تشير كثير من البحوث العلمية إلى أن الضوء المنبعث من شاشات العرض سواء للأجهزة الذكية، أو التلفزيونات وخصوصا أثناء الليل، يمكن أن يحد من قدرة البدن والعقل على الاسترخاء المطلوب قبل الخلود للنوم، نتيجة تثبيط إفراز «الميلاتونين» المحفز على النعاس والمساعد على النوم.
وتوضح الدراسات أن تقنية الاتصال والمعلومات بمختلف أنواعها قد أوصلت بعض الناس حد الإدمان السلوكي، فخاصية الاتصال الدائم بالإنترنت جعلت من السهل تصفحها حتى على فراش النوم مقابل التعرض لآثارها السلبية، كالاستيقاظ المتأخر، والشعور بالخمول عند الصباح، نتيجة للتأرق أثناء الليل.
وهذا ما حدا ببعض الخبراء في «مجلة النوم والنمط الحيوي» إلى التحذير من أن التعرض المفرط لهذه الوسائل قبل الخلود للنوم، يؤدي إلى زيادة أعداد الشاكين من الأرق المزمن والحرمان من عدد ساعات النوم المطلوبة أثناء الليل، فضلا عن بعض الدراسات التي ربطت بين قلة إفراز هرمون «الميلاتونين» وأمراض السمنة وارتفاع الضغط وداء السكري، وحتى السرطان.
وينصح خبراء اضطرابات النوم، بترشيد استخدام هذه الوسائل، ويؤكدون على الاهتمام «بساعة خفض الطاقة» قبل الخلود للنوم، واللجوء إلى أجواء نفسية وذهنية، أو تصفح كتاب خفيف، أو ممارسة تمارين الاسترخاء، أو التمتع بحمّام دافئ وعطورات الأروما، وتجنب التدخين والكافيين، فهي أمور تساعد على الهدوء وخفض مستوى التوتر، والاسترخاء والنوم الهادئ.
وأضافت أن الدراسات الأولية على أثر الحرمان الحاد والمزمن من النّوم تعود لأكثر من عقدين، أجريت على الفئران وانتهت بموت جميع الفئران، الذين حرموا عمدا من النوم تماما وبشكل حاد، بعد عدة أيام وذلك بسبب مضاعفات خطيرة ظهرت على شكل هزال شديد، وتقرّحات في الجلد، واختلال في عملية التمثيل الغذائي، تطورت إلى تسمم بكتيري بالدم، نتيجة انهيار نظام المناعة. ثم تلتها دراسات طبية على الإنسان، حرم في إحداها من النوم حرمانا قهريا مستمرا لمعدل 5 إلى 10 أيام فقط، نظرا لنوبات النوم القهري التي انتابت الأشخاص تحت التجربة، بعد أعراض الهلوسة، واضطراب الأعصاب، وسوء التركيز.
والإنسان البالغ يحتاج إلى معدل (7 - 8) ساعات من النوم في اليوم والليلة حتى يستطيع القيام بجميع وظائفه الحيوية على أكمل وجه. ويزيد هذا العدد إلى (16) ساعة بالنسبة للأطفال الرضع، ويقل إلى نحو (5 - 6) ساعات بالنسبة لكبار السن (فوق 65 عاما).
ومن أكبر أهم مضاعفات عدم النوم السليم: تعكّر المزاج، وقلة التركيز، وسوء الذاكرة قصيرة الأمد، وصعوبة إعطاء الآراء السديدة، إضافة إلى زيادة النّعاس والنوم القهري أثناء النهار. بالإضافة إلى زيادة الوزن. حيث أشارت عدة دراسات إلى ارتباط قلة النوم بفرط الوزن لدى الأطفال والكبار، وكذلك اختلال هرمونات الشبع والجوع، وهرمون الكورتيزول، واضطرابات التمثيل الغذائي، وحقيقة أن المحروم من النوم لساعات طويلة، يجد وقتا أكثر وشهية أكبر لتناول مزيد من السعرات الحرارية وتخزينها على هيئة شحوم.
كما أظهرت بعض الدراسات أن قلة النوم المزمن تؤدي إلى تراكم مادة «الأميلويد» في أنسجة المخ. مما يسبب الإصابة بأمراض «ألزهايمر» والذي يعد أحد الأمراض العصبية الذهنية المزمنة، حيث يحد من قدرة المخ على القيام بوظائفه الذهنية الضرورية للحياة.
وتؤكد تلك الدراسات أن التخلص من الآثار الخطيرة لقلة النوم الحادة أو المزمنة غير ممكنة إلا بالنّوم السليم وأخذ القسط الكافي من راحة البدن أثناء ساعات الليل، فتجنب التدخين، والتقليل من تناول المنبهات ومشروبات الطاقة، وتجنب أسباب السهر والتوتر بالليل، كتجنب الانشغال بالهاتف النقال، وشبكات التواصل الاجتماعي، وانتظام ساعات النوم والاستيقاظ حتى أثناء الإجازات، واعتبار النوم واحدا من أهم الأولويات في خضم حياتنا الاجتماعية، والتي يجب احترام مواعيده بصفة يومية، يعد من أهم أسباب النوم الصحي والسليم.