كيف يكون صوم المسلم مقبولا

محاضرات
طبوغرافي

بقلم أ.د.أحمد عبده عوض
الداعية والمفكر الإسلامي الكبير

الشرط الأول والرئيس هو صحة العقيدة وصحة المعتقد وسلامة النية عند عقد النية على الصيام فإذ كان الصائم ذا نية قوية على أن هذا العمل من أهم وأفضل الأعمال إلى الله تعالى،

وأن الله تعالى هو من يجزي بالصوم فإن المسلم تَبرأ ذمته وساحته من أي المعوقات التي تؤدي إلى عدم قبول الصيام، فالنية والعقيدة من أهم أركان الإيمان،

ولا بد أن يعرف الصائم أنه يتاجر مع الله تعالى في أسمى العبادات وأعلاها درجة وأرقاها لأن الصوم ذو مكانة عالية عند الله تعالى والله يقول ( الصوم لي وأنا أجزي به ) ومعنى ان المسلم يصوم لله تعالى أي أنه ليس مرائيا ولا

منافقا ولا يطلب الأجر إلا من الله تعالى، ولهذا إذا كنت على هذه الحالة فاعلم أن الله تعالى لن يخذلك أو يضيعك وأن الصيام سيأتي لك بأفضل أنواع الأجر حتى تكون في قوله تعالى ( فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) أي أن مراتب الإيمان التي تُجمع في الصبر كلها موجودة في الصيام مثل مراتب المجاهدة، مراتب اليقين ومراتب التقوى ومراتب صلاح النفس واستقامة اللسان وعفة القلب وطهارة القلب وعفة الفرج سلمك الله.


وتلك المعاني كلها تأتي بالتقوى والتي لا يُقبل الصيام ولا يُقوم ولا يدوم إلا بها، بمعنى أن الإنسان إذا اتقى الله تعالى في رمضان بلغ مرتبة القبول من ناحية وكانت هذه التقوى في مرتبة إيمانية عالية،

وهي مرتبة عالية ذروة سنامها أن جميع الأخلاق جمعت في الصيام، وبالتالي فإنك تتقي الله تعالى في الصيام ثم يترتب على هذا أن المسلم الصائم الصادق في كل يوم ومرحلة هناك ترقي واعتلاء لمراتب إيمانية عالية، لأن كل يوم تصوم فيه يزيدك إلى الله تعالى قربا وحبا وفضلا وسماحة على الناس.

ويكون النقاء لديك في أعلى درجاته ويظهر هذا في السماح وفي كظم الغيظ وفي الوصول إلى مرتبة الحلم في صيام المسلم ومعاملاته فلا تجده يتأفف أو يشكو حرا أو جوعا أو من طول ليل أو نهار؛ لأن هذه الأمور تحبط عملك أما إذا كنت صابرا محتسبا فقد دخلت في قوله تعالى ( وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ) وقوله تعالى ( إِنِّى جَزَيْتُهُمُ لْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ لْفَآئِزُونَ ) وهكذا فإن الصيام يرتقي بك ويرفعك ويزيك صلاحا على صلاحك.


وكذلك أخي الصائم الكريم من علامات الصوم المقبول أن يكون هذا المسلم ليس مضيعا لحق غيره وليس آكلا لحق غيره فهذا مما يحبط العمل لأن من محبطات العمل أن يكون المسلم ظلوما لغيره، غشوما على غيره آخذا من حقوق الناس.


والأمر الأخير أن المسلم يترقب الأيام الأخيرة بحلاوتها وطلاوتها وجمالها على خلاف ما يفعل الناس في بلادنا أنه حين ياتي رمضان يستقبلونه بقوة وعزيمة وإرادة وبعد أن ينقضي رمضان فإذا بالهمة ضعيفة والقوى الإيمانية متردية إنما ثباتك على الإيمان في رمضان هو دليل على صدق الحال، كما أن اغتنام المسلم في الأيام الأخيرة لرمضان وترقبه لليلة القدر في رمضان وختم رمضان وقيام ليلة العيد وصلاة العيد وزكاة الفطر، كل هذه علامات ومؤشرات على أن الصائم صادق مع الله تعالى في صيامه وأنه في تجارة رابحة ولا تعيقه أيام أو ليالي.