يتعلق بهذا الأدب (عفة اللسان والقلم) مسألة (السب)، وهى فى ذاتها ليست محمودة شرعا، فالمؤمن ليس سبابًا، ولا لعانًا، والقرآن ينهى عن سب الأصنام خشية أن يثير ذلك المشركين، فيسبوا الله تعالى دفاعًا عن آلهتهم كما ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم) الأحاديث تنهى عن السب منها:
(لا تسبوا أصحابى فوالذى نفسى بيده، لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبًا، ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه)[ متفق عليه].
(لا تسبوا الأموات، فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا)[ رواه البخارى].
(لا تسبوا الدهر، فإنه الله هو الدهر)[ رواه مسلم].
وأعجب هذه الأحاديث قول النبي الكريم): (لا تسبوا الشيطان وتعوذوا بالله من شره).
حتى الشيطان الرجيم لا ينبغى أن نشتغل بسبه، ولكن نتعوذ بالله من شره؛ لأن السب عمل سلبي، والاستعاذه من شر الشيطان عمل إيجابى.ثم إن عدم السب واللعن مطلقا لا يحمل أية مسئولية، فليس سب الأشرار أو الكفار ولعنهم واجبًا دينيًا، إذا لم يقم به المكلف كان معاقبًا عليه أمام الله. وروى عن ابن عمر أنه قال: أبغض الناس إلى الله كل طعان لعان.
وأخرج الترمذى فى البر والصلة والبيهقى فى شعب الإيمان أن النبي الكريم قال: (ليس المؤمن بالطعان ولا باللعان، ولا الفاحش ولا البذيء).فالحوار لابد أن يكون خاليا من الاستفزاز وجرح المشاعر. قال تعالي ( وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125] حيث يشمل التوجيه فى الآية كل ما يتعلق بالجدال، ويرتبط به ويرافقه ويصاحبه من قول وفكر وعمل هذا نظريا. أما تطبيقيًا فنجد مثلًا فى القرآن الكريم: وصف الله الصديقين فى قصة أصحاب الجنة [32-43 سورة الكهف] بالصاحبين رغم ما بينهما من اختلاف فى العقيدة، فالصحبة تفيد انتفاع أحد الصاحبين بالآخر ولهذا يستعمل فى الآدميين خاصة، وفى قوله تعالى فى سورتى الأعراف وهود وغيرهما (وإلى عاد أخاهم هودًا) فنبى الله هود -عليه السلام- أخ فى الإنسانية لقوم عاد رغم اختلاف العقيدة، وهذا كثير جدًا فى القرآن الكريم.وهذا الأدب لم يلتزم به خصوم الأنبياء فى حوارهم معهم، فنجد خصوم الأنبياء يعمدون إلى تحقير النبى وأشياعه والاستهزاء بهم مثل[سورة هود:27] ويجب التنبيه على: أنه مهما كان الآخر على ضلال فإن ذلك لا يمنحنا الحق أن نستهزئ به أو أن نخرق قواعد الأدب معه من تحقير وازدراء، ووسم بالجهل أو قلة الفهم وما يتبع ذلك كالتبسم والضحك والغمز والهمز واللمز.