إن طال بك الزمان، فسترى .....

أخبار
طبوغرافي

إن الحمد لله الذي فطر القلوب على محبته، إن الحمد لله الذي جمع القلوب على مهابته، إن الحمد لله الذي جعل محبته في قلوب عباده، الحمد لله الذي وثّق عرى المحبة بين المؤمنين، وجعل لهم ودًّا في الأرض، وجعل لهم ودا في السماء.

والصلاة والسلام على خير الأنبياء، وسيد الأزكياء، وإمام النبلاء وخير الأخيار، وسيد الأبرار، وإمام دار القرار، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الأخيار.

 هذا هو الدرس الثلاثون، وكنت أتحدث عن النبوءات، التي تنبأ بها النبي صلوات ربي وسلامه عليه، بما يوحى إليه، وكلها حدثت، وفي الدرس الأخير الدرس التاسع والعشرين، حدثتكم عن الأزمان الصعبة التي رأينا بعضًا من مظاهرها، والأزمان التي ستأتي في تاريخ الأمة، وفي تاريخ العالم، وإنها حادثة لا ريب في ذلك كما ذكر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، وهذا الدرس وعدتكم به في ختام الحلقة الأخيرة، قلت لكم أتمنى أن أقدم لكم درسًا بعنوان: "إن طال بك الزمان، فسترى عهودًا غير العهود، وسترى بشرًا قلوبهم بخلاف ألسنتهم" أنا اقتبست هذه الجملة التي هي عنوان درس الليلة من قول النبى صلى الله عليه وسلم، لعديّ بن حاتم الطائي قبل أن يسلم، لإن طال بك الزمان، لترين كذا، وكذا، وكذا، يقول عدي بن حاتم كما حدثتكم، في الدرس الخامس والعشرين: كل ما قاله النبي تحقق، ورأيته بنفسي، لكن الأخيرة لم أرها، وهي الثالثة، قال له النبى صلى الله عليه وسلم: لإن طال بك الزمان لترين كذا، وكذا، قال كل ما قاله النبي رأيته، إلا الثالثة، وهى أن الرجل يخرج بالمال أو بزكاته يدور بها على الناس، فلا يجد من يأخذها، فيعود بها إلى بيته، أو إلى بيت المال، قال لم أر هذا، لكن هذا الأمر تحقق كما قلت لكم في عهد الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه.

لإن طال بك الزمان، الكلام الآن لكم، وإني في هذا الدرس سأجمع لكم الكثير مما سيأتي من أمور صعبة، أو أمور مبشرة، إن طال بكم الزمان، ماذا ستشاهدون؟ إن طال بك الزمان، سترى الناس يعتبرون الزكاة مغرمًا، والزنا زيارة، يا حبيب الله هذان الأمران حدثا في أمتك ولا حول ولا قوة إلا بالله. ومن هذه الأشياء التى أخبر النبى صلى الله عليه وسلم برؤيتها إن طال الزمان بالناس:

كثرة الشح، واستحلال الزنا والخمر:

كثير من الناس يتخذون الزكاة مغرمًا، أي أنها تؤدي بهم إلى الدَّين، وتُعجّل بفقرهم، وعاد الناس إلى أخلاق الأعراب، الذين تحدّث القرآن عنهم في خواتيم سورة التوبة، لا تقوم الساعة حتى يتّخذ الناس الزكاة مغرم .

وحتى يكون الزنا زيارة، معذرة، ذكرنا ظاهرة الذين يمارسون الزنا في الشوارع، والناس يمرّون عليهم، ولا يجرأ أحد أن يقول له هذا حرام، إنما الناس يتحدثون معهم بلغة الاستحباب، هلّا واريتها خلف هذا الجدار؟ الأمر عادي افعل ما تريده، لكن ليس أمام الناس.

الزنا زيارة، أي يزور الرجل امرأة في الحرام، كما يزور أخته أو زوجته، أو أمه ولا تفريق بين حرام أو حلال.

