وزير الأوقاف: القرآن الكريم اشترط عدم المَنّ والأذى لقبول الصدقة

أخبار
طبوغرافي

أكد وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، أن الحديث عن الكمال والجمال ومحاسن ومكارم الأخلاق الموجود في كتاب الله عز وجل لم ولن ينقطع، وأن القرآن الكريم كما تحدث عن "الصبر الجميل"، و"الصفح الجميل"، و"الدفع الجميل"، و"القول الجميل"، تحدث عن "العطاء الجميل" الذي لا مَنّ ولا أذى معه، يقول تعالى: "الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون".

وتحدث وزير الأوقاف، اليوم، في إطار غرس القيم الإيمانية الصحيحة وإظهار الصورة المشرقة للفكر الإسلامي الصحيح، وفي ضوء العناية بكتاب الله (عز وجل) وبيان مقاصده وأسراره، قائلا: إن القرآن الكريم اشترط عدم المَنّ والأذى لقبول الصدقة، ولهذا جاء عقب الآية المتقدمة قوله تعالى: "قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيم"، ويقول (جل وعلا): "لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ"، حتى إن أم المؤمنين السيدة عائشة (رضي الله عنها) كانت إذا تصدقت عطرت الدراهم والدنانير بأفضل عطر، وتقول: "إن الصدقة تقع من يد الله تعالى بمكان قبل أن تقع في يد الفقير".

وتابع: ولما جاءت عجوز إلى الإمام الليث بن سعد (رحمه الله) تطلب كأسًا من العسل، فقال: اعطوها زقًا (وعاء كبيرا) فقالوا: يا إمام، إنما طلبت كأسًا، فقال: هي طلبت على قدر حاجتها ونحن نعطي على قدر نعم الله (عز وجل) علينا، مستدلا معاليه على هذا المعنى العظيم بقول الله تعالى: "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ"، فنسب سبحانه الإخراج إلى نفسه تعالى، يقول سبحانه: "أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ، أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ، لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ، إِنَّا لَمُغْرَمُونَ، بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ، أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ، أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ، لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ".

وأكد أن وزير الأوقاف، أن القرآن الكريم ربط زيادة النعمة بشكرها، فقال تعالى: "وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ"، وشكر النعمة يكون من جنسها، فشكر المال يكون بالإنفاق وبإخراج حق الله تعالى فيه، فيعطي مما أعطاه الله له عطاءً جميلا، ولا يتعمد الخبيث من المال (الرديء من الطعام، أو البالي من الثياب) فيتصدق به، يقول تعالى: "وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيد ٌ"، فينبغي على المعطي أن يضع نفسه مكان المتصدق عليه، فإن من حكمة الله تعالى أن جعل بعض الناس متصدقين وبعضهم آخذين، وهو القادر سبحانه أن يقلب الأحوال متى شاء؛ فيجعل الآخذ معطيًا والمعطي آخذًا، قال تعالى: "وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ"، فيوم لك ويوم عليك، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "ثلاثة أقسم عليهن، ما نقص مال عبد من صدقة، ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله بها عزًا، ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر"، فالمنة والفضل من الله تعالى وحده.

ويقول القائل: ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻣﺎ ﺩﺍﻡ ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﺑﻬﻢ.. ﻭﺍﻟﻌﺴﺮ ﻭﺍﻟﻴﺴﺮ ﺃﻭﻗﺎﺕ ﻭﺳﺎﻋﺎﺕُ.. ﻭﺃﻛﺮﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻮﺭﻯ ﺭﺟﻞٌ.. ﺗُﻘﻀﻰ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻩ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﺣﺎﺟﺎﺕُ.. ﻻ ﺗﻘﻄﻌﻦ ﻳﺪ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻋﻦ ﺃﺣﺪٍ.. ﻣـﺎ ﺩﻣﺖ ﺗﻘﺪﺭ ﻭﺍﻷﻳﺎﻡ ﺗﺎﺭﺍﺕُ.. ﻭﺍﺫﻛﺮ صنيعة فضل ﺍﻟﻠﻪ ﺇﺫ ﺟﻌﻠﺖ.. ﺇﻟﻴﻚ ﻻ ﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺣﺎﺟﺎﺕُ.. ﻗﺪ ﻣﺎﺕ ﻗﻮﻡ ﻭﻣﺎ ﻣﺎﺗﺖ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﻢ.. ﻭﻋﺎﺵ ﻗﻮﻡ ﻭﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻣﻮﺍﺕُ.

وأوضح وزير الأوقاف، أن العطاء والإنفاق ينبغي أن يكون لوجه الله تعالى، يقول سبحانه: "لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ"، قال بعض أهل العلم: (عَلَى حُبِّهِ) أي على حبه للمال وتمسكه به إلا أنه آثر ما عند الله تعالى على ما عند نفسه، يقول سبحانه: "مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ"، وقال بعضهم: الضمير في حبه يعود لله (جل جلاله)، أي أعطى المال لليتامى والمساكين وابن السبيل حبا في الله تعالى وابتغاء مرضاته، قال سبحانه: "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا، إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا، إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا، فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا، وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا"، ويقول سبحانه: "هَا أَنتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم".