أجرى الحوار : أحمد عبد العاطى
ـ كيف كانت نشأة الدكتور محمد وهدان؟ وما دور الوالدان في هذه التنشئة؟
ـ حفظت القرآن الكريم على يد شيخ قريتي الشيخ عبد الجابر يونس وقد أتممت حفظ القرآن الكريم وأنا في العاشرة من عمري تقريبا ولم أحصل على الشهادة الابتدائية لكن والدي رحمه الله قدم أوراقي للمعهد الأحمدي بطنطا فالتحقت به وتخرجت مبكرًا عامين عن زملائي في المرحلة الابتدائية وقد ارتدت المنبر في قريتي وأنا في الصف الأول من المرحلة الإعدادية في مسجد القرية، وأنا مدين بفضل كبير بعد الله سبحانه وتعالى لأمي وأبي حيث أن أمي ساهمت في حفظي للقرآن الكريم وقد حفظت من فمها سورة التحريم كاملة وكانت تعد لي الوجبات الشهية عند الحفظ لتشجعني على الحفظ وكان والدي رجلا فلاحا لكنه أفلح في تعليمي القيم وكان من عاداته أنه من يصلي معه الفجر في المسجد يجلس معه على طبلية الإفطار ومن غاب عن الصلاة فلا يجلس معه وشقيقي الصغير إمام المسجد الأحمدي في طنطا وأختي الصغرى وكيلة معهد فتيات وأختي الثانية معلمة تجويد فنحن عائلة متدينة بحمد الله تعالى ومن عادات والدي معنا أنه كان يجتمع الجميع ليستمع إلى قرآن الإذاعة ثم ننام بعده مباشرة وكان هذا الموعد بالإذاعة مخصص لكبار القراء كالشيخ المنشاوي والحصري وغيرهما وقد عرفنا سيرة هؤلاء القراء ونحن صغار وهناك من ترك في شخصيتي بصمة واضحة كجدي الشيخ إمام الجمل رحمه الله وهو جدي لأمي وكان له مكان خاص يعتكف فيه للعبادة وكان يحكي لي قصص الصالحين ونشأنا في جو إيماني متميز وحببنا في أولياء الله الصالحين.
ـ كيف كان التدرج الوظيفي للدكتور محمد وهدان؟
حصلت على الثانوية الأزهرية من خلال مذاكرتي على اللمبة الجاز ولم تكن الكهرباء قد وصلت لبلدنا وقد حصلت على مركز متقدم على مستوى الجمهورية والتحقت بقسم الإعلام بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر وكنت الأول على دفعتي وحصلت على تقدير ممتاز وعينت معيدا في الكلية ثم حصلت على الماجستير ثم أوفدتني الجامعة إلى النمسا وفرنسا وإنجلترا لجمع المادة العلمية للدكتوراه التي كانت عن الجماعات الإسلامية في أوربا النشأة والتحليل والمضمون ثم كلفني الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر بإنشاء قسم الإعلام بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر بالتعاون مع زميلي الدكتور جمال النجار عام 1996م وأعتقد أن الإعلام أفادني كثيرا في الدعوة إلى الله وكانت المشكلة أن الذين يعرفون الإعلام لا يعرفون الإسلام وأن الذين يعرفون الإسلام لا يعرفون الإعلام ومن رحمة الله بي أن عرفني الإعلام وعرفني الإسلام .
ـ من كان قدوة الدكتور محمد وهدان منذ النشأة؟ وماذا تعلمت منه؟
قدوتي منذ البداية هو فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله وكنت أحرص على حضور دروسه وكنت ألازمه أينما نزل وأينما حل حتى صارت بيني وبينه علاقة قوية وقد تنقلت معه من مكان إلى آخر وهو يفسر القرآن الكريم وأذكر أنني رأيت رؤيا أنني أمسك بثياب الشيخ الشعراوي من الخلف وأمشي وراءه والطريق أمامنا مفتوح لكن عن اليمين واليسار شوك كثيف فلما قصصت عليه الرؤيا قال لي: يا محمد سيكرمك الله وستسير في نفس طريقي وتتبع نفس منهجي إن شاء الله فاحرص على ذكر الله وطاعته ولا أنس له أننا كنا نتناول العشاء معا وكان معنا الدكتور الحسيني أبو هاشم والدكتور أحمد عمر هاشم وكنا في بيته وقد قيل في حقه في المجلس أنه قطب رباني فغضب وترك المجلس وانصرف قائلا: أنا لست قطبا ولا تقطموا ظهري أنا واحد من عامة المسلمين فعلمنا درسًا كبيرًا لذلك ألقى الله حبه في قلوب الناس لإخلاصه وتقواه ونسأل الله أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل.
