السياسة أفسدت أخلاق المصريين

حوارات
طبوغرافي

 

الأستاذ الدكتور محمد متولى منصور أستاذ

ورئيس قسم أصول اللغة بجامعة الأزهر:

أنصاف المتعلمين صدروا للمجتمع ديناً ناقصًا .. وأحذّر من هؤلاء الخطباء

اتهم الأستاذ الدكتور محمد متولى منصور أستاذ ورئيس قسم أصول اللغة بجامعة الأزهر السياسة بإفساد أخلاق المصريين بالقرى والكفور،موضحاً أن هناك من يريد الوصول إلى المواقع الكراسى بأى وسيلة وثمن حتى لو كان ذلك على حساب الأشلاء أو القتل أو التدمير أو التخريب .

وحذر - فى حواره مع الفتح اليوم - وزير الأوقاف من أولئك الخطباء الذين يسترزقون من وراء رواتبهم ومكافآتهم إلا أنهم يصعدون المنابر ويحملون أفكار تضر المجتمع مطالباً بالتنقيب عن الفكر والقضايا التى تقدم للناس والاستعانة بأصحاب الخبرات فى القضايا الدعوية الكبرى داخل وخارج مصر الكبرى لكى نؤكد انتماءنا لديننا وبلدنا    

هناك من يريد إبعاد شباب الأمة عن اللغة العربية لينصرفوا عن القرآن

  • إذا تحدثنا عن واقع اللغة العربية داخل المجتمع المصرى ..ماذا تقول ؟

محمد منصور6

الحالة بكل أسف فى تدهور والسبب عدم تربية النشء على حب اللغة العربية ولقد كان تعليمنا فى الكتاتيب سببا فى التزامنا باللغة وفى عصرنا هذا غفل الناس عن الأخذ بهذا النهج وبالتالى أصبح الجيل لا يحب اللغة العربية ووسائل الإعلام لها دخل كبير فى ذلك والتهاون فى حفظ القرآن له أثر كبير فى عدم حب اللغة العربية إلى جانب الأسباب الخارجية فالحكماء قالوا: إذا فتحت فاك عرفناك ومن الناس من يصمت دهرا ثم ينطق لغة عربية عرجاء تئن على لسانه تشكو إلى الله ظلم العباد ومن يظن بصعوبة اللغة العربية فهؤلاء واهمون لأن اللغة والقواعد لم تتغير ولعل المغرضين أرادوا أن يبعدوا شباب الأمة عن اللغة ليبتعدوا عن القرآن الكريم الكتاب العربى المبين ولدى بحث بعنوان(مظاهر أزمة الفصحى فى الإعلام الدينى المعاصر) رصدت فيه المشكلة وذكرت أسباب التردى وذكرت العلاج ونتفق على أن أهم الأسباب هو الإعلام لأنه موجود فى كل مكان بالبيوت والشوارع وغيرها فالمذيعون ومقدمو البرامج لابد وأن يكونوا قدوة فى اللغة العربية الفصحى للمجتمع . كذلك جهات الدعوة عليها تأثير كبير وخطبة الجمعة يحضرها كل أطياف المجتمع عليه أن يكون صاحب لغة سليمة وصاحب فكر سليم فالأسلوب الدعوى له تأثير مباشر فى واقع الناس لغويا والخطباء يحتاجون إلى إعادة صياغة لغويا ودعويا.

  • ذكرت أن الدعوة الإسلامية عموما بها أزمة..مامظاهرها، وكيف يمكن علاجها؟

محمد منصور7

المظاهر موجودة فإذا تجولت فى المساجد أو استمعت للخطاب الدعوى فى وسائل الإعلام سوف ترى ما يندى له الجبين والسبب فى ذلك هو تقديم أهل الحظوة لا أهل الخبرة والكفاءة وهذا يقع على عاتق الأزهر ووزارة الأوقاف ولجان الفتوى والمسئولين عن أجهزة الإعلام فلا مجال للشخصنة الإنسانية أو المؤسسية والله تعالى قال (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) وحين تصدر الموقف أنصاف المتعلمين فإنهم يصدرون للمجتمع دين ناقص . أنا أرى أنه لابد من التخصص فى الدعوة لأن الإسلام هو الذى أمر بذلك (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين) ونريد أن نصدر الأئمة المتقنين ونريد أن نوجه الناس دعويا لابد من تربية الداعية تربية صحيحة وسليمة والأزهر الشريف هو المسئول عن تخريج هذه النوعية فلم ننكر أنه من يصعد المنبر أن يكون متخصصا وهذا لا يمنع إن كان هناك أناس حاذقون لم يتخرجوا من الأزهر الشريف لكن لديهم العلم وملكة الخطابة ودرسوا المناهج المطلوبة فلا مانع أن يكونوا أئمة لكن الأصل أن يكون الداعى متخصص  

