منصور عبيد: أدعو الشباب للتسلُّح بالثقافة الدينية وتعلُّم لغة الآخر

حوارات
طبوغرافي

أدعو الشباب للتسلُّح بالثقافة الدينية وتعلُّم لغة الآخر

دعا الشيخ منصور الرفاعى عبيد،

منصور 3

وكيل وزارة الأوقاف للمساجد وشئون القرآن الكريم سابقًا، شباب المسلمين للانفتاح على ثقافات العالم، والتعرف على ما يجرى حولهم من متغيرات فى الأفكار والصناعات أو غيرها؛ موضحًا أنه لكى تقوم الأمة بنشر دينها على الوجه الصحيح، فلا بد أن يتسلح شبابها بقسطٍ وفير من الثقافة، وزاد من العلم، والإلمام بلغة من يتحدثون إليهم.

منصور 6
وقال فى حواره مع “الفتح اليوم” إن الصراعات الفكرية والنزاعات الاقتصادية والصدامات العسكرية أدت إلى تصدع المجتمعات، وضياع الملايين من البشر؛ لذا كانت الحاجة إلى الحوار كمطلب حضارى يدعو إليه الإسلام فشعاره “يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء.”

كثير من المجتمعات تتعامل مع الإسلام بنظرة تحمل قدرًا من عدم الفهم له، وربما تنكل بالمسلمين الذين يعيشون على أرضها، برأيك ما الحل ؟

منصور 2
يمثل الحوار مع الأخر أهمية كبيرة؛ وذلك لإبراز قيم الإسلام الحضارية، وإبعاد الزيف عن الإسلام طوال مسيرته.. وكشف الغطاء عما فى الإسلام من تربية للفرد باعتباره الأساس للجماعة، وتربيته على قيم أخلاقية عالية، من شأنها إن سادت فى دنيا الناس أن تكون سببًا فى تقدم المجتمع ورفاهية الأمة، ونشر السلام وتحقيق الأمن، وإبراز خصائص الإنسان الذى يعرف للوطن قدره، وللمجتمع حقه، وللإنسانية مالها، وما عليها من حقوق، والحوار هو أفضل أسلوب يتخذه الإنسان منهجًا لنقل معلوماته إلى غيره، على أن يتسم المحاور بالثقافة المتنوعة، والعلم الذى يخدم المحاور فى إزالة الشبهة التى تشوب فكر الآخرين، والحوار هو لغة العقلاء لذلك يجب أن يتسم المحاور بالحلم والمرونة، وعدم التعصب، والبعد عن الجدل الذى يخرج أسلوب الحوار عن غايته.

ولكن العالم وصل إلى مسامعه الكثير من الافتراءات عن الإسلام ، ما الحل برأى فضيلتكم ؟

هذه الافتراءات خطط لها أعداء الإسلام بدقة ومهارة كبيرة، وبذلوا فى سبيل وصولها إلى الناس الكثير والكثير، وتم ذلك فى غيبة الوعى الإسلامى، ومن هنا أصبح الواجب علينا نحن المسلمين، أن تنهض مؤسساتنا، وتخطط لإدارة الحوار الدعوى الإسلامى فى كل الأماكن على ظهر الكرة الأرضية.

ما الأسس التى يقوم عليها أسلوب الحوار ؟

منصور 5
يجب أن يكون واضحًا، مفهومًا، ومحددًا للمفاهيم الرئيسة للحوار؛ ليكون له ثمرة، و من ورائه نفع، وليقتنع الجمهور الذى يتابع الحوار أن وقته لم يذهب سدى، ولن يكون الحوار هادفًا وعاملا أساسيًّا إلا إذا ساعد فى إزالة جو التوتر والقضاء على الصراع، والوصول إلى التفاهم، من خلال المفاهيم المشتركة بيننا، والمسلم مطالب أن يتعلم أسلوب الحوار ولغة العصر، وأسلوب الحوار يقوم على توضيح المعنى المراد توصيله إلى الأخر، وهو يحاور غيره، فعليه أن يكون فاهمًا للموضوع الذى سيحاور فيه، محيطًا بأبعاده، عنده إلمام بالمناخ الاجتماعى للبيئة التى عاش فيها محاوره، وغرضه من ذلك، وعليه ترتيب الأولويات فى الموضوع ذاته، مع ربط كل جزء بالموضوع مع بعضه، و توضيح المضمون الإسلامى فيه وبيانه.

•صراع العالم على الثروات لا ينتهي، وباتت لغة القوة هى المنطق الذى يتعامل به الجميع..هل من حل وضعه الإسلام صونًا لبنى البشر من التقاتل؟

الإسلام يؤكد دائمًا على نشر التسامح بين الناس.. حفاظًا على أخوتهم الإنسانية؛ لأن الدين فى حد ذاته يدعو إلى الأخلاق الكريمة، والصفات النبيلة، والمعاملة الحسنة (فالدين المعاملة)؛ ولذلك فإن الدين يحث أتباعه إلى أن يجلسوا مع بعضهم لحل أى صراع ينشب بينهم، من خلال الحرص على تفهم المشكلات المتبادلة بين الأطراف، والتركيز على إشاعة القيم الأخلاقية، والمسلمون أشد الناس حرصًا على تدعيم القيم الأخلاقية، ونشر أصول دينهم فى المجتمع الدولى، ولا بد لهم من التعرف إلى ما يجرى من مشاكل على الساحة الدولية.

• شباب الأمة كيف نربى فيه هذه الفضيلة ؟

منصور 4
 الشباب الذين يمثلون شريحة عمرية علينا أن ندربهم، وأن نصقل موهبتهم، وأن نجعلهم يتعايشون مع القرآن الكريم لدراسة ما ورد فيه من حوار بين أنبياء الله تعالى ورسله مع أقوامهم؛ لأن القرآن الكريم ساق لنا من المبادئ السامية والآداب العالية ما ينظم لنا المحاورات والمناظرات التى تحدث بين الناس، وما يجعلها تدور فى إطار من المنطق السليم والفكر القويم، وما يجعل هدف الحوار الوصول إلى الحق والخير ومنفعة الناس.

• هناك من يحكم على الحوار مع الأخر بالفشل فى ظل اختلاف الثقافات ، فما تقبله أنت قد لا يقبله غيرك..ما رأيك ؟

هناك عوامل اجتماعية وظروف مناخية، واختلاف فى الألوان واللغات، وتباين بين بعض الشعوب، فيكون محور الحوار هو إيجاد إطار حضارى علمى مشترك بين الأطراف، واحترام الرصيد الحضارى للأخر، والقيم الحضارية هى قاسم مشترك بين مختلف الأمم..ثم يكون الاحترام المتبادل لكل حضارة قامت بذاتها مع إيجاد جو من التفاعل بين هذه الحضارات وغيرها؛ لأن لكل أمة خصائص فى حضارتها تجسد معطيات الأمة بما يلبى طموحاتها وتطلعاتها، والحفاظ على قيمها وثقافتها.

• ما ردك على من يرفعون شعار “التطور الإنسانى له طريق واحد يجب الأخذ به” ؟

نرفض هذه المقولة تمامًا، لأننا نؤمن بالتعدد الحضارى فى الجماعة الإنسانية؛ لأن كل وطن يعتز بهويته، والانفتاح على الحضارات الأخرى أمر مهم جدًّا؛ لأن الإنسانية كلها تتلاقح وتشترك فى القيم الإنسانية السليمة.. وحينما يعتز الإنسان بهويته فإن ذلك لا يعنى الانغلاق فى مواجهة المجتمعات الأخرى، ورفض نتاجها الإنساني؛ لأن مثل هذا الموقف سلبى وانعزالى، ولا ينسجم أبدًا مع مقتضيات الحوار ومتطلباته.. والعالم الأن يعيش فترة انتقال حضارى حافلة بالكثير من قوى التغيير والتفاعلات الثقافية.. وقد سبق ذلك الكثير من صراعات فكرية.. ونزاع اقتصادى.. وصدام عسكرى.. كل ذلك أدى إلى تصدع المجتمعات وضياع الملايين من البشر، وغاب الوعى عن الإنسانية التى ابتعدت عن هدى الأنبياء، ولكن برزت الحاجة إلى الحوار كمطلب حضاري؛ ليكون طريقًا إلى تقارب المجتمعات والتعاون بين الحضارات.. وإرساء قواعد السلام؛ ولذلك فالإسلام يؤصل منهج الدعوة إلى الحوار الحضاري.. ويدعو إلى التواصل الإنساني، ويرغب فى التعايش السلمى بين جميع الناس.. فشعاره “يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء..”إن الحوار هو أفضل أسلوب يتخذه الإنسان منهجًا لنقل معلوماته إلى غيره على أن يتسم المحاور بالثقافة المتنوعة، وأن يتسم المحاور بالحلم والمرونة وعدم التعصب .. والبعد عن الجدل الذى يخرج أسلوب الحوار عن غايته .

• كيف اعتنى الإسلام بتنشئة الأفراد على القيم وخاصة الحوار؟

منصور 1
لما كان لكل أمة ثروة تعتز بها، وتعمل على تنميتها، وتحافظ عليها فإن الشباب أعظم الثروات؛ لذلك فإن الدين الإسلامى يوجه عناية المسئولين والآباء والأمهات على تعهد الأولاد منذ نعومة أظافرهم، وتنشئتهم على مكارم الأخلاق، وتعويدهم على العادات الحسنة وتدريبهم على ممارسة العبادات التى أمر الله بها وفرضها على كل مسلم مثل الصلاة؛ لأنها ينبوع سعادة الفرد، ووسيلة لتحقيق الصحة النفسية، و تدريب على العمل الاجتماعى مع حفظ القرآن الكريم؛ ليكون سليم النطق فيتكلم بالجمل المفيدة، و ينطق بالحروف السليمة. والشباب لابد أن يتدربوا على أدب الحوار وقيمه، وأن يتخذوا النبى محمدًا (صلى الله عليه وسلم) قدوة لهم فيقرءوا سيرته ويتعايشوا مع أقواله وأفعاله.. ولا ينغلقوا على أنفسهم.

•كيف يكون غرس ثقافة احترام الآخر منذ الصغر؟

لا يجب أن تنحصر ثقافة المسلم فى ثقافة مجتمعه فقط، ولا أن تنتهى أمال الفرد عند موقع بصره، وإنما لابد لكل شاب أن ينفتح على العالم، وأن يتعرف على ما يجرى حوله من متغيرات دولية واجتماعية سواء أكانت فى الأفكار والصناعات أو غيرها؛ لأن شباب المسلمين يعيشون وسط أمة جاءت للعالم أجمع؛ ولكى تقوم الأمة بنشر دينها على الوجه الصحيح، فلا بد أن تعد شبابها ليشارك فى الساحات الدولية، وهو مسلح بقسط وفير من الثقافة وزاد كبير من العلم، والإلمام بلغة من يتحدث إليهم .. ولهذا يقول الحق سبحانه:{ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِى الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (122) }[التوبة] .. ولهذا كان على الأباء والمعلمين أن يشركوا الأطفال والشباب معهم فى حوار أسرى يهدف إلى صقل موهبة الإنسان منذ صغر السن، وإعطائه ثقة فى نفسه.

فضيلة الشيخ منصور الرفاعى محمد عبيد
 ولد فى قرية محلة زياد، محافظة الغربية عام 1932 م
 درس وتخرج من جامعة الأزهر كلية أصول الدين
مدير عام المساجد، ووكيل وزارة الأوقاف للمساجد وشئون القرآن الكريم
 شارك فى الكثير من المؤتمرات العلمية داخل البلاد وخارجها.
 حصل على عضوية اتحاد كتاب مصر، وعضوية البرلمان.

   الافتراءات خطط لها أعداء الإسلام فى غيبة وعى المسلمين.. والدين يدعو أتباعه إلى الجلوس لحل أى صراع ينشب بينهم  .