وهذه الظاهرة ظاهرة مؤلمة، وكنت لا أحب أن أتكلم فيها، انتشار الزنا في العالم الإسلامي، وجود بيوت دعارة مصرح بها من قبل بعض الحكومات، وجود حانات لشرب الخمر، وجود أماكن سلمكم الله تعالى تمارس فيها الفاحشة، وفنادق تمارس فيها الفاحشة بتصريحات رسمية من دول عربية وإسلامية، كل هذا موجود يا رسول الله.

محلات لبيع الخمور، موجود يا رسول الله، وهناك أسماء لا أستطيع أن أذكرها، أسماء معينة لأماكن معينة، يأوي إليها الناس لممارسة الفاحشة، أصبح الزنا زيارة، لإن طال بك الزمان، فلن ترى أحدًا يخرج الزكاة، وسترى الناس يتخذون الزنا زيارة، ولم يعد هناك حلال أو حرام.

التصديق بالمنجمين والدجالين، والحظّ:

لإن طال بك الزمان، سترى الناس يصدقون بالنجوم والكواكب، وعلم الفلك، لا يفعل شيئًا إلا بعد أن يسأل المنجمين والكذابين والدجالين.

صدقت يا رسول الله هكذا كان الناس في الجاهلية، يستقسمون بالأزلام، عاد هذا الأمر الآن جليا يا حبيب الله، وصار الناس يصدقون بالنجوم، لإن طال بك الزمان، لن ترى عالمًا صادقًا مع الله، سيموت العلماء، ويبقى السفهاء، يضللون الناس، ويدورون في فلك هؤلاء الذين ذكرناهم في الدرس الماضي، وهم الرويبضة، يخرجون فتاوى على حسب أهوائهم، وحدث هذا يا حبيب الله.

ضياع العهود والمواثيق:

لإن طال بك الزمان، فإنك سترى الناس وقد مرجت عهودهم كما قال النبى النبى صلى الله عليه وسلم في رواية أوردها رزين: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : " كيف بكم وبزمان تُغَرْبلُ الناس في غَرْبلة، ثم تبقى حُثَالَة من الناس، قَدْ مَرِجَتْ عُهُودهم وأماناتُهُم، واختلفوا هكذا _ وشبك بين أصابعه _ قالوا: كيف بنا يا رسول الله؟ قال: " تأخذون ما تعرفون، وتذَرون ما تُنكِرون، وتُقْبِلون على أمرِ خاصَّتكم، وتذَرون أمر عامَّتكم "  وقد مرجت عهودهم، أي لم يبق هناك أحد صادق مع الله، من النادر أن ترى أحدًا صادقًا مع الله تعالى، ماذا أنت فاعل إن طال بك الزمان ورأيت الناس لا عهد لهم؟ يتكلمون بالكلمة ليلا، ولا يوفون بها نهارا، ويتكلمون بها نهارًا، ولا يوفون بها ليلا، كيف بك عندما تمرج عهودهم؟ ماذا أنت فاعل؟ هذه أزمان الفتن التي أحدثكم عنها الآن، ماذا أنت فاعل إذا أدركت هذه الأزمنة التي يكثر فيها الفتن.

كيف بك إن طال بك الزمان، ورأيت ابنك، أو ابنتك سيدًا عليك؟ كيف بك إن طال بك الزمان وصرت تحت امرة ابنك، أو زوج ابنتك؟ ماذا أنت فاعل؟ الناس الكبار تذهب هيبتهم، يضيعون بين أرجل الشباب، وتكون الأمور في أيدي الصغار، أما الكبار فلا يتكلمون، وإن تكلموا سيقال لهم لقد أصبحتم مخرفين، والزمان ليس بزمانكم، حدث هذا يا حبيب الله.

اللهم إني أعوذ بك من ولد يكون علي سيدًا.