ـ كرئيس لقسم الإعلام بكلية الدراسات الإسلامية والعربية جامعة الأزهر نريد نظرة تقييمية من حضرتك للإعلام الديني حاليًا ؟
هناك تقصير كبير في الإعلام الديني لأنه لم يقوم بالدور المطلوب منه كاملا وينتظر منه الكثير فهناك قنوات للمنوعات وقنوات للرياضة وقنوات للفن بالدولة ولا توجد قناة دينية تقول حكم الإسلام في القضايا الحياتية وأثني على القنوات الدينية التي تعلم الناس صحيح الإسلام كقناة الفتح للقرآن الكريم التي تعلم الناس قيم الإسلام الفاضلة وتعمل على نشر كتاب الله واتباع تعاليمه وتعمل لله سبحانه وتعالى لذلك المسألة تحتاج إلى إعادة نظر كإعلام إسلامي لأنه يناقض بعضه بعضا وصورتنا أصبحت سيئة ولابد للأزهر أن يكون له قناة ولابد من عمل صحف باللغات الحية كجريدة الفتح اليوم تعرض حكم الإسلام في القضايا الحياتية وتعلم الغرب بنفس لغته ونفس منهجه لأن الغرب استخدم الإعلام ضد المسلمين ولابد من أن نستخدمه كما استخدموه لأن الإسلام دين عظيم وهو كالشمس لا ينكره إلا أعمى لكن المشكلة أن الإسلام قضية ناجحة في يد محامي فاشل وهم المسلمون
ـ من خلال رسالة الدكتوراه والتي كانت عن دراسة الجماعات الإسلامية ونحن نرى على الساحة جماعات كثيرة والناس تريد أن تتبع من ينجو بهم. فما هي الفرقة الناجية؟
حسم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه المسألة حينما قال: تختلف أمتي إلى بضع وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قالوا وما هي يا رسول الله قال: ما أنا عليه وأصحابي . فالفرقة الناجية هم من اتبعوا الكتاب والسنة وسلكوا هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعتقد أنه لن ننجو إلا بمنهج أهل السنة والجماعة الذي ننتمي إليه.
ـ ما أهم الفتاوى والقضايا الفقهية المطروحة أما العلماء والفقهاء حاليًا؟
أكثرها هي القضايا الحياتية والقضايا الإنسانية كالزواج وعلاقة البنت بالشاب والطلاق وأعتقد أننا نحتاج إلى علماء في الشريعة يحدثونا عما تم استحداثه والضوابط التي تحكمه كالإنترنت والفضائيات والإعلام الرياضي.. وغيرها ونحن نستمع إلى حوادث تشيب لها الوالدان بسبب ضعف الوازع الديني والثقافة الدينية عند الناس وحرصهم على الدنيا وانشغلنا في القضايا الصغيرة وسادت الفوضى في الفتوى وشغلنا عن أهم قضايانا والأمم ينبغي أن تنشغل بالعمل وزيادة الإنتاج وكان عمر رضي الله عنه يقول: ‘ذا غضب الله على قوم منعهم العمل..
ـ العلاقة بين الشاب والفتاة أصبحت محل جدل وشبهة بسبب استسهال العلاقات وإيجاد المبرر لها فما حكم الشرع بعلاقة الشاب بالفتاة؟
لا يوجد في الشرع صداقة بين شاب وفتاة ولا يوجد في الشرع صداقة بريئة لكن هناك زمالة في حدود الشرع وإذا أراد الشاب أن يرتبط بفتاه فلا سبيل له سوى الزواج منها وأي علاقة غير ذلك فهي مدخل من مداخل الشيطان ولا تجوز شرعا والبنت الصالحة لا تتحدث مع شاب اتخذ طريق غير شرعي في التعامل معها والشاب الصالح لا يصادق فتاة.
ـ كيف تقيم دور المرأة في المجتمع؟ وما نصيحتك لها؟
كانت المرأة حينما يخرج زوجها لطلب الرزق تستوقفه قائلة له: اتق الله فينا ولا تطعمنا إلا من حلال فإنا نصبر على الجوع في الدنيا ولا نصبر على نار الله يوم القيامة . والمرأة حاليا كل همها أن يأتي الرجل بالمال من حله ومن حرامه ولا تأبه من أين أتى هذا المال والمهم أن يلبي متطلباتها وقد باض الشيطان وفرخ في البيوت بسبب البعد عن الله وعلى المرأة أن تعي دورها فهي نصف المجتمع وتربي النصف الآخر والنساء شقائق الرجال والمرأة مصنع الرجال وواجبها أن تلتزم بالخلق الكريم وتربي أولادها على الأخلاق الفاضلة.
ـ هناك سيل من الفتاوى الغريبة حيرت الناس فكيف يحكم الناس على صحة الفتوى؟ ومن أين يأخذون فتاواهم؟
يأخذون الفتوى من العلماء الثقات لأن المسألة تحتاج إلى تخصص (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين وينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) وهناك فارق كبير بين الفتوى والدعوى إلى الله فالدعوة إلى الله واجبة على كل مسلم كل حسب علمه لكن الفتوى فلها متخصصون لا يفتي غيرهم فالدين ليس كلأ مباح لكل الناس وأطالب مجمع البحوث الإسلامية بسرعة إصدار القانون الخاص بالفتوى وهو حظر الفتوى لغير المتخصصين.
