الأستاذ الدكتور أحمد عبده عوض
الداعية والمفكر الإسلامى
أيها الأحباب الكرام.. إن الوسواس القهري والاكتئاب له آثار سلبية كثيرة أكثر من أن تحصى،
وهذه الآثار والأضرار لا تصيب
إلا ضعاف الإيمان الذين لم يتمسكوا بدينهم، ولم يلتجئوا إلى ربهم، ولم يستعينوا بالله تعالى،
لأنه لا نجاة لأحد إن لم يستعن بالله
تعالى في كل أمور دينه ودنياه، لأن الحياة كلها والنجاة كلها بـ {إياك نعبد وإياك نستعين}،
فمن عبد الله وجب عليه الاستعانة به.
إن التأثيرات السلبية للوسوسة كثيرة وخطيرة ونذكر شيئا منها لنبصّر الناس بكيفية التعامل مع هذه الوساوس، وكيفية القضاء
عليها والنجاة منها، ومن هذه التأثيرات:
- ضعف الإيمان، إن الهدف الأكبر للشيطان من الوساوس هو انتزاع الإيمان من قلوب الناس، فيبدأ العمل على إضعاف الإيمان
لديهم بكثرة الإرساليات السلبية، والوساوس، حتى يضعف يقين الإنسان، ويستبطئ فرج الله فيصاب بضعف الإيمان.
- عدم تكيف وتوافق الإنسان مع الحياة، إن الوسواس القهري يشتت الإنسان، ولا يزال الشيطان يرسل برسائله السلبية إلى قلب
الإنسان، حتى يجعله رهين هذه الأفكار، فلا يستطيع مواجهتها، فيجد صعوبة في كل حياته، ولا يستطيع التأقلم مع الناس، ولا
يستطيع التكيف مع الحياة، فتجده وحيدا منفردا منعزلا عن الوجود، منطويا على نفسه، غارقا في التفكير، فقد سيطر الشيطان
عليه،
- ضعف اليقين بالله، حيث يظل الشيطان يرسل بأفكاره السلبية إلى قلب الموسوس، حتى يفقده الأمل في نصر الله، فيظن هذا
الشخص أن الله تعالى قد ظلمه، وفضل عليه غيره من الناس، وأنه قد عافى الناس وابتلاه، فيبدأ يتناوبه الشعور باليأس
وبالقنوط، ولا يزال به الشيطان حتى يوقعه في الكفر بالله تعالى _ والعياذ بالله- .
- الضعف وعدم القدرة على مواجهة المشاكل، فالإنسان الموسوس والذي تمكن منه الشيطان، ولم يستعن بالله تعالى، يفقد القدرة
على حل مشكلاته، ويفقد القدرة على تدارك أموره، فيضعف أمام المشكلات الحياتية، ويصير فريسة للشيطان.
- الفشل في العمل وفي كافة جوانب الحياة، يسعى الوسواس من خلال أفكاره وإرسالياته السلبية إلى تعقيد حياة الإنسان، والإلقاء
بالمشاكل فيها، والإيهام بأن الحياة كلها صعبةٌ صعيبة، وأن الإنسان أصغر من أن يقدر على حلّ مشكلاته، وبالتالي يفشل في
عمله، وفي دراسته، وفي كافّة جوانب حياته، حتى إن حياته الزوجية تكون مليئة بالمشاكل والعقد التي يصعب حلها، وتكون
عرضة – هي الأخرى – بالفشل، وبالتالي يصبح الإنسان فاشلا في كل جوانب حياته بسبب هذه الإرساليات والوساوس.
- اليأس والقنوط من رحمة الله، من أهم أهداف الشيطان من وسوسته للناس أن يبعدهم قدر الإمكان عن الله وعن الإيمان بالله،
وأن يضعف إيمانهم، وذلك من خلال إيهامهم أن الله لن يستجيب لهم، ولن ينصرهم، فتبدأ لديهم مرحلة اليأس من رحمة الله،
ومن ثم القنوط من رحمته.