كثرة المنافقين:

لإن طال بك الزمان سترى وجوهًا بخلاف الوجوه التي تراها الآن، سترى أناسًا يبدو لك من ظاهرهم أنهم يخافون الله، ولكنهم في حقيقة أمرهم إذا خلوا إلى أنفسهم وإلى شياطينهم، فإنهم لا يعرفون حرامًا، ولا حلالًا.

 لإن طال بك الزمان، سترى هؤلاء الذين يخافون الله عزّ وجل في الظاهر، ويتكلمون بقال الله وقال رسول الله، ولكن عندما يتعرضون للفتن فإنهم لا يعرفون الله ولا رسوله.

لقد رأينا هؤلاء يا حبيب الله صلوات ربي وسلامه عليك، رأينا قومًا ألسنتهم أحلى من العسل، وأفعالهم أمرّ من الحنظل، وقلوبهم أغلظ من الحجارة، يستقبلك بكلام طيب، لكنه من داخله مليء بالقسوة والجبروت، ولا يريد خيرًا لأمة الإسلام، إنما يقول بلسانه ما ليس في قلبه،  قلوبهم صدأة، قلوبهم مليئة بالحقد يا حبيب الله صلى الله عليك وسلم.

ويقول النبى صلى الله عليه وسلم: يأتي على أمّتي زمان لا يدري الرجل هل ماله من حرام أم ماله من حلال، أي يستوي عنده الحرام والحلال. يعمل أعمالًا كلها محرمة عند الله سبحانه وتعالى، لكنه يعتقد أنها حلال.

لإن طال بك الزمان، سترى أناسًا لا يعرفون كلمة "الله"، الله ليس في حياتهم، هم من جلدتكم، وأسماؤهم كأسماءكم، وهم من أهلكم أيضًا، لكن الله ليس في حياتهم، لا يبالون بحرام أو بحلال.

الله ليس في حياتهم، لإن طال بك الزمان، سترى هؤلاء الذين لا يعرفون الله يتهكّمون على من يصلي، { إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ } يعتبرون الحجاب والنقاب واللحية شيئًا ساخرًا، وقد حدث هذا يا حبيب الله فى أمتك، وسيأتي ما هو أصعب من هذا.

ظهور الخسف والمسخ:

وعن ابن عباس - رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "والذي نفس محمد بيده ليبيتن ناس من أمتي على أشر وبطر ولعب ولهو فيصبحون قردة وخنازير باستحلالهم المحارم واتخاذهم القينات وشربهم الخمر وأكلهم الربا ولبسهم الحرير"

 

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "والذي بعثني بالحق لا تنقضي هذه الدنيا حتى يقع بهم الخسف والمسخ والقذف قال: ومتى ذلك يا نبي الله؟ قال: إذا رأيت النساء قد ركبن السروج وكثرت القينات وشهد شهادة الزور، وشرب المسلمون في آنية أهل الشرق الذهب والفضة، واستغنى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، فاستذفروا واستعدوا وقال هكذا بيده وستر وجهه"

ولقد حدث ذا يا رسول الله صلى الله عليك وسلم.

وعن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "يكون في أمتي خسف ومسخ وقذف" 

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تقوم الساعة حتى يكون في أمتي خسف ومسخ وقذف" 

وعن أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يعزف على رؤسهم بالمعازف والمغنيات يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير"

 وعن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "يمسخ قوم من هذه الأمة في آخر الزمان قردة وخنازير، قالوا يا رسول الله: أليس يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؟ قال بلى ويصومون ويصلون ويحجّون، قيل: فما بالهم؟ قال: اتخذوا المعازف والدفوف والقينات، فباتوا على شربهم ولهوهم فأصبحوا وقد مُسخوا قردة وخنازير"

وعن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: ليبيتن قوم من هذه الأمة على طعام وشراب ولهو فيصبحوا وقد مسخوا قردة وخنازير"

هدم الكعبة في آخر الزمان:

وعن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة، ويسلبها حليها ويجردها من كسوتها، ولكأني أنظر إليه أصيلع أفيدع يضرب عليها بمسحاته ومعوله"

 

