراها، ولكن الاختيار سواء كان بالقبول أو الرفض هو دورك أنتِ وليس دورنا، ولأن المستشار مؤتمن، فكان الواجب أن نبصرك بكافة المخاطر التي قد تتعرضين لها، فهذا واجبنا.

حبيبتي.. ليس بالزواج وحده يحيا الإنسان، فالزواج حلقة من عدة حلقات في حياة الإنسان، والزواج ليس غاية في ذاته، ولكنه وسيلة، نعم وسيلة، وسيلة لبناء المجتمع المترابط، وسيلة لتأسيس البيت السعيد المبني على أساس من الثقة المتبادلة ومن المودة والرحمة والتعاون والعطاء والإيثار، ولولا هذه المشاعر الطيبة لما استطاع أحد أن يكمل مسيرته في الحياة الزوجية، فالحياة الزوجية مليئة بالعقبات والمشكلات، وهذه الدعائم تساعد على تخطي تلك العقبات، فهل هذه الدعائم متوفرة في حالتك؟ أم أنه مجرد اللحاق بالقطار قبل فوات الأوان، كما ذكرتِ في رسالتك؟

حبيبتي.. لا تبني سعادتك على أنقاض بيتٍ تهدمينه بيديك، فهذه بالطبع لن تكون سعادة حقيقية، بل هو وهم لن يدوم طويلا، ووقتها ستجدين أنكِ فقدتِ كل شيء، فقدتِ الصديقة والزوج، وفقدتِ ما هو أكبر من ذلك، قيمة الوفاء.

حبيبتي.. يحكى أن رجل أعمال ثري كان يذهب كل صباح إلى دار المسنين، ليتناول طعام الإفطار مع زوجته، والتي كانت تهذي بكلام غريب، فقد أصابها الزهايمر، ولم تعد تعرفه، ثم بعد ساعة يذهب إلى عمله، وعندما سأله أحد أصدقائه: لماذا تذهب إليها وهي لا تعرف من تكون؟! فرد الزوج قائلا: إن كانت هي لا تعرف من أكون فأنا أعرفها، وأعرف من تكون!

حبيبتي .. هذا الزوج لو تنكر لزوجته لن يلوم عليه أحد، ومع ذلك ظل وافيا لها، مخلصا للعشرة التي بينهما، بالرغم من عدم معرفتها له.

حبيبتي.. ذكرتِ أن صديقتك تنظر لزوجها بمثالية، وهذا سيجعل صدمتها حال موافقتك على الزواج صدمتين، صدمتها في زوجها، وصدمتها فيكِ، فتريثي، وفكري جيدا قبل الإقدام على أي خطوة غير محسوبة النتائج.
حبيبتي.. الزواج ليس صفقة، نحسب خسارتنا ومكاسبنا فيها، بقدر ما هي أساس لقيام حياة كاملة، فلا تسرعي، فاختيار الزوج الصالح ليس سهلا في أيامنا، ولهذا أنصحك بالتوجه إلى الله بالدعاء والاستخارة مرات ومرات، حتى ييسر الله لكِ الأمر، وعليكِ بكثرة الدعاء في جوف الليل أن يرزقكِ الله سعادة الدارين، وأن يكتب لك الخير حيث كان، وأرجو أن توافينا بأخباركِ دائما، مع دعواتنا لكِ بالتوفيق والسداد.