- فقدان لذة وبهجة الحياة، حيث أن كثرة الوساوس تجعل الإنسان كثير التفكير، وتجعله مشتت البال، فلا يهنأ بحياته، ولا يستمتع
بها، وتجده حزينا مهموما طول الوقت، وقد يُصاب بالأرق والاكتئاب المستمر.
- عدم الرغبة في الحياة، إن الوساوس قد تؤدي بالإنسان إلى حالة من اليأس من الحياة، حتى إن كثيرا منهم يكره الحياة ويتمنى
أن يموت من شدة هذه الأفكار التي تنغّص عليه الحياة، ولا تتركه يستمتع بطعام ولا بشراب ولا يهنأ بنوم، فتجد الكثير من
أصحاب الوساوس ممن ضعف إيمانهم يلجاون إلى الانتحار وإنهاء هذه الحياة المليئة بالمتاعب والمشاكل.
- استشعار الإنسان أنه مظلوم، كثير من أصحاب الوساوس والذين سيطرت عليهم الأفكار السلبية يستشعر أن الله تعالى قد
ظلمهم، وفضل عليهم غيرهم، فيرون أنفسهم أقل من غيرهم، وينسون أنهم هم الذين ظلموا أنفسهم، لأن الله تعالى ليس بظلام
للعبيد، قال تعالى: {وما ربك بظلام للعبيد}، وقال تعالى: {إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه
أجرا عظيما}، فإن الله تعالى لم يظلم المرضى ولا الفقراء ولا غيرهم من أصحاب الابتلاءات، وإنما جعل البلاء من أجل مغفرة
ذنوبهم، وإعلاء درجاتهم في الدنيا والآخرة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أحبَّ الله عبدا ابتلاه))، فليفرح أصحاب
الابتلاءات ويعلموا أن الله ما أراد بهم شرا، ولكن أراد أن يكفّر عنهم خطاياهم، وادّخر لهم أجرهم في جنات النعيم، فإنْ غضب
العبد من المرض أو الفقر أو الابتلاءات فإن هذا يعد اعتراضا على قضاء الله وإرادته في خلقه.
- الهمّ والاكتئاب، أول وأكثر ما يصيب صاحب الوساوس الهمّ والغمّ والاكتئاب، فتجد حياته مليئة بالمشاكل، فيصبح شارد
الذهن، مشت البال، قد ملأ حياته بالهم والغم والاكتئاب من حيث لا يدري، فيعتزل الناس ويصاب بالخوف الشديد من المواقف
الاجتماعية.
- الأرق وعدم النوم من كثرة التفكير، أمر طبيعي أن الإنسان مشوش الذهن، مشتت الفكر أن يصاب بالأرق وعدم النوم، فتجد
أحدهم يمضي الأيام الطوال ولا يستطيع أن ينام لساعات معدودة، مما يؤثر على صحته وعلى تفكيره، كما يؤثر على عمله
ودراسته إذا كان طالبا للعلم.
- سيطرة وتغلب الشعور بالفشل، كلما همّ الإنسان المخدوع بالأفكار السلبية أن يقدم على عمل معين انتابه شعور بأنه لن ينجح،
وأنه سيفشل، ويظل الشيطان يرسل إليه إرساليات بعدم إكمال الأعمال لأنها لن يحققها، ولن يحالفه الحظ، فكثير من الناس يفشل
في عمله ووظيفته أو يفشل في دراسته بسبب هذه الإرساليات السلبية.
- الإصابة بالضعف، يصاب الشخص الموسوس بالضعف من كل النواحي الحياتية، فينتابه الضعف الجسدي، والضعف النفسي،
ويصاب بضعف الشخصية في المواقف الاجتماعية، وكل ذلك بسبب الاستسلام للشيطان وعدم المواجهة، وعدم الاستعانة بالله،
انظروا إلى إبراهيم عليه السلام عندما أراد به قومه كيدا، وأوقدوا له نارا عظيمة سدّت ما بين السماء والأرض، فلما التجأ إلى
الله واستعان بالله حرقت النار قلوبهم، ولم تمسسه بأي أذى، لأن يقينه بالله كان قويا، قال تعالى: {قلنا يا نار كوني بردا وسلاما
على إبراهيم * وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين}.