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "في آخر الزمان يخرج ذو السويقتين من الحبشة على الكعبة قال حسبت أنه قال فيهدمها"

 وعنه - رضي الله عنه - قال: "ذو السويقتين من الحبشة يخرب بيت الله"

ومن علامات قرب قيام الساعة أن يندرس الإسلام وتنمحي تعاليمه ومظاهره بسبب الفتن والمعاصي والجهل، فلا يبقى في الناس صيام ولا صلاة ويرفع القرآن من صدور الناس فلا يبقي في الأرض منه آية ويشيع الجهل في الناس حتى يقول الشيخ الكبير والعجوز: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة ( لا إله ألا الله ) فنحن نقولها.

عن حذيفة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يدرس الإسلام كما يدرس وشيء الثوب حتى لا يدرَى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة، ويسرى على كتاب الله في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية، وتبقى طوائف من الناس الشيخ الكبير والعجوز يقولون أدركنا آباءنا على هذه الكلمة لا إله إلا الله فنحن نقولها"

ولما حدث حذيفة رضي الله عنه بهذا الحديث تعجب الناس حوله، فقال صلة بن  زفر الراوي عنه: "يا حذيفة فما تُغني عنهم  لا إله إلا الله  وهم لا يدرون ما صيام ولا صدقة ولا نسك؟ فأعرض عنه حذيفة فرددها ثلاثًا كل ذلك يعرض عنه حذيفة ثم أقبل عليه في الثالثة فقال: يا صلة تنجيهم من النار"

(يدرس):أي يزول ويمحي فلا يبقى منه شيء والمعنى تزول من بين الناس شعائره  الظاهرة.

(وشيء الثوب): أي النقش والزخارف التي ترسم على الثوب فتزول مع كثرة الاستعمال والغسل.

(يسرى على القرآن): أي يرفع القرآن من الصدور والمصاحف لما يهمله الناس ولا يتلونه ولا يتبعونه.

وهذه العلامة لم تظهر بعد فالدين الإسلامي في مد وانتشار والحمد لله.

ومن علامات الساعة أن ينتفخ الهلال ويكبر:

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أشراط الساعة انتفاخ الأهلة، حتى يُرى الهلال لليلته، فيُقال: هو لليلتين"

عن الشعبي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من اقتراب الساعة أن يُرى الهلال قبلا، فيُقال: ابن ليلتين".

عن الشعبي: "من اقتراب الساعة أن يُرى الهلالُ ابنَ ليلةٍ كأنه ابنُ ليلتين"

والعلم الحديث قد أثبت هذا قبل عدة سنوات في برنامج فهل من مدكر.

ظهور المهدى المنتظر:

لإن طال بك الزمان، سترى أن أمر هذه الأمة سيعود إلى رجل من أهل بيت النبى صلى الله عليه وسلم، وهو المهدى المنتظر.

في آخر الزمان يخرج خليفة راشد من أهل البيت يؤيد الله به الدين ويملك سبع سنين، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، تنعم الأمة في عهده نعمة لم تنعمها قط ؛ تخرج الأرض نباتها وتمطر السماء قطرها، ويعطى المال بغير عدد. ويسمى بالمهدي. في زمانه تكون الثمار كثيرة، والزروع غزيرة، والمال وافر والسلطان قاهر، والدين قائم والعدو راغم، والخير في أيامه دائم .