ـ ما هو أهم قرار اتخذه الدكتور محمد وهدان في حياته؟
أهم قرار اتخذته في حياتي هو دخولي قسم الإعلام في كلية الدراسات الإسلامية والعربية جامعة الأزهر وكان هناك من يحض والدي على البقاء في طنطا لكن الله أراد الخير وكانت أمي تتمنى أن أكون خطيبا للجمعة فأراد الله لي أن أكون خطيبا وأستاذا في الجامعة بفضل الله.
ـ كيف تنظر للجيل الحالي هل أخذ حقه في التربية أم أن الجيل الحالي مظلوم؟
التربية الآن أصبحت في خطر فالأب والأم لا يربيان كما كان من قبل وهناك من الشباب من تربية الأيام والليالي وأصدقاء السوء لأن الأم مشغولة بنفسها وزينتها والأب مشغول في عمله ويضيع الأطفال بينهما والعاقبة تكون وخيمة بعد ذلك والجيل في خطر عظيم فعلينا أن نفيق قبل فوات الأوان
ـ ما أهم محطة في حياة الدكتور محمد وهدان؟ ولماذا هي أهم محطة؟
أهم محطة هي عملي في البرامج الدينية في التليفزيون وهي محطة هامة جدا ولم أتوقع أن أصل لهذا فقط كنت أخطب الجمعة في قصر عابدين فسمعني أحد المخرجين فأراد أن أعمل معه في البرامج الدينية وبدأ الطريق من هنا حتى صار الحال إلى الشكل الاحترافي الحالي وقد أفادني الإعلام كثيرا وهي نقطة انطلاق كبيرة في الدعوة إلى الله
ـ ما أهم ما يشغل الدكتور محمد وهدان الآن وفي المستقبل القريب؟
أعد الآن تفسيرا للقرآن الكريم بعنوان (تأملات في كتاب الله) وأرجو دعاء الصالحين لي أن يبارك الله في عمري حتى أنتهي منه وهو ليس تفسيرا لغويا لكنه تفسير ذوقي يجيب عن تساؤلات كثيرة يسألها الناس عن القرآن الكريم فمثلا لماذا ندعو الله بالحمد؟ ولماذا قال (رب العالمين) ولم يقل إله العالمين ولماذا بعث الله غرابا ليواري أخيه ولماذا الغراب بالذات وهكذا هناك مسائل كثيرة تحتاج إلى إجابات نتناولها بالتحليل والدراسة إن شاء الله وهناك مسائل لا يعرفها إلا من رضي الله عنه ونسأل الله أن ينفع بها.
ـ وحدة الأمة فريضة والكثيرون يرون أن وحدة الأمة مهددة وعلى الجميع الرجوع لصوابهم قبل فوات الأوان فما المطلوب من الأمة الآن لكي تتحد؟
لا خيار أمام الأمة الآن إلا أن تتوحد وأن تكون يدا واحدة وأن نعمل معا فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه ويجب أن نفرق بين الخلاف والاختلاف والشقاق فالاختلاف طبيعي جدا (ولا يزالون مختلفين إلا ما رحم ربك) لكن الخلاف شر أما الشقاق هو الأسوأ فكل يتعصب لرأيه حتى تتصدع العلاقات ويهدد المجتمع المسلم فلابد أن نتوحد ونكون يدًا واحدة لأنه حينما سقط الاتحاد السوفيتي لم يكن أمام الحضارة الغربية إلا الإسلام فهناك حرب شديدة على الإسلام والمسلمين والغرب يريد أن يغيب العقيدة والاستعمار لم يكن بغزو الأرض كما كان لكنه يأتي بالغزوات الفكرية ونرى بعض أبناء المسلمين الذين يذهبون إلى هناك بغرض العلم ثم يرجعون وقد غيبوا عن دينهم ويخربون بيوتهم بأيديهم فلابد من الألفة والترابط بين المسلمين ولابد من الانتهاء من عمل السوق العربية المشتركة ولا يجب أن نطلب الإنصاف من الغرب لأنه يحقد علينا ولن ينصفنا أبدا ولقد توحد الغرب ولابد وأن نتوحد عملا بقول الله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)
ـ ما هي سفريات الدكتور محمد وهدان، وما هي مهام تلك السفريات؟
سافرت إلى دول كثيرة لكن أكثر الدول التي تأثرت بالسفر إليها وكانت مهمتي دعوية هي دولة الجزائر الشقيقة وسافرت إليها لمدة خمس سنوات وطفت بكل الولايات الجزائرية تقريبا وهم يحتفون حفاوة بالغة بعلماء الأزهر ولا أنس أبدا مجموعة الأطفال الذين استقبلوني من على سلم الطائرة وهم يلبسون الملابس البيضاء وقد انتظروا بالتمر واللبن وكانوا سعدا جدا بي فبكيت ودعوت الله لأبي وأمي وأساتذتي
الفتح اليوم تحاور.. الأستاذ الدكتور محمد وهدان
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة