نَسَمَاتٌ لُغَويَّةٌ: كلمة: إيوه، وأيوه

شعر وشعراء
طبوغرافي

أ.د/أحمد عادل عبد المولى

أستاذ البلاغة والنقد الأدبي المساعد،

بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا

images (5)

اللغة كائن حيّ، تحيا على ألسنة الناس، ويحيا بها الناس أيضًا؛ إذ إنها وسيلة التواصل بين البشرية جميعًا، ولذلك أشبهت الهواءَ الذي لا غنى للإنسان عنه، ومن هنا يأتي هذا المقال بعنوان "نسمات لغوية"، نسعى فيه جاهدين لتقديم فائدة لغوية في لغتنا العربية.


ولأن اللغة كائن حي؛ فكثيرًا ما نستخدم في حياتنا اليومية تعبيراتٍ وألفاظًا نعتقد أنها منبتّة الصلة عن الفصحى، ولكنها في الحقيقة من أصل فصيح في لغتنا العربية.

من هذا كلمة (إيوه، وأيوه) التي نستخدمها في عاميتنا للدلالة على الموافقة في الإجابة، أي أنها بمعنى: نعم.

وهذه الكلمة جاءت مقتطعة من كلمتين هما: (إي والله)، و"إي" حرف إيجاب بمعنى: نعم، وقد ورد في قول الله تبارك وتعالى في الآية (53) من سورة يونس: "وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ".

وقال في تفسيرها الإمام الزمخشري في كشافه: "وإِي بمعنى «نعم» في القسم خاصة، كما كان «هل» بمعنى «قد» في الاستفهام خاصة. وسمعتهم يقولون في التصديق: إيوَ، فيصلونه بواو القسم ولا ينطقون به وحده". وزاد شهاب الدين الخفاجي في شفاء الغليل فيما في كلام العرب من الدخيل: "والناس تزيد عليها هاء السكت".

و تفسير ذلك أننا قد عرفنا أن الكلمات تبلى وتُقص أطرافها من كثرة الاستعمال، ثم تنحت كلمة واحدة من كلمتين أو عدة كلمات، وهذا ما حدث هنا، حيث حذُف لفظ الجلالة للعلم به، وبقيت واو القسم، ثم زيدت هاء السكت في آخر الكلمة، فصارت من (إي والله): (إيوَ)، ثم: (إيوه)، وهذا النطق الأقرب للفصحى هو المستخدم في عاميتنا الجنوبيّة عند أهل صعيد مصر، ثم حدث تعديل لها في شمال مصر، فنطقوا الهمزة بالفتح لا بالكسر، فصارت: (أيوه).

ومن الجدير ذكره أن التركيب القسمي: (إي والله) حدث له تطور آخر في العاميّة السعودية الشقيقة وعندنا نحن أيضًا، نقدمه في المقال القادم إن شاء الله تعالى.