القائمة الجانبية

13
الأحد، نيسان
0 مواد جديدة

أتمنى الموت مع أولادي .. وزوجي السبب

استشارات
طبوغرافي

 

الأستاذة/ سمية رمضان

مستشار أسرى

download

 

تزوجت وعمري 19 سنة، وعمري الآن 30 سنة، لم أعرف طعم ولا معني للراحة، وانقطعت عن الصلاة والأذكار، وأحيانا أفطر في بعض أيام رمضان، تحولت حياتي مع زوجي لجحيم، ولو حاولت أني أصلي يأتي أي شئ يحول بيني وبين صلاتي عدت لا أشعر بها وكأنني أؤدي بعض الحركات فقط، فيحدث انقطاع عن الصلاة، ثم أشتاق للصلاة ثانية فأصلي وأغرق نفسي في دموعي وبعدها يحدث الفتور.

كانت همتي عالية قبل الزواج، فكنت أحافظ على نفسي من أي علاقات مع شباب وأتقي الله وأصبر، حتى على النظرة، برغم جمالي الشديد، على أمل أن يرزقني الله الزوج الصالح الذي يعوضني بالحلال، ولكن ما حدث العكس تماما، عشر سنين مع زوجي بلا حب ولا رحمة، بل الأكثر من ذلك أنه يعاملني وكأني عدوته، ولو حدثت مشكلة بالخارج يحول البيت إلى جحيم ومشاكل، وقد يترك البيت يوما كاملا بلا مصاريف، وقد حدث بالفعل أن تركني مريضة وحرارتي شديدة ومغمى علي من شدة الحمى يوما كاملا بلا طعام ولا مصاريف، ومن يومها لا أريد أن أفعل أي شيء، غير التفكير بالموت فقط، لا أريد حتي أن أنظف المكان ولا أجهز الطعام، ولولا أولادي ما تحركت من مكاني، أحيانا أفتح عيني صباحا وأنا لا أريد حتي الكلام ولا الحراك أريد فقط أن أفضل ثابتة مكاني إلي أن يأتي ملك الموت ويأخذ روحي بأمر الله، برجاء الدعاء لي بالموت والراحة من الحياة قريبا.

أهلا وسهلا بكِ أختي في صفحة استشارات أسرية بجريدة الفتح اليوم، ونشكر لكِ ثقتكِ بنا، ونتمنى أن نكون أهلا لهذه الثقة.

أختي الفاضلة/ أزعجني جدا دعاؤك على نفسك وأولادك، فالدعاء نعمة من الله منِّ بها علينا، وهو سلاح قوي، فهو سلاح المؤمن، ولكنه سلاح ذو حدين، ولذلك يجب علينا استعماله الاستعمال الصحيح، وإلا لتحول من أداة للدفاع عنا، إلى أداة لتدميرنا، والكثير منا قد يرى الخير في أمرٍ ما، ويلح في دعائه إلى الله بهذا الأمر، ولكن ربما كان هذا الأمر شرًّا ولا ندري: {وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً}، ولذلك فمن أفضل الأدعية، اللهم يسر لي الخير حيث كان، لأن الخير يعلمه الله وحده. احذري هذا الدعاء!!
ولأن الدعاء سلاح ذو حدين، فقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من استخدامه بشكل ضار، فنهانا عن الدعاء على أنفسنا وأولادنا وأموالنا، فربما صادف دعاؤنا ساعة إجابة، فنندم في وقت لا ينفع فيه الندم، فعن جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: "لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَوْلاَدِكُمْ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لاَ تُوَافِقُوا مِنَ اللهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ، فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ.

ولماذا الحزن وأنت تملكين نفس السلاح، فتضرعي إلى الله بقلب يملؤه الرجاء في رحمته وعفوه وكرمه؟! وما أجمل أن نتدرب سويًّا على استخدام هذا السلاح جيدًا؛ فننتفع به دون ضرر، وما أحلى أن ترددي دعاء عباد الرحمن، الذي ورد في القرآن: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان: 74].

الدعاء الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تقولي: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لى وأمتنى ما كانت الوفاة خيرا لى.. ولكن.. عليك أن تعلمي أن هناك سيدات مثلك لم يرزقهن الله أطفالا وتمنين لو أنفقن كل ما يملكن من أجل أن يسمعن كلمة ماما.. فحافظي على النعمة التى معك واشكري الله عليها. وتوجهي إلى الله بالدعاء أن يقويك على تحمل أمانة التربية والتنشئة الصالحة.

وإياك والتفريط في الفرائض، فاحذري الإفطار مرة أخرى في رمضان، وعودي كما كنتِ عالية الهمةِ، فالتغيير سيبدأ منكِ أنتِ وليس غيركِ.