ـ ما المطلوب من إمام المسجد لكى يؤدى مهمته فى الدعوة؟

أولا:لابد أن يكون حافظا للقرآن الكريم وهذا شرطا أساسيا وثانيا:أن يكون فاقها لسنة النبى صلى الله عليه وسلم لأنه لو ألقى حديثا خطأ لا يعرف تخريجه ولا معناه سوف يؤثر سلبا. ثالثا: أن يكون متمكنا من اللغة العربية لأنها الأداة التى يستخدمها فى توصيل ما يريد من مفاهيم. رابعا: مثقفا ثقافة دعوية وأن يطلع باستمرار لكى يجدد علمه فلابد أن يقرأ للأسف العالم الغربى يقرأ والدول العربية لا تقرأ وكنت ذات مرة قد اعتذرت عن خطبة الجمعة فقلت سأمشى وصاحب الموضوع الأفضل سأصلى معه الجمعة ومشيت سبعة كيلو مترات فوجدت كل الخطباء يتناولون موضوعات سطحية مستهلكة وهذا يدل على عدم القراءة والإطلاع وهو سبب كافى لضعف الإمام ولا يجب أن نترك المنابر لمن يأخذونها وسيلة للإسترزاق فقط فهم خطر على الدعوة والمنابر والمسلمين جميعا

ـ السياسة فرّت بين المصريين .. أليس كذلك ؟

محمد منصور5

هناك عدة أسباب أدت إلى تلك الخلافات منها السياسة التى فهمها الناس فهما خاطئا فالناس يفهمون السياسة على أن الغاية تبرر الوسيلة وذلك خطأ وهناك من يريد الوصول إلى المواقع الكراسى بأى وسيلة وثمن حتى لو كان ذلك على حساب الأشلاء أو القتل أو التدمير أو التخريب وهذا خطأ كبير لدرجة أن الجمهور والشعب يستمعون إلى برامج بها كثير من الاستهزاء بكثير من المواقع وحينما يسألوا يقولون أن هناك فن يسمى فن السخرية ولو أردت أنت أن تسخر منه رفع عليك القضايا ولقد فهموا السياسة على أنها النفاق ولكن المفهوم الصحيح للسياسة أن تسوس الأمور لصالح وطنك ودينك وعقيدتك فالسياسة لا تخرج عن دائرة القيم والأخلاق لا تخرج عنها نحن تراجعنا كثيرا فى قضية القيم والأخلاق وأصبحت لا تجدها فى القرى والكفور التى كنا نتوقع أن بها بقية من قيم وأخلاق وروجت وسائل الإعلام لذلك المفهوم المغلوط للسياسة حتى دخلت حجرات نومنا هذه الأفكار وأصبح الابن يختلف مع أبيه ولأخ مع أخيه والبنت والأم ونجحوا فى إحداث تلك الخلافات والفتن داخل البيت والواحد .آن الأوان أن نصدر المفاهيم الصيحة لأبناء الشعب المصرى وأنا أضع المسئولية على وسائل الإعلام ووزارة الأوقاف المصرية وأجهزة الدعوة الرسمية لتصدير المفاهيم الصحيحة للشعب المصرى وعلى الآباء والأمهات وجهاز التعليم كل تلك الفئات مسئولة . إننا فى مرحلة التمحيص ولكن الظلمة مهما كانت حالكة فلابد أن ينبثق بعدها الفجر ، والمطلوب من ولى الأمر يكفينا فيه قول الله تعالى(إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا) فلابد أن يحكم بالعدل وأن يحكم بين الناس بالعدل أما الشعب فعليه مسئولية كبيرة والله يقول (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم) وأولو الأمر هم العلماء والأمراء ولكننا لا نطيعهم إلا فى طاعة فلا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق (فإن تنازعتم فى شيء فردوه إلى الله ورسوله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر)وعين عمر بن الخطاب قاضيا على المدينة فمكث سنة ولم يحتكم إليه أحد فطلب من أبى بكر إعفاءه فقال أمن شدة القضاء تطلب الإعفاء يا عمر قال:لا يا خليفة رسول الله ولكن لا حاجة لى عند قوم فقهوا. هؤلاء عرف كل منهم ماله من حق فلم يطلب أكثر منه ويعلم ما عليه من واجب فلم يقصر فى أداءه أحب كل منهم لأخيه ما يحب لنفسه إذا غاب أحدهم افتقدوه وإن مرض عادوه وإن احتاج ساعدوه دينهم النصيحة ودينهم الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر

ـ ما تقييم حضرتك لمناهج اللغة العربية فى المدارس؟

كما حدثت ثورة فى مصر لابد من ثورة أخرى فى المدارس فى مناهج اللغة العربية فى جميع المراحل ولابد أن تكون ثورة منهجية تعليمية تربوية لأنه لامناص وإذا ما أردنا أن نعيد شبابنا إلى الصواب حتى يكون تعليمنا تعليما مؤثرا فلابد أن نعيد النظر مرة أخرى فى جميع المناهج الموجودة وأن يضع هذه المناهج أكفاء معلمون متخصصون أمناء مخلصون ينتمون لهذا الوطن بحب وولاء أما أنا فأرشد إلى كتب تربية الأولاد فى الإسلام وقد قسمت هذه الكتب المطلوب فى جميع المراحل.

