السعادة الدائمة بوصايا النبي صلى الله عليه وسلم لكل أسرة مسلمة

محاضرات
طبوغرافي

الأستاذ الدكتور أحمد عبده عوض

الداعية والمفكر الإسلامى

لقد كانت حياته صلى الله عليه وسلم في بيته بين نسائه المثل الأعلى في المودة، والموادعة، والمواتاة، وترك الكلفة، وبذل

المعونة، واجتناب هجر الكلام ومره.

عن الأسود قال: سألت عائشة رضي الله عنها: "ما كان يصنع النبي صلى الله عليه وسلم في أهله؟ "، فقالت: " كان يكون في

مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة قام إلى الصلاة" .

وعن عروة قال: سألت عائشة رضي الله عنها: " ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته؟ "، قالت: " يخصف نعله،

ويعمل ما يعمل الرجل في بيته ".

وعنه أيضا أنها قالت: "ما يصنع أحدكم في بيته: يخصف النعل، ويرقع الثوب، ويخيط".

وعن عمرة قالت: قيل لعائشة: "ماذا كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته؟، قالت: " كان بشرا من البشر؟ يفلي

ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه ".

وعنها رضي الله عنها أنها سئلت: "ما كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته؟ "، قالت: "كما يصنع أحدكم؛

يشيل هذا، ويحط هذا، ويخدم في مهنة أهله"، وفي رواية: " كان صلى الله عليه وسلم يخدم في مهنة أهله، ويقطع لهم اللحم،

ويقم البيت، ويعين الخادم في خدمته.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما قال لي: أف قط ، وما قال لي

لشيء صنعته: " لم صنعته؟ "، ولا لشيء تركته: " لم تركته؟ "؛ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خلقا.

كما جاء عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، وهي جارية، قالت: "لم

أحمل اللحم، ولم أبدن ، فقال لأصحابه: "تقدموا"، فتقدموا، ثم قال: "تعالي أسابقك"، فسابقته، فسبقته على رجلي، فلما كان بعد،

خرجت معه في سفر، فقال لأصحابه: "تقدموا"، ثم قال " تعالي أسابقك"، ونسيت الذي كان، وقد حملت اللحم، وبدنت، فقلت: "

كيف أسابقك يا رسول الله وأنا على هذه الحال؟ "، فقال: " لتفعلن"، فسابقته، فسبقني، فجعل يضحك، وقال: " هذه بتلك السبقة ".
وقال أنس رضي الله عنه في حديثه- عن صفية رضي الله عنها: (.. فكان صلى الله عليه وسلم يحوى لها وراءها بعباءة، ثم

يجلس عند بعيره، فيضع ركبته، فتضع صفية رضي الله عنها رجلها على ركبته حتى تركب).

وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: (جاء أبو بكر يستأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فسمع عائشة رضي الله عنها

وهي رافعة صوتها على النبي صلى الله عليه وسلم، فأذن له، فدخل، فقال: (يا ابنة أم رومان أترفعين صوتك على رسول الله

صلى الله عليه وسلم؟ ، وتناولها أبوها رضي الله عنه (أترفعين صوتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ "، قال: فحال النبي

صلى الله عليه وسلم بينه وبينها، فلما خرج أبو بكر رضي الله عنه جعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول لها يترضاها : "ألا

ترين أني قد حلت بين الرجل وبينك؟"، قال: ثم جاء أبو بكر رضي الله عنه فاستأذن عليه، فوجده يضاحكها، قال: فأذن له،

فدخل، فقال أبو بكر: "يا رسول الله أشركاني في سلمكما كما أشركتماني في حربكما ".

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (ما رأيت أحدا كان أرحم بالعيال من رسول الله صلى الله عليه وسلم) الحديث.

فما صلى الله عليه وسلم في حياته امرأة ولا خادما- وهو الذي يقول: (اتقوا الله في النساء) و (استوصوا بالنساء خيرا) ويقول:

"إني أحرج عليكم حق الضعيفين: اليتيم، والمرأة " ، وكان كأغضب ما يكون إذا سمع بامرأة يضربها زوجها:

فعن عبد الله بن زمعة قال: وعظ النبي صلى الله عليه وسلم في النساء فقال: "يضرب أحدكم امرأته ضرب العبد، ثم يعانقها آخر النهار؟ ".
وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: "ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده، ولا امرأة، ولا خادما،

إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه، إلا أن ينتهك شيء من محارم الله، فينتقم ".

وعن بهز بن حكيم حدثني أبي عن جدي قال: (قلت يا رسول الله نساؤنا ما نأتي منهن وما نذر؟ قال: ائت حرثك أنى شئت،

وأطعمها إذا طعمت، واكسها إذا اكتسيت، ولا تقبح الوجه، ولا تضرب) وفي رواية بزيادة: "ولا تهجر إلا في البيت".

وكان مما سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم الحرص على سرور المرأة في غير معصية فعن عائشة رضي الله عنها قالت:

"كنت ألعب بالبنات عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يأتيني صواحبي، قالت: فكن ينقمعن عن رسول الله صلى الله

عليه وسلم، قال أنس: ينقمعن يفررن، قالت: فكان النبي صلى الله عليه وسلم يسربهن إلي، فيلعبن معي ".

وعنها رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم من غزوة تبوك أو خيبر، وفي سهوتها ستر، فهبت ريح، فكشفت

ناحية الستر عن بنات لعائشة لعب، فقال: "ما هذا يا عائشة؟ "، قالت: " بناتي"، ورأى بينهن فرسا له جناحان من رقاع، فقال:

"ما هذا الذي أرى وسطهن؟" قالت: " فرس"، قال: (وما هذا الذي عليه؟ "قالت: "جناحان"، قال: "فرس له جناحان؟!) قالت:

"أما سمعت أن لسليمان خيلا لها أجنحة؟" قالت: "فضحك حتى رأيت نواجذه"

وعنها رضي الله عنها قالت: "والله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على باب حجرتي والحبشة يلعبون بالحراب

في المسجد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه لأنظر إلى لعبهم، بين أذنه وعاتقه، ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا

التي أنصرف، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن ، الحريصة على اللهو".

وقد دخل صلى الله عليه وسلم على عائشة رضي الله عنها يوم عيد فوجد عندها فتاتين تنشدان أشعارا حربية، ولما لم يكن إلا

بيت واحد فقد استلقى على فراشه، وولى ظهره إليهن، ولما دخل أبو بكر رضي الله عنه وسمع الصوت بالشعر عنف ابنته، فقال

له صلى الله عليه وسلم: " دعهن يا أبا بكر فإن لكل قوم عيدا، وهذا عيدنا "

وقال صلى الله عليه وسلم في خطبة حجة الوداع: "فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة

الله، وفي رواية: "ألا واستوصوا بالنساء خيرا، فإنهن عوان عندكم، ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك، إلا أن يأتين بفاحشة

مبينة" .