أعيدي تنظيم وقتك بين العبادة وتربية الأبناء وتنظيم البيت وترتيبه، وغيري من أسلوب معاملتك لزوجك، فهو يحتاج إلى الحب والدفء والحنان والمودة والرحمة كما تحتاجين أنتِ، ولكن ما حدث هو أنكِ أهملتِ في واجباتك، ولم تحرصي على الاهتمام بنفسك ولا بيتك، فضاق الزوج بذلك البيت الذي خيم عليه الإهمال والكسل والنفور والرغبة في الموت، فأي حياة هذه يا حبيبتي؟!

حبيبتي ستحتاجين إلى الكثير من الجهد لتحصلي على السعادة، فالسعادة ليست منحة من أحد، بل هي بجهودنا وعملنا وصبرنا، وليست بالتكاسل والخمول والزهد في الحياة، واعلمي أن أبناءك أمانة غالية ستسألين عنها أمام الله، فاحرصي على صيانة هذه الأمانة، وغرس روح التفاؤل والحب، حتى يعيشوا في سعادة وهناء.

الله مالك الكون، بيده سعادتك وشقاؤك، بيده راحتك وتعبك، بيده حياتك وموتك. فلماذا تبحثين عن السعادة بعيدًا عنه؟! ها هو طريق السعادة أمامك مفتوح على مصراعيه، وسعادة القرب من الله لا ينغصها هم أو حزن أو شقاء، تجني الرضا بقضاء الله وقدره، فما "أصَابَك لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَك، ومَا أخْطَأك لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَك".

مهما حدث يجب علينا الرضا التام؛ فأقدار الله خير، و"لو علمتم ما في الغيب لاخترتم الواقع". ولكن يا حبيبتي لي عتاب: لماذا هذه النظرة السوداء إلى حياتك؟ لماذا التفكير في المستقبل، ذلك المولود الذي لم يأتِ بعد؟ لمَ تنظرين إلى الحياة هذه النظرة المتشائمة؟ لماذا تخافين ظلام الليل وأنتِ تنعمين بفجر يومٍ جميل؟

فتمتع بالصبح ما دمت فيه لا تخف أن يزولَ حتى يزولا
أيهَذا الشاكي وما بك داء كن جميلاً ترى الوجود جميلاً
السعادة الزوجية.

حبيبتي.. حينما تشرين بإصبع الاتهمام لشخص ما، فإن ثلاثة أصابع تكون في اتجاهك، فغيري من نفسك وطوريها، وارمي عن عينيكِ تلك النظارة السوداء، وانظري إلى نصف الكوب الممتلئ، ولا تنظري لنصفه الفارغ، واستمتعي بكل لحظة ومع أبنائك وزوجك.

والآن أهمس في أذنك ببعض النصائح:
اصنعي تغييرا في في نمط حياتك كلها بوضع خطة شهرية بدايتها من اليوم.
اهتمي بشكلك ومظهرك وجمالك داخل المنزل، وكذلك بمظهر أبنائك.
كوني مدبرة، فالاقتصاد نصف المعيشة.
أكثري من ذكر الله {أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.
استغلي وقت الفراغ في تنمية مهارتك.

واظبي على قراءة القرآن الكريم وحفظه؛ فالبيت الذي يُقرأ فيه القرآن يزداد خيره ويقل شره ويتسع لأهله.
استعيذي بالله من الشيطان الرجيم؛ فقد تكون كل المشاكل بسبب وساوسه وهواجسه.
كوني اجتماعية، واتخذي صديقات يكنّ عونًا لكِ على صالح الأعمال.

اعلمي أنك لن تغيري من أقدار الله شيئًا؛ قال تعالى: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}، وقال صلى الله عليه وسلم: "كَتَبَ اللّهُ مَقَادِيرَ الْخَلاَئِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ. قَالَ: وَعَرْشُهُ عَلَىَ الْمَاءِ" [مسلم]، والأكثر من ذلك أن الدنيا كلها لو اجتمعت لتنفعكِ بشيء، لن تنفعك إلا بما كتبه الله لكِ، ولن يضروكِ إلا بما كتبه الله عليكِ، فقد رُفعت الأقلام التي كُتِبَتْ بها أقدار الله، وجَفت الصحف المكتوب فيها أقدارنا حتى يوم القيامة، فلمَ الحزن إذًا؟
أقبلي على الله بنفس تملؤها الطمأنينة النابعة من الإيمان بالله، والرضا بقضائه وقدره.

ولا تنزعجي فأقدار الله كلها خير، وما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأكِ لم يكن ليصيبك. وفقك الله لما فيه الخير، ورزقكِ سعادة الدارين، وشرح صدرك بالإيمان والرضا.، فالرضا ركن من أركان الإيمان، ودليل العرفان بنعم الله عز وجل.

أسأل الله العظيم أن يكبر أولادك ويكونوا لك سندا وعونا، واطلبى العون من الله ليكونوا لك قرة عين.
وأخيرًا يا حبيبتي، وفقك الله وثبت خطاكِ، ورزقكِ السعادة والثبات والرضا، وهدانا وإياكِ إلى طريقه المستقيم، وأرجو ألا تنسينا من فضل دعائك، وتابعينا بأخبارك.