قال "صلى الله عليه وسلم" فيما يرويه عن ربه عزّ وجلّ: "يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعًا،فاستغفروني أغفر لكم"
فالاستغفار هو طلب المغفرة والرحمة والعفو من الرحمن الرحيم .. من غافر الذنب وقابل التوب .. فماذا وجد من فقدك يا
إلهنا؟؟ وماذا فقد من وجدك يا مولانا؟؟ سبحانك، قد خاب من رضي دونك بدلا ...
معنى " الغفار" قال ابن الأثير: في معنى أسماء الله تعالى الغَفّار والغَفور، أي الساتر لذنوب عباده وعُيوبهم، المُتجاوِز عن
خطاياهم وذنوبهم، وأصل الغَـفْـر التغطية، يقال: غفر الله لك غفرًا وغفرانًا ومغفرة، والمغفرة إلباس الله تعالى العفو للمُذنبين.
ذا النون والاستغفار
قال ذو النون المصري: الاستغفار جامع لِمَعانٍ
أولهما: الندم على ما مضى
الثاني: العزم على الترك
والثالث: أداء ما ضيعت من فرض الله
الرابع: رد المظالم في الأموال والأعراض والمصالحة عليها
الخامس: إذابة كل لحم ودم نبت على الحرام
السادس: إذاقة ألم الطاعة كما وجدت حلاوة المعصية
استغفار الأنبياء
جاء الاستغفار على لسان نبينا محمد "صلى الله عليه وسلم": ( فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوه )- .(وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ
يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ).
وعلى لسان هود عليه السلام: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ)
وجاء على لسان صالح عليه السلام: (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ
ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ)
وعلى لسان شعيب عليه السلام (وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ).
وبالاستغفار تزداد الأرزاق.. ويُستكثر من المال والولد.. وتُستمطر الرّحمات
فقد قال جل جلاله على لسان نوح عليه السلام : (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا
* يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا)
المستغفرين بالأسحار
قال أبوسعيد الخدري رضي الله عنه: (بلغنا أن داوود عليه السلام سأل جبريل عليه السلام فقال: يا جبريل أي الليل أفضل؟ فقال:
يا داوود ما أدري إلا أن العرش يهتز في السحر)
وقد أثنى الله تعالى على عباده المستغفرين بالأسحار فقال:
[الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (16) الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ
بِالْأَسْحَارِ (17)]
فهم يدعونه سبحانه تعالى بالأسحار يسألونه ويستغفرونه بخشوع وخضوع. وإنما فعلوا ذلك لأن الأسحار أوقات يتنزل فيها رب
العزة ويفتح فيها أبواب العطاء والجود والرحمة على وجه أكبر وأعظم.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" قال:
يتنزّل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني .فأستجيب له؟ من يسألني
فأعطيه من يستغفرني فأغفر له.
ويروي نافع مولى عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم جميعا: كان ابن عمر يحي الليل صلاة ثم يقول: يا نافع أسحرنا؟
أي هل دخلنا في السحر فأقول لا، فيعاود الصلاة فإذا قلت له نعم: أي دخلنا في السحر قعد يستغفر الله تعالى حتى الفجر.
وروى ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي "صلى الله عليه وسلم" سئل: لم أخّر يعقوب عليه السلام بنيه في
الاستغفار؟ قال: أخرهم إلى السحر؛ لأن دعاء السحر مستجاب
ومن أشدّها رجاء سحر يوم الجمعة
فقد روى الترمذي في حديث طويل عن ابن عباس رضي الله عنهما - وفيه يقول صلى الله عليه وسلم: (وقد قال أخي يعقوب
لبنيه: "سوف أستغفر لكم ربي" يقول: وأخرهم حتى تأتي ليلة الجمعة)
وروى أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
أمرنا رسول الله "صلى الله عليه وسلم" أن نستغفر بالأسحار سبعين استغفارة- خاصة في ليلة الجمعة
وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه بلغنا أن داوود عليه السلام سأل جبريل عليه السلام فقال: يا جبريل أي الليل أفضل؟
فقال: يا داوود ما أدري إلا أن العرش يهتز في السحر.