ـ ما هو دوركم فى اتحاد الإذاعة والتليفزيون؟

محمد منصور4

نحن فى إطار عام باتحاد الإذاعة والتليفزيون بإطاره العام ونحن نتعاون مع كل القنوات والإذاعة الحكومية والمتخصصة بكل عناية لنعيد الفكرة الوسطية المعتدلة إلى أذهان الناس وأن نحارب التدين المغلوط والفاسد والناقص لدى الناس عامة والشباب خاصة .

ـ مثلت مصر فى سفريات مختلفة كعالم من علماء الأزهر الشريف.. إلى أين كانت وجهتك؟

لى عدة سفريات أولها كان إلى العراق سافرت إليها ضمن وفد مكون من مائة من علماء الأزهر الشريف والقراء والمبتهلين وكانت تلك الزيارة ضمن حملة مناصرة الشعب العراقى وكان لهذا الوفد أثره الطيب ألقينا مجموعة من الخطب على المنابر وأجرينا مجموعة من اللقاءات عبر وسائل الإعلام والفضائيات العربية مما كان له أثر كبير بفضل الله وهو امتداد لدور مصر الكبير فى المنطقة

ما أهم الأبحاث التى قدمتها؟

بحث أعتبره من البحوث التى كانت لها علامات فارقة فى حياتى تحدثت فيه عن التغريب فى اللغة والثقافة وأن هناك مغربين يحاولون جاهدين تغريب اللغة العربية والثقافة وأن هناك للأسف من أبناء الوطن من يدعو إلى ذلك فذكرت أسباب غربة اللغة وغربة الثقافة وكان ذلك عام 2005م

ـ ـ توحيد الخطبة وتعميمها على كل المساجد.ما رأيكم فى هذه الخطوة؟

لاشئ فى ذلك ويجب على كل مدير فى الأوقاف أن يجتمع أسبوعيا بالأئمة لمعالجة الموضوع بحيث يوظف لخدمة البيئة التى يلقى الخطيب فيها الخطبة وبالتالى نطبق القرار تطبيقا ينفع المجتمع دعويا فى المقام الأول

ـ رسالة مهمة ما هى ولمن توجهها؟

الرسالة الأولى لشيخ الأزهر الشريف أقول له إن لدينا بجامعة الأزهر علماء أكفاء متخصصون يمارسون الدعوة الإسلامية بالفكر الإسلامى الوسطى المعتدل الذى يتبناه الأزهر الشريف فيجب أن نبحث عنهم وأن ندعمهم وأن نزكيهم لدى وسائل الإعلام بكل توجهاتها وأنواعها. أما رسالتى الثانية فأوجهها لمعالى لوزير الأوقاف وأقول له إن لدينا أئمة وخطباء فى وزارة الأوقاف ويسترزقون من وراء رواتبهم ومكافآتهم فى وزارة الأوقاف إلا أنهم يصعدون المنابر ويحملون أفكار تضر المجتمع يجب التنقيب عن الفكر والقضايا التى تقدم للناس وأن يستعين بأصحاب الخبرات فى القضايا الدعوية الكبرى داخل وخارج مصر الكبرى لكى نؤكد انتماءنا لديننا وبلدنا

ننتظر ثورة فـى التعليم لتغيير مناهج اللغة العربية

 

.. وهذه رسالتى لشيخ الأزهر

بــــورتـــريــــه:

محمد متولى منصور أستاذ ورئيس قسم أصول اللغة     والمتحدث باسم اتحاد الإذاعة والتليفزيون

مواليد أشمون بمحافظة المنوفية  

يوم 17سبتمبر 1955م

معيد بكلية اللغة العربية بالقاهرة فى قسم أصول اللغة اعتبارا من عام 1981م ثم مدرسا مساعدا عام 1985م ثم مدرسا من عام 1989م ثم أستاذا مساعدا عام 2002م ثم أستاذا اعتبارا من عام 2009م ثم رئيسا لقسم أصول اللغة من عام 2013م حتى الآن.

المؤلفات :(من القيم الحضارية فى السنة النبوية ـ تأملات فى سورة الرحمن) وكذلك إطلالة على بعض سور القرآن كسورة الذاريات وغيرها وفى السيرة النبوية ، (زهور ورياحين فى سيرة سيد المرسلين)وفى مجال السنة النبوية (من القيم الحضارية فى السنة النبوية) ،(الدين والحياة ـ الدين وقضايا العصر)