والمهدي هو رجل يخرج في آخر الزمان من نسل الحسن بن علي رضي الله عنهما. اسمه محمد واسم أبيه عبد الله. وسمي الفاطمي المنتظر لأنه يخرج من ذرية فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. هو من الأنصار يعيش جلّ حياته في المدينة المنورة في ظل الخلافة الراشدة. ويستولي على الشام حاكم فاجر فيهرب المهدي إلى مكة فيتبعه الناس ويبايعونه مكرهاً فيبعث حاكم الشام عليه جيشاً فيخسف الله بذلك الجيش في بيداء المدينة فيعلم المسلمون بأنه المهدي المنتظر فيبايعه أبدال الشام وعصائب العراق فتتم له البيعة والخلافة الراشدة ويحكم العرب كلهم من عاصمته دمشق. وفي زمانه يقود المسلمين إلى نصر عظيم على الروم النصارى (الأميركان والأوربيين) في حرب تسمى الملحمة الكبرى. تدوم تلك الحرب ستة سنين من أعظم الحروب في تاريخ البشرية. يموت فيها معظم الرجال حتى يكون الرجل الواحد قيماً على خمسين امرأة. يفتح الله على يده روما عاصمة النصرانية. وفي السنة السابعة يخرج المسيح الدجال اليهودي (مهدي الرافضة) فيَصل إلى أصفهان في إيران فيتبعه منها سبعون ألف يهودي (لاحظ أن الرافضة يعتبرون من اليهود). ويجوب الأرض كلها إلا مكة والمدينة ثم يحاول أن يغزو دمشق عاصمة الخلافة فينزل المسيح عيسى بن مريم على المنارة البيضاء شرقي دمشق (نظنها منارة الجامع الأموي) فيتبع الدجال ويقتله في فلسطين ويقتل المسلمون اليهود كلهم. ثم يكسر عيسى بن مريم الصليب ويقتل الخنزير ويدعو الناس للإسلام فعندها لا يبقى إنسان على سطح الأرض إلا ويدخل الإسلام. ويموت المهدي ثم يحكم بعده عيسى بن مريم عليه السلام ويعم السلام على الأرض قاطبة.

صدق رؤيا المؤمن من علامات الساعة:

الرؤى والأحلام في المنام لها معان و أحكام منها ما هو صادق كفلق الصبح ومنها ما هو كاذب ومنها أضغاث أحلام وأحاديث نفس وقد

أخبر البني صلى الله عليه وسلم أخبارا عن الرؤى تتعلق بأشراط الساعة وعلاماتها، والرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزء من النبوة، فعن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يبقى بعدي من النبوة شيء إلا المبشرات" قالوا : يا رسول الله وما المبشرات؟ قال: "الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو ترى له "

وصدق الرؤيا وكونها بشارة للمؤمن هي علامة على قرب الساعة ونهاية العالم حيث تكون الرؤيا أكثر صدق ومطابقة للواقع والمؤمن أكثر صلاحا وغربة بين الناس، وكأن الرؤيا أنيس له لما أصبح غريبا بين الناس فقلما تكذب رؤياه.

قال صلى الله عليه وسلم : "إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب وأصدقكم رؤيا أصدقكم، حديثا ورؤيا المسلم جزء من خمس وأربعين جزءًا من النبوة والرؤيا ثلاث: فالرؤيا الصالحة بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشيطان، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه، فإن رأى أحدكم ما يكره فليقم ولينفل، ولا يحدث بها أحدًا من الناس، وأحب القيد من النوم أكره الغل القيد ثبات الدين"

قال الحافظ بن حجر: "معنى كون رؤيا المؤمن في آخر الزمان لا تكاد تكذب : أنها تقع غالبا على صفة واضحة المعنى لا يحتاج معها إلى  تعبير فلا يدخلها الكذب بل تكون صادقة غير كاذبة لأنها طابقت الواقع بخلاف الرؤى الأخرى فإنها قد يخفى تأويلها فيعبرها العابر فلا تقع كما عبر، فتكون كاذبة غير صادقة، والحكمة في اختصاص ذلك بآخر الزمان أن المؤمن في ذلك الوقت يكون غريبًا، كما في الحديث: "بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا.

تقارب الزمان:

 

ومن أشراط الساعة استكمالاً لما سبق: تقارب الزمان، روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان)).

وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان، فتكون السنة كالشهر، ويكون الشهر كالجمعة، وتكون الجمعة كاليوم، ويكون اليوم كالساعة، وتكون الساعة كاحتراق السعفة)) رواه الإمام أحمد بسند صحيح.

