الفتح اليوم تحاور.. المبتهل الشيخ محمد علي جابين

حوارات
طبوغرافي

أجرى الحوا/ أحمد عبد العاطي
لدينا كنوز من تراث المبتهلين الأوائل وعلينا أن ننشئ مدارس جديدة
DSCF1236
ـ كيف كانت نشأة الشيخ محمد علي جابين ؟ وما دور الوالد في هذه التنشئة؟
ـ تربيت ونشأت في بيت قرآني فوالدي هو الشيخ علي جابين وقد بدأت حفظ القرآن الكريم منذ الصغر على يد الوالد ودرست في كتاب القرية ثم انتقلت مع الوالد إلى حلوان في السابعة من عمري ثم سافرت إلى المملكة العربية السعودية بصحبة الوالد حيث كان يعمل مدققا للمصحف الشريف في الحرم المكي الشريف وهذا سر ارتباطي بالقرآن الكريم وهو حافظ متقن رحمه الله فقد تربيت في كنفه في كتاب الحرم المكي الشريف وأتممت حفظ القرآن في الحرم ونشأتي كانت نشأة دينية بفضل إقامتنا في الحرم وارتباطي بالوالد هناك حيث كنت أنزل إلى الحرم بعد خروجي من المدرسة ولا أتركه إلا في آخر اليوم بعد صلاة العشاء وما أجمل الحياة في رحاب الحرم الشريف وأكملت المرحلة الإعدادية والثانوية بمكة ثم التحقت بكلية الدعوة وأصول الدين قسم القراءات في جامعة أم القرى في مكة المكرمة وتخرجت فيها وعملت بالتدريس في مدارس الحجاز الخاصة في جدة وعملت إماما في عدة مساجد في المملكة العربية السعودية في مكة وجدة والمدينة المنورة وفي عام 2007م عدت إلى مصر وقد كنت منذ الصغر وأنا أهوى سماع المبتهلين الكبار وكنت أقلد الشيخ نصر الدين طوبار والشيخ سيد النقشبندي والشيخ علي محمود والشيخ طه الفشني وبطبيعة الحال كانت الموهبة موجودة من الصغر حيث كنت أقدم ابتهالاتهم في المدرسة ثم نميت الموهبة بالدراسة والتدريب حينما أعود إلى مصر في الأجازات كنت أذهب إلى معهد الموسيقى العربية لأتعلم فن الأداء والمقامات وعلم النغم إلى أن استقر بي المطاف وتعرفت على فضيلة الشيخ محمد الهلباوي رحمه الله تعالى عليه وقبل أن أتقدم للإذاعة درست على يديه فن الأداء الصوتي وفن إلقاء الابتهال ووالدي رحمه الله كان يحثني على حفظ القرآن ومذاكرته بشكل مستمر لأنه من أهل القرآن وقد كان له أثر في توجيهي للقرآن الكريم لذلك أدعو له في كل وقت خاصة في سجودي لأنه هو السبب لما أنا فيه فجزاه الله خيرا ورحمه رحمة واسعة.

ـ من كان قدوة الشبل محمد علي جابين منذ صغره في الابتهالات الدينية ؟
قدوتي هو فضيلة الشيخ محمد الهلباوي فهو معلمي وقد استفدت منه في هذا المجال استفادة عظمى وقد علمني كيف أبدأ وكيف أنتهي ثم علمني كيف أوظف إمكاناتي الصوتية وكيف أعايش الكلمات لتلائم اللحن وعلمني كيف أنتقل بين المقامات بسهولة ويسر كما علمني كيف أوظف إمكاناتي الصوتيةـ من صاحب الفكرة في التحاق الشيخ محمد علي جابين بالإذاعة؟ وكيف تم الالتحاق؟
صاحب فكرة التحاقي بالإذاعة صديقي الصحفي الأستاذ محمد رأفت الذي كان يعمل وقتها في جريدة اللواء الإسلامي حيث قال لي: لماذا لم تتقدم للإذاعة؟ فقلت إنها تحتاج إلى مواصفات معينة ومؤهلات فقال لي: أنت تمتلك تلك المؤهلات فشجعني وذهب بنفسه وقدم لي طلبا في إذاعة القرآن الكريم واجتزت الاختبار بفضل الله أمام لجنة استماع قوية كان على رأسها فضيلة الشيخ أبو العينين شعيشع رحمه الله ومعه مجموعة من الشيوخ العظماء وكان الشيخ أبو العينين يهز رأسه وهو يستمع لي فظننت أن صوتي لم يعجبه وبعد الاختبار أخبرني أمين سر اللجنة أن الشيخ كان مسرورا سرورا كبيرا بآدائي وقد قال لي قبل الاختبار: شد حيلك عايزك تدخل الإذاعة قبل موتي. فأثرت في مقولته وتم اعتمادي في الإذاعة عام 2008م
ـ من أين كان أول هواء في الإذاعة بالنسبة لك؟ وكيف كان هذا الهواء؟
كان أول هواء بالإذاعة من مسجد الإمام الحسين بصحبة القارئ الطبيب أحمد نعينع وكان فجرا لا أنساه لأنها كانت تجربة عصيبة أن أكون على الهواء في المرة الأولى لي بجوار هذا العملاق القارئ الطبيب أحمد نعينع والحمد لله أديت أداء متميزا بعد أن ثبتني الله تبارك وتعالى وقد كان هذا الابتهال من الابتهالات المؤثرة في حياتي

