الأستاذ الدكتور أحمد عبده عوض
الداعية والمفكر الإسلامى
ويؤكد الدكتور أحمد عبده عوض أن تغيير المنكر في الإسلام أصله لنا النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: ((من رأى منكم
منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فليغره بقلبه وذلك أضعف الإيمان)، فأساليب تغيير المنكر ثلاثة قد
بينها لنا الحبيب صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث، أما الوسيلة الأولى
وهي التغيير باليد فهذا من شأن الدولة والجهات المختصة،
فلا يجوز لأحد من العامة أن يضرب أحدا أو ينهره على تقصيره في حق الإسلام أو وقوعه في جريمة معينة فهذا يختص به
القضاء وجهات الدولة، أما عامة المسلمين فقد علمهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يغيروا المنكر بالأسلوبين الآخرين باللسان
ويشترط في هذا الأمر أن يكون بأسلوب راق وبحكمة وموعظة حسنة وإلا فلا يجوز سب الناس أو الهجوم الحاد عليهم بدعوى
تغيير المنكر، ومن لم يستطع أن ينصح الناس بقوله أو لم يقبلوا هم نصيحته فيتبقى أمامنا الأسلوب الأخير وهو التغيير بالقلب،
ومعناه أن ينكر المسلم هذا الفعل بقلبه ويعلن أما الله أنه بريء من المنكرات كلها حتى إذا حاسبه الله يوم القيامة لا يكون ذلك في
ميزان سيئاته.
ويضيف أنه في الإسلام يجب الامتناع عن تغيير ما هو منكر إذا كان سيأتي هذا التغيير بفتنة أشد، والنبي صلى الله عليه وسلم
قال فيما رُوي عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لولا حداثة عهد قومك بالكفر
لنقضت الكعبة ولجعلتها على أساس إبراهيم فإن قريشا حين بنت البيت استقصرت ولجعلت لها خلفا))، فالنبي صلى الله عليه
وسلم خشي أن تكون فتنة فآثر أن يبقي الأمر الخطأ، لأنه كان سيترتب على حدوثه أمرا أعظم منه خطورة، فما بالكم بمن يقتل
نفسا مسلمة بريئة بدعوى تغيير المنكر؟ فسكت النبي صلى الله عليه عن المنكر وتركه مخافة ان يحدث منكر أكبر منه.
وصانعو المنكر في بلادنا اليوم هم من قاموا بنشر الخبث والفكر الضار في بلاد المسلمين، وشوهوا عقيدة المسلمين، وأشاعوا
الفكر الفاسد بين كثير من شباب المسلمين، فجعلوهم يتركون بلادهم وأعمالهم وأهلهم، ويذهبون إلى تلك الجماعات الإرهابية
اعتقادا منهم أن هذا جهاد في سبيل الله ولا يدرون أنهم على ضلال كبير، فآلاف من الشباب العرب ذهبوا إلى تلك الجماعات
وشاركوا هؤلاء الإرهابيين، وقتلوا الكثير من المسلمين، وهم مخدوعون لأنهم لم يفهموا حقيقة الدين، ولم يعلموا عن الإسلام
والعقيدة العلم الكاف، فصار هؤلاء صانعي الفتن الكبرى في بلاد المسلمين، وأصبحوا أصحاب أكبر منكر، صنعوه من حيث لا
يدرون أنهم يسيئون إلى الدين.
ولعل هذا الأمر من أمارات الساعة ومن علاماتها فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من أمارات الساعة أن يكثر القتل حتى
لا يدري القاتل كيف قتل، ولا يعلم المقتول فيم قُتل.