ما معنى تقارب الزمان؟ معنى تقارب الزمان، قلة بركة الزمان، كما سمعتم في الحديث تكون السنة كالشهر، تمضي عليك السنة ولم تفعل شيئاً، ولم تنجز عملاً يذكر، كأنه شهر، والشهر يقل بركته، فيصير كالأسبوع، والأسبوع كاليوم، واليوم كالساعة، والساعة كاحتراق السعفة، كم يستغرق وقت احتراق السعفة، بضع دقائق، الساعة بركتها كالدقائق والله المستعان.

وهذا أيها الأحبة، يشعر به العقلاء من الناس، وأهل العلم، والفطنة، وأصحاب العقول الراجحة، والأذهان الصافية، أما فسقة الناس وجهالهم، وأصحاب الهمم الدنيئة، وأصحاب الشهوات العاجلة، فهؤلاء لا يشعرون بشيء، إن هم إلا كالأنعام، همّ الواحد أن يملأ بطنه من الطعام والشراب ويستمتع ويقف عند ذلك. يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم .

من علامات الساعة تقارب الزمان وقلة البركة:

ما السبب أيها الأحبة في تقارب الزمان؟ وما هو السبب في قلة بركة الوقت؟ وأظن أن الكثيرين منكم فعلاً يشتكي من هذه القضية، يمر عليك اليوم، واليومان والشهر والسنة، والإنجاز قليل، والعطاء ضعيف، السبب هو ظهور الأمور المخالفة للشرع في حياة الناس الخاصة، وفي مجتمعاتهم، إنه من الغلط ربط قلة البركة ونزعها من حياة الناس بغير القضايا الشرعية، إن علاقتها المباشرة بالأمور الشرعية ولا غير، يشتكي الناس من قلة البركة في الأوقات كما كان في الماضي، يشتكي الناس من قلة البركة في المال، يستلم الموظف عشرة آلاف أو أكثر، ولا يدري أين ذهب الراتب وفي الماضي كان يأخذ نصف راتبه الآن، ويجد ما يوفر بل ويتصدق، يشتكي الناس قلة البركة في الأولاد، نعم لديك سبعة أو ثمانية من الولد، لكن أين هم؟ ما وجودهم، ما قيمتهم بين الناس؟ هذه وغيرها يشتكي الناس من نزع البركة فيها، والسبب كما قلت أيها الأحبة وأقول، السبب نحن، ضعف إيماننا، وكثرة معاصينا، وجرأتنا على الحرام، كثرة فشو المنكرات في مجتمعاتنا، وقلة المنكرين كل هذا وغيره، عاقبنا الله جل وتعالى، وهذه تعد عقوبة يسيرة، نزع البركة من حياتنا قال الإمام ابن أبي جمرة الأندلسي رحمه الله تعالى: (ولعل ذلك – أي تقارب الزمان – بسبب ما وقع من ضعف الإيمان، لظهور الأمور المخالفة للشرع من عدة أوجه، وأشد ذلك الأقوات، ففيها من الحرام المحض ومن الشبه ما لا يخفى، حتى أن كثيراً من الناس لا يتوقف في شيء ومهما قدر على تحصيل شيء، هجم عليه ولا يبالي، والواقع – والكلام لا يزال له – أن البركة في الزمان وفي الرزق وفي النبت إنما تكون عن طريق قوة الإيمان، واتباع الأمر واجتناب النهي، والشاهد لذلك قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}.

هذا ما بقي يا إخواني، وأخواتي، من عمر الزمان، فاغتنموا فرصة هذه الأيام، وفرصة هذه الدروس، التي أقدمها لكم في آخر الزمان، وإن طال بك الزمان سترى النبي حقا، وترى كلامه حقا..

إخواني وأخواتي، وإن طال بكم الزمان سترون ما أخبر به النبى صلى الله عليه وسلم:

{وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ}

 

من دروس في معية الحبيب لفضيلة الأستاذ الدكتور أحمد عبده عوض الداعية والمفكر الإسلامي