ـ من من المبتهلين مفضلا لديك؟ وما رأيك في المبتهلين الجدد؟ وما نصيحتك لهم؟
من المبتهلين أفضل العظماء ومنهم الشيخ علي محمود والشيخ طه الفشني والشيخ محمد عمران والشيخ سيد النقشبندي هؤلاء أثروا فن الابتهال بإجادتهم وإتقانهم وإبداعهم في هذا الفن وانتقاءهم للنصوص والكلمات وقد تركوا لنا تراثا بمثابة الكنوز لكننا الآن نشهد افتقارا لهذا اللون من الفن ومهما حاول المبتهلون الآن أن يجتهدوا فلن يصلوا إلى مستوى هؤلاء العظماء الكبار إلا إذا عدنا إلى ما كانوا عليه من اختيار النص وكثرة التدريب والتجويد فهم أصحاب المدرسة الكلاسيكية الفريدة والتي ستبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ويجب على الإنسان أن لا يقف عند حد معين من العلم والتعلم مستمر حتى الموت فيجب الاستمرار في الإبداع مقتدين بالجيل الذهبي في الابتهالات ويجب أن لا نحيد عن الأساس الذي وضعه لنا هؤلاء الكبار العظام. ونصيحتي للمبتهلين الجدد لابد مكن اختيار النص الجيد ولابد من تعلم ودراسة النغم والمقامات الصوتية والاحتكاك بكبار المبتهلين المصريين فمصر خرجت جيلا عظيما من المبتهلين وانتشرت ابتهالاتهم في كل أنحاء المعمورة
ـ كيف ترى دور الإنشاد والابتهالات الدينية في بناء القيم في المجتمع المسلم؟
الابتهالات لها دور كبير في المجتمع فهي ترقق النفس وترقق الروح خاصة أنها تدعو إلى مكارم الأخلاق وإلى توحيد الله وتدعو إلى محبة النبي صلى الله عليه وسلم وكثرة الصلاة والسلام عليه وتدعوا إلى الفضيلة والابتهال فن محمود لأنه يدعو إلى ما فيه صلاح العباد وهذا اللون تهواه النفس وتقر به العين وتنشرح به الصدور وهو لون من الإنشاد الديني المحمود الذي يقربك إلى الخالق سبحانه وتعالى ويدعوا إلى عبادته وتوحيده والتقرب إليه بالطاعات
ـ لماذا لم تنشأ مدرسة جديدة في الابتهالات بعد مدارس العظماء السابقين؟
لم يأت بعد من هو مؤهل لأن يكون صاحب مدرسة في الابتهالات وهؤلاء الذين تركوا لنا مدارس قد أعطوا واجتهدوا اجتهادًا كبيرا كالشيخ نصر الدين طوبار فهو صاحب مدرسة وكذلك هناك مدرسة الشيخ سيد النقشبندي ومدرسة الشيخ محمد عمران وهؤلاء بحجم أعمالهم وبقدر ما قدموا كان لكل منهم مدرسته الخاصة المتميزة عن غيرها في الكلمات والألحان والأداء وقد كان التحدي صعب لديهم وقد قاموا بهذه المهمة على خير وجه لأنهم كانوا مخلصين مجتهدين.
ـ من هو القارئ المفضل لديك؟ ولماذا؟
القارئ المفضل لدي هو فضيلة القارئ الشيخ محمد رفعت رحمه الله لأنني حينما أستمع إليه كأنني أعيش فوق السحاب ثم فضيلة الشيخ مصطفى اسماعيل رحمه الله ثم فضيلة الشيخ محمد النادي الذي لم تعطيه الإذاعة المصرية حقه فلقد كان قارئا متمكنا شاملا فقد كان قارئا ومبتهلا وكان مؤثرا فيمن يستمع إليه إلا أنه توفي رحمه الله في الخامسة والثلاثين من عمره ولو قدر له أن يطول عمره لكان صاحب مدرسة كبيرة كالشيخ محمد رفعت والشيخ مصطفى إسماعيل وغيرهما من العظماء ومن القراء المعاصرين فضيلة الشيخ راغب مصطفى غلوش ومن القراء الشباب الذين يتمتعون بالإتقان وحلاوة الصوت فضيلة الشيخ حجاج الهنداوي وهو من المقربين إلى قلبي
ـ كمصري حريص على بلده ماذا تريد من الشعب المصري فعله لكي يلتئم شمله؟
الرزق بيد الله تعالى وقد شهدت بلادنا أزمة اقتصادية فيما مضى ولعلها الآن تنفرج تلك الأزمة إن شاء الله وأتمنى من شعبنا أن يعمل ويعمل من أجل تراب هذا الوطن العظيم الذي أسس له الأجداد وأقاموه بجهد وعرق وضحوا لأجله ونحن في الحقيقة نحتاج إلى ثورة أخلاقية وأن يرحم بعضنا بعضا وأن نتعاون على البر والتقوى وأن ننبذ خلافاتنا جانبا وأن نضع أمام أعيننا مصلحة هذا الوطن الحبيب.
ـ ما هو الحدث الذي لا تنساه في حياتك؟
حصولي على المركز الأول في مسابقة القرآن الكريم في المملكة العربية السعودية وكنت وقتها طفلا لم أتجاوز العاشرة من عمري وكانت دفعة قوية بالنسبة لي في طريق القرآن الكريم حيث أضافت لي المسابقة الثقة بالنفس والحرص على المراجعة الدائمة للقرآن الكريم والحرص على ارتياد المسابقات والاحتفالات القرآنية وقد تناقلت الصحف المصرية خبر فوزي في تلك المسابقة
ـ ما هي سفريات الشيخ محمد علي جابين؟ وما هي مهام تلك السفريات؟
سافرت للخارج سفريات كثيرة فمنذ أن كنت في المملكة العربية السعودية وقد عملت فترة في هيئة الإغاثة الإنسانية في مكة المكرمة وسافرت إلى دولة رومانيا مع وفد لتفقد أحوال المسلمين في رومانيا في مثلث كونستانسا وهو يسكن فيه ثلاث أعراق مسلمة هم العرق التتري والعرق التركي والعرق المغولي وقد شاهدت هناك المساجد العثمانية العتيقة فلقد امتد الفتح العثماني إلى هناك وكونستاسا كلها مسلمين وكنا نسير بالأرجل ما بين قرية وقرية نتفقد أحوال المسلمين ونبحث عن فقرائهم فنقدم لهم المعونات ونقوم بترميم المساجد وإهدائهم المصاحف وكانوا يفرحون بنا فرحا عظيما وهذه المنطقة على البحر من أجمل المناطق السياحية على مستوى العالم فيأتيها السياح من أوربا وأمريكا وقد قمت بدورات تدريبية لمعلمي القرآن الكريم هناك وقد سافرت بعد التحاقي بالإذاعة إلى الإمارات لإمامة المسلمين في صلاة التراويح في رمضان ثم سافرت إلى إيران التي أحييت فيها ستين احتفال بصحبة الزملاء قراء الإذاعة المصرية وكان السفر إلى لإيران سهلا ميسرا وكنا نحيي هناك الليالي بتلاوة القرآن الكريم والابتهالات الدينية في جميع أنحاء إيران ثم سافرت إلى تركيا وزرت بها المساجد الكبرى وقمت بتلاوة القرآن هناك في محافل عديدة

ـ ما مطلبك من رئيس شبكة القرآن الكريم حاليا؟
أتمنى من رئيس الإذاعة أن يتيح لنا كمبتهلين وقت أطول لعرض منتجاتنا التي تستحق الاهتمام أكثر وأكثر فتسع دقائق في الابتهال لا تكفي أن يخرج خلالها المبتهل كل ما يملك من إمكانات وكذلك أتمنى أن يكون للمبتهلين الجدد وقت أطول في الفواصل الإذاعية لكي يبدعوا وأن ينشطوا وأن يجددوا.
ـ ماهي أمنيتك التي تتمنى تحقيقها في القريب العاجل؟
أتمنى من المصريين والأمة الإسلامية جمعاء ما جاء في قرآن ربنا (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) وأن نعي الخيرية التي ذكرها الله تعالى لنا في كتابه (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) فعلينا أن نكون أمة واحدة متآخية فندعو إلى لحمة الصف وإلى العمل و بلا عمل تضيع المجهودات سدى ولابد من الإخلاص ليلتئم الشمل المصري أولا ويتجمع ويقوي العالم الإسلامي ثانيا إن شاء الله.